محمد عبدالسميع (الشارقة)
انطلق العلماء المسلمون الأوائل والمهندسون لفهم العالم مدفوعين بحوافز دينية، وكانت كل مفردة من المعرفة يحصلون عليها تدفعهم خطوة باتجاه تحقيق حياة طبيعية، فقد درسوا واختبروا، ثم استخدموا المعرفة التي حصلوا عليها بالجهود الحثيثة في حل المشاكل بطريقة علمية، وصنع أجهزة عملية لتسهيل كل شيء من الري إلى الطهي، ومن ذلك مصباح لا تطفئه الرياح، يعرضه متحف الشارقة للحضارة الإسلامية في صالة ابن الهيثم للعلوم والتكنولوجيا.
وتقول انتصار العبيدلي، أمين متحف الشارقة للحضارة الإسلامية، إن المهندسين المسلمين صمموا هذا المصباح الذي يتضمن شراعاً من النحاس، يميل بعيداً عن اتجاه الرياح لإبقاء الشعلة متقدة، مشيرةً إلى أنه تم وصف هذا المصباح في «كتاب الحيل»، الشهير، الذي نشره «أبناء موسى» عام 850م، وهم ثلاثة أخوة: أحمد، ومحمد، وحسن بن موسى بن شاكر، الذين وثّقوا توصيف مئة من الأجهزة وكيفية استعمالها.
وتشرح العبيدلي، طريقة عمل المصباح: «صُنع هذا المصباح في منتصف القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي، وفيه تتجلى عبقرية هؤلاء المهندسين الرواد، وخيالهم الواسع، بالإضافة إلى تمتعهم بروح فكاهية عالية، عبّروا عنها بألعاب ميكانيكية معقدة ومكائن عجيبة، لها القدرة على إخراج سوائل تتدفق ساخنة مرة، وباردة مرة أخرى بصورة متناوبة، في فهم عميق للعمليات الفيزيائية المؤسسة للعلوم الحديثة».
وتلفت النظر، إلى أنه يمكن ملاحظة عبقرية المهندسين الأوائل أيضاً في صناعة الأقفال المتطورة بالشفرات ذات الاثني عشر رقماً، ومن النوافير التي بدَت وكأنها ترقص على الماء، مضيفةً: «لقد فهموا علم السوائل المتحركة «الهيدروليك»، والآليات الأخرى المعقدة، وسخّروا قوة الرياح، والماء، والنيران لمواصلة تدفق الماء العذب ومواصلة الطواحين عملها، وبدراستهم للطبيعة استطاعوا شيئاً فشيئاً أن يجعلوا حياة من حولهم أكثر راحة».