«زايد والحلم» تنطلق في العاصمة البريطانية باللغتين العربية والإنجليزية
استضاف مسرح “كوليزيوم لندن” وسط العاصمة البريطانية، أمس الأول، العرض الأول لمسرحية “زايد والحلم”، التي أنتجتها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث بتوجيهات من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومن إبداع مسرح كركلا. وشهدت أروقة المسرح، الأضخم في لندن، عبق الأصالة والتاريخ والحضارة القادمة من صحراء الإمارات، في عرض فني مبهر جسد سيرة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك باللغتين العربية والإنجليزية.
وارتدى التاريخ في “زايد والحلم” عباءة النور وانبعثت الأنغام في فضاءات المسرح اللندني ذي الطراز المعماري الفخم، في حدث فني نادر أبهر 2360 متفرجا من الجمهور الإنجليزي والعربي، وهي كامل الطاقة الاستيعابية للمسرح حيث بيعت كافة التذاكر قبل أيام، وفي حين تفاعل الجمهور الغربي بتميز مع مختلف فقرات العرض، وجد المغتربون العرب فرصة لاستعادة الزمن الإماراتي الذي حول الحلم إلى حقيقة خلال فترة وجيزة.
وشارك في “زايد والحلم” أكثر من 100 فنان وشاعر، إضافة إلى عدد من الضيوف الفنانين من الإمارات وبعض الدول العربية والأجنبية. وشارك الجميع في الأداء بحيوية الحركة المتسقة مع اللون والأزياء والموسيقى، إضافة إلى المؤثرات والعرض الفيلمي المرافق للأداء الراقص، فضلا عن الاستعانة بالأبيات الشعرية سواء النبطي أم الفصيح منها، والمستوحاة من البيئة الإماراتية الأصيلة والتاريخ العربي الحافل.
واستوحى الفنان عبد الحليم كركلا أجواء سيرة حياة الشيخ زايد طيب الله ثراه وتداعياتها، من دلالة جغرافيا المكان وتاريخ الإنجاز، في العمل الذي أشرف على إعداده وقام بالإخراج ابنه إيفان. وأشار إلى أنه مكث مع فريق العمل في صحراء الإمارات لعدة أشهر وصور الأفق، واستوحى دلالة المكان لتتواءم التعبيرية الفنية مع واقعية الجغرافيا وتسرد أسطورة التاريخ المعاصر. وأكد أن المادة التاريخية التي وفرتها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث كانت مساندة للعمل، وأن الدلالة تكمن في التعبير عن حجم الإنجازات بطريقة فنية إبداعية.
وقال كركلا إنه استوحى دلالة الفرسان القادمين من عمق التاريخ بمواصفات المروءة العربية والحق والصدق والإيثار والشجاعة، في تواءم تعبيري مع جغرافيا المكان، لتجسيد دور الطبيعة الواهبة في لحظة ولادة الشيخ زايد “فحتى الطبيعة اشتركت في ولادة الشيخ زايد كهبة لأرض الإمارات، حوّل السراب إلى ماء، رفض الاستسلام والركود، بنى دولةً غدت أسطورة للزمن الحديث”.
ويُقام مساء اليوم العرض الثاني للمسرحية، حيث تأتي هذه العروض اللندنية بعد النجاح الذي حققته في الإمارات، وفي إطار سلسلة من العروض الخارجية التي بدأت في بيروت شباط الماضي، ثم العاصمة الفرنسية باريس مايو الماضي.
من جانبه، أشار محمد خلف المزروعي، مستشار شؤون الثقافة والتراث في ديوان ولي عهد أبوظبي مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، الذي تابع أصداء العرض في لندن، إلى أن “الفن يتموضع في تاريخ الشعوب في مرتبة عالية تتصل بالهويّة والمقياس الحضاري، وتعبر الفنون عن روح الشعب وتشكّل ذاكرته الجماعيّة، وإن انتعاش حركة الشعر والأدب والمسرح لهو دليل على تطوّر المجتمع”.
وأضاف “مع زايد والحلم تحقّقت قيمتان أساسيّتان، القيمة الفنيّة والقيمة التاريخيّة، بحيث حمل العمل القيمة التراثيّة وأعاد ضخّها فنيّاً لصالح المجتمع الذي بدوره سيعيد تشكيل ذاته على طريق القيم والفن”.
واستغرق العرض فصلين على مدى 45 دقيقة لكل فصل قدمت خلالهما مشاهد تحكي عن قائد حفر اسمه الزمان، وكان قدره مواجهة الصعاب، لكن حلمه يجعل كل تلك الفضائل متحفزة لا تنام فتنهار الصعاب ويخضع المستحيل فاتحا أبوابه أمام النهضة والعمران وتوحيد الشعب. ويستهل العرض بالصوت الإماراتي القادم من صفاء الصحراء وتوظيف مشهد البئر ودلالة الماء عما يبث الروح في الأرض، كما يحمل المؤدون سلال الخوص في استعارة لطعام أهل الصحراء حيث النخلة هي الأم.
وعبر الراوي “الذي حول النص إلى اللغة الإنجليزية، عن مآثر القائد الحالم، فيما توحي القصائد التي اختيرت بعناية من الشعر العربي “المتنبي” وإرث الشعر النبطي الإماراتي بحسية تعبيرية متسقة مع الحدث التاريخي المتصاعد، هذا مع ترجمة للغة الإنجليزية لمختلف فقرات العرض، ضمن شاشة مبسطة اعتلت المسرح.
ويأتي صوت المطربة “وعد” في واحدة من أكثر اللوحات تعبيرا عن التراث الإماراتي “حبكم وسط الحشا ساكن” فيما ترتقي حافة البئر وكأنها توحي بأن الماء سيتدفق على هذه الصحراء، فهي بأفقها الممتد سيدة العمل عبر المؤثرات المرافقة وانعكاس الضوء والعمق البارع الذي وظفه كادر العمل لخشبة المسرح، فيما أضافت الشاشة التي تعرض السيرة في أفلام سينمائية، عُمقا آخر للمسرح.
المصدر: لندن