أسماء الحسيني (القاهرة، الخرطوم)

تتواصل الاستعدادات في الخرطوم للتحضير للاحتفال بتوقيع الاتفاق النهائي للإعلان الدستوري بعد غد السبت بحضور إقليمي ودولي رفيع المستوى. وقالت مصادر سودانية لـ«الاتحاد» إن هناك ترتيبات لاحتفال رسمي بمشاركة رؤساء دول ومنظمات إقليمية ودولية، وآخر شعبي بساحة الحرية بما يمثل إعلان نهاية دولة «الجبهة الإخوانية» التي استمر حكمها 30 عاماً، وبداية الانتقال إلى حقبة مدنية جديدة شعارها بناء دولة الوطن والمؤسسات القومية لكل السودانيين.
وأكد رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان أن القوات المسلحة قادرة على حماية التحول لحكم ديمقراطي، والحفاظ على أهداف الثورة المجيدة. وقال في كلمة بمناسبة الاحتفال بالعيد الـ65 للقوات المسلحة إن عيد القوات المسلحة هذا العام يحل والسودان يتأهب للاحتفال بالتوقيع النهائي على الاتفاق الذي يؤسس لمرحلة مهمة ومفصلية في تاريخ السودان، تحقق الانتقال لدولة الحرية والعدالة. مؤكدا الحرص على بناء قوات مسلحة مهنية قادرة على صون أمن وسلامة البلاد، من دون موالاة لأي فئة أو جهة. ومتعهدا بأن تظل القوات المسلحة، سندًا لحماية إرادة الشعب السوداني.
جاء ذلك، في وقت تصاعدت حدة التراشق بين أنصار قوى «الحرية والتغيير» و«الجبهة الثورية»، وذلك عقب انتهاء اجتماعات القاهرة من دون التوصل إلى اتفاق. لكن القيادي بقوى الحرية والتغيير بابكر فيصل قال لـ«الاتحاد» إن اللقاءات ستتواصل مع الجبهة الثورية بعد تشكيل الحكومة مطلع سبتمبر المقبل. فيما قال الناطق الرسمي باسم الجبهة الثورية محمد زكريا لـ«الاتحاد» إن حضور قيادات الجبهة الاحتفال بالاتفاق النهائي في الخرطوم يبقى مرهونا بإدراج تفاهمات اجتماعات القاهرة، التي تم تحميلها لوفد «الحرية والتغيير»، الذي وعد بالتشاور بشأنها مع بقية الأطراف في الداخل،  فإذا تم إدراجها، ستكون الجبهة في مقدمة الحاضرين، لكن إذا لم يتم إدراجها لن تكون هناك مشاركة، وسيكون الموقف المعلن هو عدم القبول بالوثيقتين، الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية.
وفيما يتعلق بالمخاوف من انشقاق في صفوف «الحرية والتغيير»، قال زكريا «إن الدولة السودانية تعيش مخاضا عصيباً وانتقالاً ديمقراطياً صعباً، وتعترضها تحديات عديدة، وبالتالي على الجميع الدفع باتجاه الوحدة، لضمان الاستقرار في السودان»، لكنه رأى أن حرص أطراف في قوى الحرية والتغيير على تغييب قضايا مهمة ذات أولوية، في مقدمتها قضية السلام، هو ما يهدد الاستقرار وينسف أي آمال بانتقال ديمقراطي يتجاوز قضايا السودان. مؤكدا ضرورة سد الباب أمام أي انشقاق مستقبلي داخل «الحرية والتغيير».
ولوحت قيادات أخرى في الجبهة الثورية بـ«الانفصال» مع حلفائها عن قوى الحرية والتغيير. وقال محمد حسين شرف، القيادي بحركة العدل والمساواة والجبهة الثورية، لـ«الاتحاد» إن الانفصال ومفارقة الجبهة الثورية لكيان قوى الحرية والتغيير متوقع بشكل كبير، وأضاف: «هم من اختاروا طريقهم وأقصوا الجبهة الثورية من المعادلة، واعتبروها طرفاً غير أصيل، وإذا استمر الحال على ما هو عليه سنكون مجبرين على خلق مسار آخر، هم الذين يدفعوننا إلى ذلك دفعا الآن، لكي نجد لأنفسنا مكانا في السودان الكبير». وأشار إلى أن وفد الجبهة الثورية بدأ مباحثاته مع المسؤولين في جنوب السودان، بناء على دعوة من الرئيس سلفاكير ميارديت. وأوضح أن المباحثات تركزت على ترتيبات مستقبل السلام في السودان بين الجبهة الثورية والحكومة الانتقالية المرتقب تشكيلها أواخر الشهر الحالي، ولفت إلى حرص دولة الجنوب على الاستقرار في السودان الذي يؤثر على استقراره.
من جهة ثانية، ندّدت قوى «الحرية والتغيير» أمس بمسح جداريات ترمز إلى تحركها في مختلف أنحاء الخرطوم، داعية المجلس العسكريّ لوقف حملة إزالتها، ومناشدة أنصارها رسم المزيد. وقالت في بيان «ندين هذا السلوك ونعتبره انتهاكاً واضحاً وامتداداً مقصوداً لطمس أحد أهم ملامح الثورة». وقالت «هذه خطوة عبثية وتنم عن عجز أعداء الثورة عن إدراك تجذر الثورة ووعيها في كل قلب وفؤاد، مطالبة «المجلس العسكري بإيقاف مسح الجداريات فوراً، وداعية جميع الثوار إلى مواصلة رسم الجداريات وممارسة كافة حقوقهم في التعبير.
وخلال الأيام الماضية، تم طلاء هذه الرسومات الملونة التي زينت شوارع الخرطوم خلال المراحل الأولى للحركة الاحتجاجية التي أطاحت بالرئيس عمر البشير. وباتت هذه الرسومات مع الموسيقى رمزا للطبيعة الشعبية للحركة الاحتجاجية التي قادها نشطاء شباب عوضا عن أحزاب سياسية معارضة. وكثير من هذه الرسومات طبعت على جدران منطقة القيادة العامة للجيش حيث اعتصم المحتجون الشباب لأسابيع قبل فض تجمعهم بالقوة في 3 يونيو الماضي. كما نظّم فنانون حملة لرسم وجوه ضحايا الحركة الاحتجاجية أمام منازلهم في مسعى لتخليد ذكراهم.