صدر عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، مؤخراً، كتاب جديد للناقد والأديب عزت عمر بعنوان ''استعادة المشترك الإنساني·· رؤية في القصيدة الجديدة''، ويقع في 412 صفحة من القطع المتوسط· وتضمّن الكتاب بابين رئيسيين هما: تقويض فاعليات الذكورة والعودة إلى لغة المشترك الإنساني، والذين أضاعوا مشترك المكان· ويسلط عمر الضوء على كتابه قائلاً: ''لقد حاولنا تتبّع أكثر من مسار للقصيدة الجديدة، سواء من ناحية النسق البنائي، أوالنسق الفكري، وسعي الشعراء لالتماس لغة جديدة، أسميناها (لغة المشترك الإنساني)''؛ تلك اللغة التي باتت معنية بشأن العالم والدفع باتجاه تنقيته مما شابه من حالات الظلم والكراهية والحرب والعدوان، فكان لا بد بالتالي من السعي لتقويض فاعليات الذكورة، خصوصاً قيم العنف التي تركّزت في الثقافة والسلوك، وفي الخطاب الإبداعي· وبالتالي سعي القصيدة الجديدة لتجاوز هذه القيم التي لم تعد مناسبة لثقافة عصرنا، نحو ''لغة المشترك الإنساني: لغة الحوار والتفاهم، وإنقاذ العالم من مصائبه''· وقدم عمر في الباب الأول نماذج مختلفة، وعلى نحو خاص التجارب النسائية التي حفل خطابها بحضور الأنوثة في شكلها الإحيائي المتماهي مع الأم الكبرى رمزياً ودلالياً، وتكريس القيم الإنسانية عبر عدد من المرجعيات الأسطورية والتراثية والبيئية· وفي الباب الثاني، تناول بالتحليل ثلاث تجارب عربية مهمّة ومؤسسة هي: تجربة الشاعر السوري محمد الماغوط، وفلسفة التعبير عن المشاعر الإنسانية عبر بحثه عن المشترك، وعلاقته بدمشق مقارنة بنزار قباني، وتجربة الشاعر علي جعفر العلاّق في مجموعته ممالك ضائعة''، وتجربة الشاعر محمود درويش في كتابيه ''في حضرة الغياب'' و''الجدارية'' وإحساسه المتنامي بفقدان المشترك· كذلك تم التعرض لتجارب الشعراء الشباب، أو الجيل الجديد، الذين عبّروا عن مواقفهم من هذا المشترك الضائع، وكل من زاوية نظره· وتضمن الباب الأول موضوعات الذاكرة ولغة الخطاب، البنية النصّية الجديدة، سيمياء الثقافة ـ وحدة الدال والمدلول قراءة تحليلية لمجموعة من الشاعرات والشعراء وهم: ميّاسة دع، حمدة خميس، إبراهيم الملاّ، لينا الطيبي، جاكلين سلام، إبراهيم المصري، فرات إسبر، وخالد البدور· أما الباب الثاني، فقد شمل قراءات تحليلية لكل من: محمد الماغوط، علي جعفر العلاّق، محمود درويش، ثاني السويدي، عبده وازن، زياد عبدالله، خلف علي الخلف، نبيل أبو زرقتين، إبراهيم المصري، حسين درويش، هاشم المعلّم، وعلي سفر· لقد تعمق عزت عمر في هذه القراءة التحليلية لشعراء الحداثة العربية، متجولاً من شاعر إلى شاعر، ومن جيل شعري إلى آخر، عبر استعادة المشترك الإنساني في قصائد الحب والرسائل الإنسانية لشاعر مثل نزار قباني، إلى محمد الماغوط الذي واجه القهر والحرمان وقمع الظروف الاجتماعية بكتابة الروائع في الحقول الأدبية كافة، ومحمود درويش الذي واجه الموت في ''الجدارية''، وقدم عمر نماذج متعددة للشعراء الشباب من مختلف البيئات العربية والذين تضمهم الإمارات على الأغلب، هؤلاء الشعراء الذين لا يسيرون على وتيرة واحدة بطبيعة الحال، ولكنهم مرتبطون بمشترك إنساني قائم على الحب والفن والتذوق الجمالي· وتكمن أهمية هذا الكتاب إضافة إلى تناوله شعراء العربية الكبار، في تقديم الشعراء الجدد الذين ينبغي وضعهم في دائرة الضوء، والتعريف بتجاربهم الشعرية، ونشرها في الوطن العربي من مشرقه إلى مغربه·