دينا محمود (لندن)

أكد محللون سياسيون أميركيون الدور الكبير والمفضوح الذي تواصل قطر الاضطلاع به في دعم جماعة «الإخوان» الإرهابية، والتنظيمات المنبثقة عنها، وطالبوا إدارة الرئيس دونالد ترامب والكونجرس بممارسة ضغوط مكثفة على الدوحة، لوضع حد لهذه العلاقات المشبوهة التي لا يحاول «نظام الحمدين» إخفاءها.
وقال المحللون إن الجماعة الدموية التي تأسست قبل أكثر من 80 عاماً، تعتبر النظام القطري بمثابة «البقرة الحلوب» التي تغدق عليها بالأموال دون حساب، بجانب إيواء هذا النظام لكبار قيادات ذلك التنظيم الإرهابي، مثل الإخواني الهارب يوسف القرضاوي الذي يعيش منذ سنوات طوال في كنف العائلة الحاكمة في الدوحة.
ويبدي الأمير الحالي لقطر تميم بن حمد -على غرار والده- حفاوة علنية بالقرضاوي، على الرغم من فتاواه المتطرفة وتاريخه الحافل بتبرير الإرهاب والحض على شن الهجمات العشوائية التي يسقط عشرات من المدنيين ضحية لها، وهي الحفاوة التي تتجسد في المناسبات الدينية التي يحرص تميم على أن يُجلِس الداعية المتطرف إلى جواره خلال مراسم الاحتفال بها، مثلما حدث في شهر رمضان الماضي، عندما جلس الاثنان جنباً إلى جنب في مأدبة إفطار أُقيمت في الدوحة، وذلك للعام الخامس على التوالي.
وأظهرت الصور التي التُقِطَت للمأدبة تميم وهو يُقبّل القرضاوي الذي يدين بجانبٍ كبيرٍ للغاية من شهرته لقناة «الجزيرة» المملوكة للسلطات القطرية، التي دأبت على استضافته على مدار سنوات طوال في برامجها الأسبوعية.
وعلّق المحللون الأميركيون -في تقرير نشرته مجلة «أميركان ثينكر» واسعة الانتشار- على دور «الجزيرة» في هذا الشأن بالقول إن هذه الشبكة التلفزيونية تشكل «بوقاً» دعائياً ناطقاً بلسان «الإخوان» والمجموعات المتطرفة والمسلحة الأخرى المرتبطة بها، مثل «حماس» وغيرها.
وفي التقرير الذي حمل عنوان «الإخوان: أُمّ الجماعات المتشددة» في العالم، نددت المجلة بـ«تباهي» نظام تميم بالروابط الوثيقة التي تجمع بينه وبين هذه الجماعة المتطرفة، قائلة «في واقع الأمر، لا تخفي قطر علاقاتها الوطيدة بقادة جماعة الإخوان» في إشارة إلى استضافتها هؤلاء القيادات في عاصمتها، وفتحها لمنابرها الإعلامية أمامهم.
وأبرز التقرير في الوقت نفسه حقيقة أن تواطؤ «نظام الحمدين» مع «الإخوان» ودعمه اللامحدود لها، يتناقضان تماماً مع مواقف الدول العربية الأخرى إزاء هذا التنظيم المتطرف، مشيراً في هذا الإطار إلى المواقف العلنية التي تتخذها دول مثل السعودية والإمارات ومصر ضد الجماعة، بما يشمل وضعها على قائمتها للتنظيمات الإرهابية، وتجريم الانضمام إليها، والمطالبة بحظرها وتشديد الخناق عليها، إقليمياً ودولياً.
وشددت «أميركان ثينكر» على ضرورة أن يدرك الرأي العام الغربي الصلات القائمة بين الدوحة و«الإخوان»، وما تقود إليه هذه العلاقات، من تعزيز لقدرة الجماعة الإرهابية على استقطاب أتباع وأنصار لها، وتمكينها في الوقت ذاته من توسيع نطاق شبكتها الشيطانية في مناطق أخرى من العالم، بخلاف منطقة الشرق الأوسط.
وقالت إن الكثيرين في الولايات المتحدة يغفلون عن هذه العلاقة المشبوهة، وعما تؤدي إليه من عمليات إرهابية تستهدف أميركيين في بعض الأحيان، مُشيرة إلى أن «الأميركي العادي يفكر في تنظيمات مثل القاعدة وداعش وطالبان.. عندما يتناهى إلى مسامعه مصطلح الجماعات المتشددة»، دون أن تطرأ «الإخوان» وداعموها القطريون على ذهنه.
ووصف تقرير المجلة الأميركية -ذات التوجهات المحافظة- جماعة «الإخوان» بأنها «أكبر منتج للإرهاب بالجملة في العالم بأسره»، وأكثر التنظيمات الناشطة في هذا المجال تمتعاً بالتمويل، وذلك بفعل الأموال الطائلة التي تحصل عليها من دول مثل قطر، مقابل استخدامها الجماعة لتحقيق أهداف سياساتها العدوانية.
وأشار التقرير إلى أن الدعم المالي والإعلامي والسياسي الذي تقدمه الدوحة لـ«الإخوان»، يأتي على الرغم من التاريخ الإرهابي الطويل للجماعة «وخريجيها المتخصصين (في سفك الدماء) من قبيل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري وأبوبكر البغدادي» وغيرهم كثير.
وأضاف أن ابن لادن وهو مؤسس «القاعدة»، والظواهري الذي يقود حالياً هذا التنظيم الإرهابي، وكذلك البغدادي مؤسس وزعيم تنظيم «داعش»، كلهم كانوا من كوادر «الإخوان»، تلك الجماعة التي كانت قطر تسعى لإيصالها إلى الحكم في الكثير من الدول العربية، استغلالاً لموجة الاضطرابات التي اجتاحت المنطقة اعتباراً من أواخر عام 2010 وما بعد ذلك، في إطار ما أُطْلِقَ عليه اسم «الربيع العربي».
واختتمت المجلة تقريرها بدعوة الإدارة الأميركية إلى المسارعة بإعلان «الإخوان» تنظيماً إرهابياً بشكل رسمي، وهو ما سيشكل ضربة موجعة لها ولداعميها في قطر. وقالت إن اتخاذ هذه الخطوة يشكل «أمراً حيوياً وجوهرياً لخدمة مصالح الأمن القومي الأميركي»، مُشددة على أنه ينبغي على المشرّعين الأميركيين التعامل مع هذا الملف بـ«أقصى قدر ممكن من الاهتمام».
وفي مطالبة صريحة للبيت الأبيض بممارسة ضغوط فعلية على النظام القطري في هذا الصدد، قالت «أميركان ثينكر» إنه «من الحيوي للغاية كذلك، أن تُقوّم الولايات المتحدة سلوك الحكام العرب المستبدين الذين يدعمون الإخوان، وأن تبحث تغيير سياساتها وتبني خططاً وسياسات بديلة حيال هؤلاء الحكام الذين يُشيّدون عروشهم اعتماداً على دعم هذه الجماعة (الإرهابية)، وذلك على حساب الاستقرار الإقليمي».