أسماء الحسيني – سمر إبراهيم (القاهرة)

أكد عمر الدقير، رئيس حزب المؤتمر السوداني والقيادي البارز بقوى الحرية والتغيير، أن تعديل الوثيقة الدستورية مازال ممكناً ولم يفت أوانه، معرباً عن اعتقاده في إمكانية الإضافة في بند السلام بموافقة «الحرية والتغيير» والمجلس العسكري الانتقالي. وشدد الدقير على الالتزام بموعد تشكيل الحكومة وهياكل السلطة الجديدة وعدم تأجيل إعلان الحكومة لمدة شهر لإلحاق قوى «الجبهة الثورية».
ونفى الدقير أن يكون محل الخلاف بين «الحرية والتغيير» و«الجبهة الثورية» هو مطالبة الجبهة بمحاصصة في المجلس السيادي أو الحكومة أو المجلس التشريعي، قائلاً: «قيادات الجبهة أكدوا لنا عدم مشاركتهم في هياكل السلطة قبل التوقيع على اتفاق سلام، ولكن باعتبارهم مكوناً من مكونات قوى الحرية والتغيير سيقدمون آراءهم في ترشيحات تلك الهياكل»، مرجحاً مشاركتهم في وقت لاحق عقب توقيع اتفاق السلام معهم.
وأكد أن الحكومة المقبلة بالسودان ستشرع فوراً في تشكيل مفوضية السلام، والتي بدورها ستعمل على تحقيق عملية سلام شاملة بمناطق (دارفور، جنوب كردفان، والنيل الأزرق) وستقدم الدعوة لجميع فصائل الحركات المسلحة السودانية بما فيهم حركتا «عبدالعزيز الحلو، عبدالواحد محمد نور» لبدء حوار مباشر حول قضايا السلام. وأوضح أن المفوضية ستناقش كل الأسباب التي دفعت الأخيرين بالمطالبة بحق تقرير المصير لبعض المناطق بالسودان، وذلك للوصول إلى حلول فورية لاستقرار البلاد، وتجنب انفصال جزء آخر من السودان مجدداً.
وقال رئيس حزب المؤتمر السوداني إن الوثيقة الدستورية حددت الـ6 أشهر الأولى منذ توقيعها في 4 أغسطس، لوضع وتكوين رؤية مشتركة كاملة عن عملية السلام، ومعالجة الأسباب الجذرية للحرب، والوصول لاتفاق سلام مع كل الحركات المسلحة.
وأضاف أن هذه الفترة لا يمكن أن يتم فيها تنفيذ كافة الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك الهدف، خاصة أن هناك تداعيات لآثار الحرب منها ملف النازحين واللاجئين، وكل هذه القضايا تحتاج إلى وقت كبير لمعالجتها.
وأوضح أن رؤية السلام في السودان، تتمثل في التوصل إلى اتفاق شامل ودائم لوقف إطلاق النار على الجبهات كافة، ومن ثم الشروع في ترتيب تفاصيل بند الإجراءات الأمنية، ودمج القوات حتى يتم التوصل إلى تكوين جيش سوداني موحد هدفه حماية البلاد تحت مظلة عسكرية وعقيدة واحدة، وولاءه واحترامه للدستور فقط، فضلاً عن تسويه ملف عودة النازحين واللاجئين الذين فروا جراء الحرب، وحل قضايا الأراضي.
وعن تشكيل المجلس السيادي، قال الدقير إن جميع التكتلات السياسية السودانية قدمت أسماء مرشحيها، مع مراعاة تمثيل التنوع الجغرافي في السودان، وسيتم تقديم تلك القائمة للجنة العليا بقوى الحرية والتغيير للبت فيها.
وقال إن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، ورئيس جنوب السودان سيلفاكير ميارديت، من أبرز المدعوين لحضور المراسم الرسمية للتوقيع النهائي على وثيقة الإعلان الدستوري بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي، في 17 أغسطس الجاري.
وقال الدقير إن السودان دخل مرحلة جديدة بعد التوقيع على الإعلان الدستوري هي مرحلة البناء وإصلاح الخراب الذي ورثناه من النظام البائد. وأضاف أن إيقاف الحرب هو مفتاح حل كل القضايا، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية، حيث يعاني غالبية السودانيين الآن شظف العيش وغلاء الأسعار، مشيراً إلى أن الأزمة كانت في سوء الإدارة والفساد، وإذا تخلصنا من الفساد ومن سوء الإدارة نستطيع أن ننهض بوطننا في فترة وجيزة جدًا.
وأضاف أن التحدي الآخر هو تفكيك دولة التمكين لحزب المؤتمر الوطني التي أقامها عبر 30 عاما، حول فيها السودان إلى دولة الحزب الواحد، وسيطر على كل مؤسسات الدولة في القطاعين العام والخاص، ولذا فإن من مهام الحكومة المقبلة تفكيك ركائز دولة الحزب الواحد لصالح دولة كل الشعب
وأكد أن مسألة البناء الدستوري هي قضية مهمة يجب أن يتم إنجازها خلال الفترة الانتقالية، حيث ظل السودان منذ ما قبل الاستقلال قبل 60 عاما بدون دستور دائم، والآن سنكتب دستوراً دائما بمشاركة جميع السودانيين، ومفوضية الدستور هي إحدى المفوضيات الأساسية في الفترة الانتقالية، ونسعى لأكبر مشاركة سياسية واجتماعية في صياغة الدستور، حتى يكون مرآة، يجد فيها كل السودانيين أنفسهم، وأن يعترف أن السودان وطن متنوع، ويحترم هذا التنوع، وإحسان إدارة هذا التنوع عبر حوكمة راشدة.
ويرى الدقير أن السودان ورث من الحكم السابق سياسة خارجية مضطربة بلا بوصلة هادية، وأوضح: لدينا كثير من المشاكل مع جيراننا الأقربين والأبعدين، وسنعالج كل هذه الملفات بالحوار بما يساعد مصلحة شعبنا ومصلحة أشقائنا وأصدقائنا، منهجنا في السياسة الخارجية أن تكون سياسة متوازنة.
وحول الشراكة بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري ومستقبلها خلال الفترة الانتقالية، قال الدقير إن العلاقة مع المجلس العسكري مرت بمراحل كثيرة وكانت دائما هناك شكوك وهواجس، لكنه يعتقد أن التفاوض هو السبيل الأوحد لحسم هذه القضايا. وقال إن بناء الثقة لا يبنى بالأقوال والتصريحات وإنما بالأفعال، مطالباً «العسكري» الالتزام بهذه الوثيقة وبمدنية الدولة.
وحول التأخر في هيكلة قوى الحرية والتغيير وتشكيل قيادة موحدة لها، قال: «أردنا منذ وقت مبكر أن نشكل جسماً قيادياً مركزياً يشكل مرجعية لقوى الحرية والتغيير، لكن لم يتم ذلك حتى الآن، حيث كانت بعض القوى ترى أن لا داعي لذلك وتكتفي بالتنسيقية، والتنسيقية هي جسم كان يقود الحراك الشعبي، لكن الجميع الآن اقتنع بأهمية هذا الجسم القيادي، وعقدت عدة اجتماعات تمهيدية لهذا الغرض، وسنجتمع في الأيام القادمة لإجازة اللائحة، لإنشاء الجسم المركزي القيادي الذي يقود قوى الحرية والتغيير خلال المرحلة القادمة».
وأكد الدقير أن السودانيين يجب أن يحذفوا من قاموسهم خلال الفترة المقبلة مفردة الإقصاء، وقال: «لن نقصي أحداً، وحقوق المواطن السياسية والاجتماعية ستكون مكفولة للجميع، وفي نفس الوقت مبدأ المحاسبة لا تنازل عنه».
وقال إن الشعار الذي سيسود خلال الفترة الانتقالية هو شعار المصالحة الوطنية الشاملة، نحن نريد أن نبني دولة تسع الجميع بلا تمييز أو تهميش أو إقصاء، محذراً الإسلامويين من أي محاولة للالتفاف على الثورة أو إيجاد ثغرات لإجهاضها أو قطع الطريق على التحول الديمقراطي.
وقال الدقير إن المطلوب من النخبة السياسية أن تتجاوز المصالح الشخصية والخاصة، وأن ترتفع إلى مستوى قامة هذا الشعب الذي أنجز هذه الثورة، التي شهد كل العالم على بسالتها وسلميتها وتحضرها.
وأكد أن الأمل كبير في أن يقيم السودان وحدته على أسس سليمة. وقال: إن «الجيل الجديد الذي فجر هذه الثورة لديه وعي كبير بقضايا وطنه، ولن يسمح لأي جهة بالمساس بها، حتى قوى التغيير نفسها لو حادت عن الجادة سيكون لها بالمرصاد».

مالك عقار لـ «الاتحاد»: لم نطالب بأي محاصصة في هياكل «الانتقالية»
قال رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال، مالك عقار، إنه قرر تأجيل سفره إلى عاصمة جنوب السودان، جوبا، لحين الانتهاء من الاجتماعات الجارية بالقاهرة مع قوى إعلان الحرية والتغيير، وحسم جميع القضايا الخلافية بشأن الوثيقة الدستورية.
ونفى عقار لـ«الاتحاد» مطالبة الجبهة الثورية بمحصاصات في هياكل السلطة الانتقالية (مجلس الوزراء، المجلس السيادي، والمجلس التشريعي)، مؤكداً أنهم ما زالوا حتى اللحظة الراهنة حركات حاملة للسلاح، ولا بد من توقيع اتفاق سلام شامل ودائم أولاً حتى تستطيع الجبهة الانخراط في الحياة السياسية.
وأشار إلى أن اتفاق السلام ستتم مناقشته ومن ثم توقيعه عقب تشكيل الحكومة الانتقالية التي بدورها ستتفاوض معنا كحركات مسلحة، ومن ثم لم نستطع التقدم بأي مطالب أو محصاصات.
وأكد عقار أنه بحث في القاهرة مع قوى الحرية والتغيير تضمين جميع بنود وثيقة اتفاق السلام التي تم التفاهم بشأنها وتوقيعها في أديس أبابا، فضلاً عن تضمين بعض القضايا الأخرى، مثل «ملف السلام، الإجراءات التمهيدية»، وهناك تفاهمات وارتياح بين جميع الأطراف.
وأوضح أنه سيغادر إلى جوبا قريباً تلبية للدعوة لجميع الحركات المسلحة، بما فيها حركتا عبد العزيز الحلو وعبد الواحد محمد نور للتوافق حول رؤية تفاوضية واحدة لكل أطراف الحركات المسلحة.