لكبيرة التونسي (أبوظبي)
رغم بساطتها، إلا أنها كانت محملة بالمشاعر الجميلة، حيكت بكثير من الحب والسعادة، هي حكايات الفرح التي نسجتها الأزياء الشعبية القديمة الخاصة بالعيد، ولم تكن مجرد قطع من قماش الحرير والقطن تتزين بها النساء، بل كانت تروي قصة بين النساء وملابس التي لا تنتهي، كانت تستغرق خياطتها وتزيينها الليالي، لتأتي محملة بمشاعر الحب والفرح والشوق والحنين، وكثيرة هي حكايات الفرح، فكل قطة مفعمة بالأحاسيس الجميلة تحدث في النفس الكثير من البهجة والفرح يوم العيد، وكأن النساء والفتيات خلال هذا اليوم يمتلكن الكون وهن يتبخترن في ثيابهن الزاهية الألوان والمشبعة بالأحاسيس، أما اليوم وعلى الرغم من سعرها الباهظ وما تحمله من مواد زينة فتبقى خاوية من تلك المشاعر الفياضة، حسب مجموعة من السيدات اللواتي عشن بين الفترتين.
المرتعشة والطاسة
إيمان آل ربيعة مصممة الأزياء الإماراتية والمتخصصة في الأزياء التراثية أكدت أن أزياء العيد تحمل الكثير من البهجة والفرح منذ بداية اقتنائها وتزيينها إلى ارتدائها، ولفتت إلى أن نساء الفريج كانت تجتمع حول القطعة الواحدة التي تخيطها بكل حب، كانت كل أم تخيط قطعة واحدة لكل سيدة في البيت ولكل فتاة، وكانت هذه القطعة بعد إنجازها يحتفظ بها بعناية لارتدائها يوم العيد، وعلى رغم بساطتها إلا أنها كانت مصدر سعادة كبيرة من بداية حياكتها إلى حين ارتدائها، موضحة أن الملابس زمان كانت تتكون من الشيفون أو الحرير أو القطن، ومن بعض أنواع هذه الأقمشة، الحرير الزري والثوب والميزع والكندورة والثوب والكندورة، والشيفون والحرير والزري مع شغل الزري والتلي ذه ثياب العيد قديما، وكانت الأمهات تلبس الثوب والكندورة بالتلي أو الزري أو المخور مع سروال مخور نفس الثوب أو الكندورة، وكان الذهب ضرورياً مع الثياب لزينة العيد مثل المرتعشة والطاسة على الرأس، موضحة أن الثوب الإماراتي يعد رمز الفخر والهوية والالتزام بالعادات والتقاليد، ويتميز الثوب بأنه واسع وفضفاض، أما العباية القديمة فكانت تتميز بشغل الزري، أما العباية السويعية فكانت هي عباية العيد والأعراس.
مزج القديم والحديث
وأوضحت آل ربيعة أن ملابس العيد كانت تخيطها الأمهات والجدات في البيت، وكانت بسيطة ومريحة وجميلة بينما تطورت الأزياء اليوم، وزاد عليها الخرز والخوص والكريستال واللولو والفصوص، فأصبح الثوب أجمل من قبل مع التطورات الحديثة التي طرأت عليه، فأصبح الثوب الإماراتي يمزج بين الشغل القديم والحديث، ليشمل الزري القديم ممزوجاً بفصوص حديثة فأعطى لوحة جميلة، وفي الثوب الحديث الذي أصبح أكثر رقياً وجمالا تمت إضافة لمسات جديدة تواكب العصر الحديث بالإضافة إلى الذهب والمرتعشة والطاسة. وأضافت أن الزي الشعبي الإماراتي ثوب يختصر الزمن ويسكن الوجدان ويشرح التراث بالنظر، ولازالت المرأة الإماراتية تتمسك بالأثواب الإماراتية، حفاظاً على التراث وتتجمل به في كل المناسبات، كما أن التلي ذلك الشغل القديم لم يندثر، بل تطور بشكل كبير فأصبح يدخل على الكندورة على قماش بوطيرة مع التلي والثوب تلي والشيلة منغدة وساري والعباية بالتلي، وأصبح الزري يزين بالفصوص والخرز واللولو.
بهجة
من جهتها قالت شيخة الوالي خبيرة التراث الإماراتية، إن ملابس العيد كانت تحظى بأهمية بالغة عند كل أفراد الأسرة، وكانت تعدها الأمهات والجدات بكثير من الحب والاهتمام، وكانت هذه المناسبة فرصة للتزاور والتجمع حول الخياطة، وكان من العادة تجهيز كسوة جديدة واحدة خاصة بالعيد لكل فرد من أفراد الأسرة، وكل أم تبدأ بتجهيزها بعشرة أيام قبل العيد، بحيث تتم خياطة الكندورة للرجل والوزار والغترة والسفرة (الغترة الصوفية) والخزام والمقصر، والمرأة كانت هي التي تخيط الملابس وتتعاون مع جارتها في الخياطة تكون الخياطة باليد لعدم وجود مكينة خياطة، وأحيانا توجد ماكينة واحدة في الفريج تقوم امرأة معينة في تقنية الخياطة.
وكانت ملابس المرأة تتكون من الكندورة والثوب البريسم والميزع وأبو طيرة والمريسي والكيمري وجميعها تجلب من الهند والصين السروال عليه بادلة والبادلة تتكون من خيوط الفضة أسفل السروال والشيلة المنقدة وشيلة النيل والمزراية للبنات وتلبس المرأة العباءة والسويعية في العيد، ومن المجوهرات تلبس المرتعشة والمرية والكواشي والفتخ والسمط، وتقوم بأعداد الكحل وطحن الاثمد وإعداد الحناء والياس، بحيث تكون هي محور زينة العيد هي من تصنع الفرح والبهجة.
بساطة
عتيجة المنصوري، والتي تعمل في مجال الحرف التقليدية وخاصة التلي قالت إنها كانت وحيدة والدتها، لهذا كانت تحظى بالعناية الكاملة من طرف والدتها، التي كانت تصر على خياطة ثوب العيد الذي كان في الغالب قطعة واحدة، وهو عبارة عن قطعة تراثية مزينة بخيط واحد من التلي. وترجع عتيجة بذاكرتها لأيام الطفولة لتوضح أن ملابس العيد كانت ترادف كل معاني السعادة والفرحة رغم بساطتها الشديدة، بخلاف اليوم بحيث تلاحظ أن جميع التسهيلات متوافرة للحصول على عشرين ثوباً لكل شخص في العيد، لكنها لا تحدث ذلك الفرح الذي كان في السابق.