وجد مزارعو الورد والفراولة في قطاع غزة متنفساً لتصدير منتجاتهم إلى السوق الأوروبية بعد انقطاع دام عامين بسبب إجراءات المنع الإسرائيلية، إلا أنهم يشعرون بالاستياء من قلة الكميات المصدرة وبطء تصديرها. وأوضح غسان قاسم رئيس جمعية بيت حانون للزهور أنه “تم تصدير أول شحنة من الزهور للموسم الحالي تضم أكثر من 28 ألف زهرة إلى أوروبا عبر شركة جريسكو الإسرائيلية، الشركة الوسيطة”. وكانت إسرائيل سمحت للمرة الأولى منذ عامين في 11 ديسمبر الماضي بتصدير أول شحنة للزهور إلى الأسواق الأوروبية ما جدد الأمل لدى المزارعين. وفي مزرعة للورد في رفح جنوب قطاع غزة، يقطف عمال الزهور بينما ينشغل فنيون آخرون في فرز الزهور التي تتطابق مع مواصفات التصدير العالمية وتصفيفها على منضدة قبل وضعها في أكياس من النايلون ثم في صندوق خشبي صغير. وتحيط أشجار نخيل بهذه المزرعة التي أُقيمت فيها دفيئات زراعية بلاستيكية على مساحة 25 دونماً وتعج بعمال بينما تنتظر عدة شاحنات صغيرة لنقل صناديق الورد المعدة للتصدير عبر معبر كرم أبو سالم (كيرم شالوم) جنوب القطاع. ويأمل أدهم (33 عاماً) في أن يكون هذا العام “جيداً”، مشيراً إلى “وعود بأن تبقى المعابر مفتوحة لتصدير إنتاجنا”. وأضاف أدهم، وهو متزوج وأب لثلاثة أولاد، “العام الماضي كانت خسارتنا فادحة ومدمرة. خسارتي وحدها بلغت 800 ألف دولار. قطفنا زهورنا وقدمناها للأغنام والأبقار”. ويعمل 18 عاملاً في مزرعة أدهم في مناوبتين ويحدوهم الأمل بنجاح الموسم. وتابع أدهم “نحصل على الأشتال عبر جمعية الإغاثة الزراعية من مشاتل إسرائيلية ونزرعها هنا في أرض رفح، حيث التربة والأجواء المناخية مناسبة ونصدرها للدول الأوروبية”. ويقول المهندس سعيد الراعي مراقب مشروع الزهور والفراولة إن جمعية الإغاثة الزراعية “تعزز صمود المزارعين في ظل الظروف الصعبة عبر دعم مشاريع زارعة الزهور والفراولة”. وتوقع الراعي “تصدير 35 مليون زهرة” هذا العام، موضحاً أنه “تمت زراعة 300 دونم من الزهور في رفح هذا العام كمنحة من هولندا”. وأكد أن الإنتاج “يتميز بجودة عالية وسمعة عريقة في الأسواق الأوروبية”. إلا أنه اشتكى من معوقات أهمها “تأخير إدخال الأشتال من إسرائيل ما ينعكس سلباً على بدء الموسم”. وتزود جمعية الإغاثة الزراعية غير الحكومية مزارعي الورد والفراولة بالأشتال والمدخلات الزراعية وخدمات الإرشاد لمزارعي الورد والفراولة. وبعد انتهاء عطلة أعياد الميلاد سمحت إسرائيل للمرة الأولى أيضاً بتصدير شاحنة محملة بالفراولة التي تشتهر بلدة بيت لاهيا ذات التربة الرملية والمياه الجوفية العذبة بزراعتها. وشدد المهندس أسعد عثمان ياسين مدير قسم التسويق في وزارة الزراعة في الحكومة المقالة على أن فتح المعابر “أساسي لتصدير منتجنا من الفراولة. دون المعابر لا شيء ينجح. إذا فتحت المعابر يمكن أن نصدر إلى الدول الأوروبية وبعض الدول العربية”. من جهته، أشار ياسين الذي كان يرتدي مريولاً أبيض وقبعة نايلون ويراقب أعداد صناديق الفراولة المعدة للتصدير، إلى “شلل منذ ثلاث سنوات. فنحن نزرع الفراولة ونتكبد خسائر فادحة، إذ إن تكلفة الإنتاج عالية جداً”. وأضاف أن “تجريف الاحتلال خلال الحرب زاد الطين بله”. وتابع “كافحنا وزرعنا لنصدر في الفترة بين 15 نوفمبر وحتى 25 ديسمبر، لكن إسرائيل لم تفتح المعبر في هذه الفترة رغم جهود هولندا وانتظرت حتى الأسبوع الأول من يناير أي بعدما انتهى موسم الأعياد”. وأشار إلى أن “صندوق الفراولة الغزية يباع (في أسواق أوروبا) بخمسة يوروهات، لكن سعره يبلغ خلال موسم الأعياد 15 يورو”. وقال “في الثالث من يناير صدرنا 21 طناً. لكننا كنا دائماً نبدأ بالتصدير من منتصف أكتوبر حتى مارس لنصدر سنوياً 1800 طن على الأقل بواقع 70 طناً يومياً”. ومن هذه الكمية “نصدر حسب الاتفاق 1200 طن من الفراولة دون ضريبة”، معبراً عن أمله في “التصدير من دون ضرائب”. وأكد ياسين أن “ثلاثين بالمئة من المزارعين لا يزرعون الفراولة لأنهم يخسرون”. ويضطر مصدرو الفراولة لتحمل نتائج التأخير على المعابر، حسب ياسين الذي أوضح أن “البضاعة تفقد جودتها من الشمس وفترة الانتظار الطويلة”. من جهته، دعا المزارع خالد العطار الاتحاد الأوروبي إلى “مساعدتنا لنقف على أرجلنا”. وأضاف “لا نريد كلاماً بل نريد دعماً مادياً ومعنوياً”. وفي مقر جمعية مصدري الفراولة في بيت لاهيا يجري تعبئة صناديق من الكرتون بأجود أنواع الفراولة التي يتم قطفها من بين أقواس الدفيئات الزراعية الصغيرة في البلدة. وطالب عبد الكريم عاشور نائب مدير عام الإغاثة الزراعية “بممارسة الضغط على إسرائيل للمساهمة في عملية تصدير الفراولة إلى أوروبا وتسهيل دخولها للضفة الغربية والأسواق العربية”. وذكر أحمد الشافعي رئيس جمعية غزة التعاونية للتوت الأرضي أن “إجمالي كمية الفراولة المفترض تصديرها يبلغ حوالي ألف طن، لكن في ظل الوضع الحالي لن يتمكن المزارعون من تصدير أكثر من 400 طن حتى نهاية الموسم مما يعني خسارة نسبتها 60%”.