ترحيب أوروبي «حذر» بخطة أوباما لفرض قيود على تعاملات البنوك
قدمت فرنسا وبريطانيا وألمانيا دعماً لخطة الرئيس الأميركي باراك أوباما لفرض قيود على حجم البنوك الأميركية وتعاملاتها ولكنها لم تصل الى حد التعهد باتباع المقترح الذي فاجأ الأسواق العالمية. وقد تعيد مقترحات أوباما المثيرة صياغة النظام المالي العالمي ولكن خبراء قالوا إنها تفتقر إلى التفاصيل وقد تلقي بظلالها على المنهج العالمي الذي تبنته مجموعة العشرين.
في الوقت نفسه، اعلن المتحدث باسم البيت الابيض أن أوباما “يثق بشكل كامل” برئيس الاحتياطي الأميركي الفيدرالي (المصرف المركزي الأميركي) بن برنانكي الذي ينظر الكونجرس قريباً بطلب التمديد له. وقال المتحدث بيل بورتون إن الرئيس “يثق بشكل كامل بما قام به الرئيس برنانكي لمنع اقتصادنا من الانهيار”. وأضاف المتحدث أن أوباما “يعتقد أن له الكفاءات اللازمة لهذا المنصب، وهو مقتنع بان الكونجرس سيقر” التمديد له. وتنتهي ولاية برنانكي في نهاية الشهر الحالي وكان عدد من اعضاء الكونجرس عارض التجديد له.
وكان أوباما قد قدم مقترحاته بشأن إصلاح البنوك الخميس الماضي قائلاً إنه مستعد لمواجهة مقاومة بنوك “وول ستريت” التي القى باللوم عليها لكونها ساهمت في التسبب بالأزمة المالية العالمية. وستمنع الخطة البنوك من الاستثمار في صناديق تحوط أو صناديق استثمار الملكية الخاصة أو امتلاكها أو رعايتها. وستفرض الخطة حدا جديدا على حجم البنوك بالنسبة للقطاع المالي كله بل وربما قد تمنع المؤسسات من أنشطة استخدام اموالها التي ليس لها علاقة بخدمة العملاء من أجل أرباحها. وينطوي استخدام البنوك لأموالها على قيام الشركات بمراهنات في الأسواق بأموالها مما كان مصدراً لأرباح وفيرة قبل وبعد الأزمة المالية.
ورحبت كريستين لاجارد وزيرة الاقتصاد الفرنسية بالمقترحات قائلة إنها “خطوة جيدة جدا جدا للأمام”، مضيفة “أنهم يرون أن التنظيم الذي كان كلمة محرمة وكان صعباً استخدامها في الاوساط المالية في الولايات المتحدة مهمة لاحتواء.. التجاوزات البنكية”.
ومن جانبه، قال بول ماينرز وزير الخزانة البريطاني إن بريطانيا اتخذت بالفعل إجراءات لمعالجة مشاكل قطاعها المصرفي. وأضاف “توصل هو إلى حل لما يراه في الشؤون الأميركية.. واتخذنا نحن بالفعل الإجراء الضروري في بريطانيا”. ولكن المحافظين المعارضين في بريطانيا والذين رجحتهم الاستطلاعات للفوز بانتخابات مزمع عقدها في يونيو قدموا دعماً أكثر قوة. وقال جورج اوزبورن المتحدث باسم المحافظين للشؤون المالية لراديو “بي.بي.سي”: “خلق أوباما مساحة أكبر لبقية العالم للتوصل إلى ما اعتقد أنه سيكون نظاماً معقولاً للقواعد الدولية”. وأضاف: “وقلت دائماً إننا ينبغي علينا أن ندرس فصل الأنشطة المصرفية للافراد عن أنشطة تعاملات البنوك على نطاق واسع وهذا أفضل ما جرى عمله على النطاق الدولي”.
وتظل الشكوك بشأن ما إذا كان ممكناً اقرار خطة أوباما دون تغيير منذ أن فقد حزبه مقعداً رئيساً في مجلس الشيوخ مما حرم الحزب من “أغلبية كبرى” في المجلس. واثارت عودة البنوك لمنح مكافآت ضخمة لمصرفيين الغضب الجماهيري والاعلامي في الولايات المتحدة وأوروبا بعد استخدام اموال الضرائب في سداد هذه المكافآت. وكانت هناك موجة بيع كبيرة في “وول ستريت” يوم الخميس الماضي وهزت مخاطر بشأن اتباع دول اخرى لخطة أوباما البنوك الأوروبية.
ودعت قمة مجموعة العشرين التي استضافها أوباما في سبتمبر لإجراء تخفيضات في مكافآت المصرفيين وتعزيز رؤوس اموال البنوك. وأكدت وزارة المالية الألمانية الحاجة إلى التحرك قدماً على الصعيد الدولي، وقالت إن برلين ستقدم مقترحاتها بشأن تطوير اللوائح المصرفية. وقال مايكل أوفر المتحدث باسم الوزارة “نتوقع أن تكون المقترحات الجديدة عاملاً مساعداً للمناقشات المستمرة على صعيد دولي. ونهدف بالتأكيد لايجاد حل لمشكلة “كبير لدرجة لا تسمح لك بالفشل”. وأشار اوزبورن أيضاً إلى مخاطر التحرك بشكل فردي، وقال إن الاجتماع القادم لمجموعة العشرين سيكون منتدى لمناقشة القواعد الدولية المتفق عليها.
وقال متحدث باسم وزارة المالية الهولندية إن الوزارة دعمت “الهدف العام” من مقترحات أوباما “الطموحة” ولكنها شككت في إمكانية تحقيقها. وقالت ماريا تيريز فرنانديس دي لا فيجا نائبة رئيس الوزراء الإسباني إن مدريد تشارك أوباما نفس وجهات النظر بشأن أسباب الأزمة، ولكن كل دولة ينبغي أن تتخذ إجراءاتها التي تناسبها. وأبلغت التلفزيون الاسباني “كل دولة ينبغي أن تتخذ إجراءاتها؛ لأن كل دولة مختلفة عن الاخرى”. وتابعت “في أوروبا نعمل للوصول إلى سياسة للرقابة المالية وأي إجراءات ستتخذ بالاجماع”.
وقال مصدر بالحكومة الاسبانية إن الخطة قد لا يجري تطبيقها في اسبانيا، إذ إن تعاملات البنوك باموالها ليست منتشرة في إسبانيا. وكانت الاستجابة الأوروبية مماثلة لتلك التي حدثت مع إعلان أوباما الأسبوع قبل الماضي أن على بنوك وول ستريت سداد ضريبة تصل إلى 117 مليار دولار لتعويض دافعي الضرائب. واثنت بريطانيا وفرنسا وألمانيا على الفكرة ولكنها قالت إن لديها خططها ولن تتبع تلك الإجراءات. وتعتزم لندن وباريس فرض ضرائب قدرها 50 بالمئة على مكافآت البنوك. وعلى الجانب الآخر، جرى تكليف صندوق النقد الدولي بدراسة فرض ضرائب عالمية على المعاملات المالية والتي اقترحها رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون في اواخر العام الماضي ولاقت دعماً من زعماء الاتحاد الأوروبي.
المصدر: لندن، واشنطن