في أواخر الثمانينيات ومطلع التسعينيات، لم نكن نعرف في آسيا خطراً إلا كوريا الجنوبية، ثم بدأت قائمة الأخطار تزداد علينا، فدخلت اليابان والصين، والآن أصبح أي اسم قادم من الشرق يقلقنا، ويستطيع صنع مشاكل لنا، وتايلاند وفيتنام على سبيل المثال، أصبحنا مطالبين ببذل جهد عند مواجهتها.
تقريباً القارة جميعها في آسيا تتطور، «الفيفا» مصمم على نشر اللعبة فيها، ويستثمر بسخاء، وينسق بقوة من أجل المضي قدماً، فهو يعرف أن نصف سكان الكرة الأرضية ينتمون إلى هذه القارة، ولو كان يريد التفوق بالأرقام على الرياضات المنافسة كافة، فلا بد من الفوز هنا قبل أي مكان آخر.
حتى في أفريقيا، كان كلامنا الدائم عن خصوم مثل نيجيريا والكاميرون، لكن نصف نهائي 2018 مثلاً شهد وجود بوركينا فاسو إذ خسرت بركلات الترجيح أمام مصر، بعد أن أخرجت تونس في الدور السابق، بالإضافة إلى أسماء عديدة أصبحت تأخذ نقاطاً من مواجهاتنا، وتشكل التهديد في كل مباراة، ما زاد من درجة الخطر المحيط بطموحاتنا.
نحن بالأساس خاسرون أمامهم بلعبة الأرقام، وعددنا قليل نسبة إليهم كمنتخبات في القارتين، وزيادة الجيدين منهم تجعلنا نفقد ميزتنا السابقة، فكنا متفوقين بعنصر الجودة، لكنهم باتوا يفهمون قواعد صناعة كرة القدم جيداً، ويدركون أهميتها كقيمة اقتصادية اجتماعية، وحتى كقوة ناعمة سياسية، لذلك فهم يعملون باستمرار بشغف أكبر من شغفنا، ربما لأنهم يشاهدون نتائج غير مسبوقة لهم هذه الأيام، في حين أننا عشنا نجاحات ماضية تجعلنا نخلد إليها كتاريخ جميل، كعادتنا بكل شيء تقريباً.
ولحسن الحظ، فما زال أمامنا متسع من الوقت حتى لا يفوتنا القطار، فالاستفادة من نفس الخبرات والمشاريع التي استفادت منها هذه البلاد ممكنة، والتوقف عن الحسابات الشخصية في بعض القرارات أمر يعود لنا، والاستفادة من الشغف الكروي الهائل في منطقتنا مسألة سهلة، تحتاج فقط لتوفير طريق واضح، لتحويله إلى مواهب تتطور، ومنظومة كاملة تضم الإعلام والاقتصاد والكرة ذاتها.
ولو اكتفينا بإبداء الإعجاب بتطور الهند وفيتنام وتايلاند، ومنتخبات أخرى في القارتين، من دون إطلاق مشاريع حقيقية لها أهداف دقيقة وعليها نظام مساءلة واضح لقياس نجاحها، فعلى الأغلب سنأخذ مكانهم بعد 10 سنوات، لكن ليس مكانهم الجديد.. بل ترتيبهم القديم في القارة، ونكتفي بالتغني بنجاحات قديمة، فالأمر الآن بأيدينا، والمسألة أصبحت علماً، تحتاج إلى تطبيق فقط، فنحن لسنا مطالبين بتقديم اختراعات!