محمود إسماعيل بدر (الاتحاد)
يأخذنا الروائي التركي الشهير أورهان باموق، في روايته «ذات الشعر الأحمر»، الفائزة بجائزة جوسيبي توماسي دي لامبيدوسا الإيطالية، في نسختها الرابعة عشرة عام 2017، إلى بلدة صغيرة على بعد 30 ميلاً من إسطنبول، عائداً بنا عبر أسلوبية «الفلاش باك» إلى الماضي القريب من ثمانينيات القرن العشرين، حيث الانقلابات والأحداث السياسية المشتعلة، من خلال علاقة إشكالية بين حفّار آبار ومساعده الصغير الأهوج، ويظل البطل يبحث في هذه الرواية التي تحمل الكثير من الأبعاد والإسقاطات السياسية عن بديل للأب، الذي اختفى في ظروف غامضة، فتتطور علاقته مع حفّار الآبار، قبل أن يتعرض هو الآخر لحادث غامض، يغيّر من نمط حياته بعد لقائه بذات الشعر الأحمر.
وفي الرواية التي صدرت مؤخراً، في ترجمة عربية أنيقة، عن دار الشروق في القاهرة، بتوقيع المترجم جلال فتّاح رفعت، ثمة علاقات متداخلة وصور متعددة للعلاقة المتوترة بين الأجيال (الآباء والأبناء)، كما يبدو الجانب السياسي واضحاً، فيما يحضر الجانب الرومانسي في دواخل الشخصيات بقوة أكبر، عبر مفاصل وسلسلة متداخلة من الأساطير والحكايات والقصص والمشاعر الإنسانية، ولمحات من الغموض، يربطها ويضفرها المؤلف في نسيج فني واحد، يجعل القارئ يلهث معه حتى السطر الأخير من هذه الرواية، التي تحمل معانٍ كثيرة عن ثنائيات: الأسرة والحب، الشباب والعجز، التقاليد والحداثة، الهوية والبحث عن الذات.