يتطلب فن تصميم المجوهرات والحلي الكثير من الخبرات والمهارات والدراسات التطبيقية التي تمنح المصمم ثقافة ومعرفة بخصائص المعادن النفيسة والأحجار الكريمة، وكيفية التعامل معها، بالإضافة إلى الموهبة والحس الفني المرهف ليتمكن من خلق وإيجاد قطع جمالية جذابة ونادرة. لم تكتف مصممة المجوهرات المصرية هانيا عفيفي بأن تكون مجرد هاوية، تتخذ من تصميم المجوهرات عملا ثانوياً تمنحه ما يتبقى لديها من أوقات الفراغ، بل أرادت أن تكرس معظم وقتها وعملها وأحاسيسها وأفكارها لتصل إلى مرحلة الاحتراف، ويكون لاسمها صدى واسع في عالم المجوهرات، بل وأن تكون “دي هانيا” ماركة مفضلة لدى كل امرأة عصرية. “الاتحاد” التقت المصممة هانيا عفيفي التي اصطحبتنا بدورها في رحلة جميلة إلى عالمها الساحر بعد أن جعلت من كل قطعة تصممها تحفة فنية بحد ذاتها. سكتشات ملونة تسترجع عفيفي بذاكرتها البدايات الأولى التي تفجرت فيها الموهبة، وتقول: “عندما كنت في مرحلة الإعدادية كنت أرسم مجوهراتي بنفسي على شكل سكتشات، وأطلب من الصائغ أن ينفذها لي، ولم أفكر بدراسة تصميم المجوهرات في الجامعة لأنني اتخذت من الأمر مجرد هواية، فدرست التسويق والإعلام في الجامعة الأميركية في القاهرة، وعملت بعدها في وكالة اعلانات، وظل حب المجوهرات ينازعني ويلح علي، فقررت منذ عامين فقط أن أترك عملي وأتفرغ لتصميم المجوهرات، لأتحول من هاوية إلى محترفة، وكان ذلك يتطلب مني أن ألتحق بمعاهد أدرس فيها كل ما يتعلق بكيفية تصميم المجوهرات، وفعلا التحقت بفرع جامعة أيسمود الفرنسية في الإمارات، وتعلمت فيها أسس الرسم والتصميم، ثم دعمتها بدراسة أخرى عن فن صناعة الذهب الذي تشتمل على كيفية تقطيع الذهب وتسييحه، وتشكيله وغيرها من المهارات”. تضيف عفيفي: “لاحظت أن الإكسسوارات مهمة جدا في أناقة المرأة، وأن أسعارها في تزايد، بل وتكون خيالية في بعض الأحيان، على الرغم أنها ليست من مادة الذهب أو الألماس، ففكرت لماذا لا أصمم مجوهرات من الذهب على هيئة إكسسوار عصري يتماشى مع الموضة، ولا تذهب قيمته بذهابها، ومهما ملت منه المرأة، واضطرت إلى تجديده عبر بيعه، فهي لا تخسر فيه، لأنه في النهاية من الذهب والذهب سعره وقيمته فيه، فاستعملت الذهب الأصفر والأبيض والأحمر عيار 18 وأحجارا كريمة وشبه كريمة”. ثلاثة خطوط توضح عفيفي الأفكار التي انطوت عليها مجموعتها الأولى لعام 2010 والتي أبصرت النور حديثا وتقول: “مجموعتي “دي هانيا” احتوت على 3 خطوط أو مجموعات رئيسية وهي: ستاكاتو Staccato وسايرن Siren وبينتيور Peinture، وقد اختلفت عن بعضها بصورة واضحة حيث تميزت ستاكاتو Staccato التي تعني بالإيطالية النوتة الموسيقية المتقطعة، بإحتوائها على سلاسل طويلة ذات شكل إنسيابي، خط واحد من الذهب يعترضه حجر أو قطعة إكسسوار، أو كرة منحوتة أو حبة لؤلؤ أو مرجانة أو قطعة عاج على شكل وردة، ثم يعود الخط باستقامته وتأتي قطعة أخرى كالسابقة تعترض طريقه، تماما كالنوته الموسيقية التي تسير على لحن أو نغمة ثم تعترضها نغمة أخرى مختلفة، وهكذا ويمكن لف هذه السلاسل أكثر من مرة على الرقبة، ولدي اقبال وطلب متزايدان عليها فهناك من ترتديها فوق العباءة، وهناك من تعتبرها مناسبة للعمل على أساس أنها عملية ومبتكرة وبسيطة، وهذا ما أطمح أن أصممه للمرأة العصرية التي غالبا ما تكون عاملة ويتميز طابع حياتها بالسرعة، وتحتاج لما هو عملي ومبتكر وجميل، أما مجموعة سايرن Siren وتعني بالإنجليزية الصرخة والتي وددت أن تتماشى مع الموضة من حيث احتوائها على عقود وأساور كبيرة وعريضة لافتة للإنتباه عبر تصميمها على طبقات فوق بعضها تشبه سبحة الرجال واستخدمت فيها ألوانا تتناسب وراقية كالتركوازي والأحمر وغيرهما، وركزت كذلك على حجر شبه كريم يسمى اللابيز ولونه أزرق غامق، نظرا لتزايد الطلب عليه ونسقته مع الذهب الأصفر، حيث أختار لون الذهب الذي سأستخدمه في القطعة حسب لون الأحجار”. رسم وتصميم وتتابع عفيفي حديثها لتصل إلى أحب مجموعة على قلبها وهي مجموعتها الثالثة التي سمتها بنتيور Peinture وتعني بالفرنسية فن رسم اللوحات، تخبرنا عفيفي عن فكرتها وتقول: “عندما كنت أسافر، كنت أتقصد زيارة المعارض والمتاحف التي كانت تجذبني فيها اللوحات الفنية لأكبر وأشهر الرسامين، وكنت أتمنى انتقاءها لكنها كانت تباع بأسعار باهظة جدا، ففكرت لماذا لا أستغل هذا الفن الجميل في تصاميمي بحيث تحتوي تصميماتي على لوحات فنية حقيقية، يرسمها فنانون بريشاتهم فتصبح القطعة المصممة من مجوهراتي تحوي فنين، فن الرسم والتصميم، وفعلا عمدت إلى الإستعانة برسامين تشكيليين من الدولة، وناقشتهم بفكرة الرسومات التي أريد أن يرسموها لي في لوحات صغيرة جدا بأشكال مربعة ودائرية ومستطيلة، واتفقت معهم على الألوان التي أرغب بها لأنسقها مع الحجارة الكريمة وشبه الكريمة، والذهب الذي سأستعمله فيها وكنت أكلف 4 فنانين في نفس الوقت أن يرسموا لي في نفس الموضوع، وكل يعبر بطريقته، وقد استعملوا الألوان المائية والزيتية والأكريليك، واخترت لهم مواضيع استوحيتها من الطبيعة مثل موضوع أسميته تفتح الأزهار رسموا لي فيه أزهارا طغى عليها اللون الزهري والأبيض والأخضر، وآخر أطلقت عليه ما وراء البحار رسموا لي فيه ما تخيلوه في أعماق البحار من شعب مرجانية وأسماك فطغى عليها اللون الأزرق والبرتقالي والأحمر، ثم قمت بأخذ هذه اللوحة وقصصتها بما يتناسب مع الإطار الذي وضعته لها المصنوع من الذهب، ووضعت على وجه اللوحة التي صارت قطعة إكسسوار في إطار من الذهب، قطعة زجاج تحميها تماما كزجاج الساعة، وراعيت أن يكون الإطار المصنوع من الذهب مشغولا ومنقوشا من الخلف بطريقة راقية، وقد تمكنت من تطبيق هذه الأفكار على مجوهرات الأقراط فقط، وسأنتقل قريبا إلى الأنواع الأخرى من المجوهرات كالسلاسل والخواتم والعقود”. تؤكد عفيفي أن مجموعتها بنتيور Peinture نالت إعجاب القائمين على معرض Eclat de Mode في باريس الذين دعوها للمشاركة بعرض مجوهراتها في المعرض الذي سيقام في سبتمبر القادم نظرا لإبتكارها فكرة هذه المجموعة التي لم يسبقها إليها أحد. وتحرص عفيفي على شراء الأحجار الكريمة وشبه الكريمة التي تستعملها في تصاميمها من معارض المجوهرات التي تقام في هونج كونج في الصين، وفيتشنزا في إيطاليا وغيرها.? وتفيد بأنها استغرقت 4 أشهر في إعدادها لمجموعتها الأولى، وهي الآن تعد لمجموعتها الثانية التي يتوقع أن تبصر النور في أكتوبر القادم. حال عفيفي كحال كثيرين ممن لديهم موهبة وحرفة ويتطلعون إلى دخول السوق وطرح منتوجاتهم، لكنهم يواجهون مشكلة عدم معرفتهم بكيفية تأسيس شركة والحسابات ودراسات الجدوى المطلوبة والمعاملات البنكية وغيرها من المستلزمات الأساسية في التعاملات التجارية، لكنها حظيت بفرصة رائعة شجعتها أكثر وأكثر عبر السماح لها بعرض مجموعتها لعام 2010 في محال بلومنغديلز Bloomingdales التابع لمجموعة الطاير إنسيجنيا في دبي مول، وهو واحد من أشهر وأهم المتاجر العالمية في الولايات المتحدة.