يرى مراقبون أن الطفرة التي استحدثتها شركة إنتل مؤخراً في تصميم الرقائق بمثابة مسعى منها إلى إقصاء التهديد الذي تشكله شركة آرم هولدينجز البريطانية المتخصصة في تصميم الرقائق والتي تتحدى هيمنة انتل على المعالجات الدقيقة (ميكرو بروسيسورز). وكشفت أكبر شركة تصنيع رقائق في العالم من حيث المبيعات مؤخراً عن بنية ثلاثية الأبعاد مبتكرة للجيل القادم من وحدات المعالجة المركزية تعتقد الشركة الأميركية أنها يمكن أن تكفل لها تقدماً على منافسيها لثلاث سنوات. وتبلغ حصة إنتل 80,8 في المئة في سوق وحدات معالجة أجهزة الكمبيوتر الشخصية بينما تشكل منافستها ايه ام دي 18,9 في المئة من سوق وحدات المعالجة في العالم، وفقاً لإحصائيات نشرتها مؤخراً مؤسسة اي دي سي البحثية. غير أن شركة انتل أخفقت في إنتاج رقائق من حيث كفاءة الطاقة تصلح لاستخدامها في الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر اللوحية التي تسيطر عليها الرقائق التي تصممها شركة آرم. يذكر أن أجهزة آي فون وآي باد المحمولة التي تصنعها آبل تستخدم رقائق مرتكزة على تصاميم آرم وليس انتل. كما أن آرم تتوجه حالياً صوب سوق أجهزة الكمبيوتر المكتبية التي تعد صلب تخصص انتل، وكانت مؤسسة اي دي سي قد توقعت أن ترتكز 13 في المئة من وحدات معالجة أجهزة الكمبيوتر الشخصية على تصميم آرم بحلول عام 2015. غير أنه من خلال تصميم انتل الجديد الذي ينتظر أن يخفض استهلاك الطاقة إلى النصف مقارنة بجيلها الراهن يتوقع الخبراء أن يكون هناك طفرة جديدة في مجال الهواتف المحمولة. ومن المنتظر أن تنتج انتل رقائق تبلغ سماكة دوائرها الكهربية 22 من المليار من المتر على نطاق واسع في وقت لاحق من هذا العام. وقال لين جيلينك محلل تصنيع أشباه الموصلات في مؤسسة اي سبلاي البحثية: “ظللنا نسأل انتل عن خريطة طريقها إلى الدخول في سوق الهواتف المحمولة”. وقال لي سيمبسون محلل أشباه الموصلات في بنك جيفريز الاستثماري: “ها هي انتل تشرع في اقتحام عالم الهواتف المحمولة”. وأضاف أنه ينتظر العام المقبل أن يدرس عملاء مثل آبل استخدام رقائق انتل في هواتفهم المحمولة. غير أن شركة آرم استهانت بذلك التهديد، إذ قال إيان درو نائب رئيس تنفيذي آدم لشؤون التسويق: “لا ينطوي هذا التصريح على مفاجأة حقيقية، وتردد الحديث عن التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد لعقد من الزمن، صحيح أن انتل هي أول من صرح بها ولكن هناك العديد من الجهات تتبعها سريعاً، كما ينبغي علينا أن ننتظر ونرى مدى جدوى هذه الرقائق عملياً”. وقالت شركة تصنيع أشباه الموصلات التايوانية التي تعد أكبر شركة تتعاقد على تصنيع رقائق في العالم وإحدى أهم الشركات التي تصنع لمنافسي انتل مثل شركات كوالكوم ونفيديا وغيرها، إن رقائقها ستظل تنافس رقائق انتل، رغم أنها لا تعتزم استخدام أشباه الموصلات ثلاثية الأبعاد إلى أن يكون جيل الأربعة عشر نانوميتر قد وصل. وقالت الشركة: “إنه رغم أنه سيكون لدى انتل أشباه موصلات أقوى نتيجة لتصميمها الجديد إلا أنه سيكون لرقائق شركة تي اس ام سي توصيلية بينية أفضل وكثافة ترانزيستور أعلى لدرجة أنه من حيث الأداء العام لن نتخلف عن إنتل”. كما قال شانج ياي تشيانج نائب الرئيس للبحث والتطوير ان تي سي ام سي تعكف على البحث في مجال الترانزيستورات ثلاثية الأبعاد منذ عام 2003. وقال بعض المحللين إن إنتل ستواجه منافسة شديدة، إذ قال ريتشارد دوهيرتي المحلل في مؤسسة اينفيزيو نيرنج: “إن إعلان إنتل عن ذلك سيكون بمثابة ضوء أخضر لمزيد من التنافس الذي يفوق تصورها، أعتقد أن الأمر كان فيه قدر من الجعجعة أكثر مما يستحق”. وقال روجر كاي المحلل في اندبوينت تكنولوجيز: “فيما يتعلق بمنافسة شركة آرم أعتقد أن جيل 22 نانوميتر ربما يكون قريباً من المنافسة ولكن ربما ليس بنفس المستوى ولن يكون بالتأكيد سبباً كافياً لتجاهل التصميم الأصلي، ولكن فيما يتعلق بجيل 14 نانوميتر فربما يكون له ميزة كافية لأن تجعل مصنعي الأجهزة وشركات الاتصالات تدرس الأمر”. إلى ذلك، أعلنت نفيديا الشركة الأميركية المتخصصة في تصنيع الرقائق مؤخراً عن صفقة شرائها نقداً شركة ايسيرا البريطانية المنافسة لها نظير 367 مليون دولار. تتيح هذه الصفقة لشركة نفيديا تعزيز تنافسيتها مع كل من شركتي هولكوم وانتل في سوق رقائق الهواتف المحمولة المتنامية. ويعتبر بيع شركة الرقائق المتمركزة في بريستول بمثابة مفتاح الفرج لمجتمع المستثمرين الأوروبيين الذي استثمر بقوة في الشركة. يذكر أن شركات أوروبية منها أماديوس كابيتال بارتنرز وأطلس فينتير وادفيت ضخت قرابة 250 مليون دولار في نفيديا منذ تأسيسها عام 2002 فيما يعد أحد أكبر الاستثمارات في شركات أشباه موصلات أوروبية مبتدئة. وقال هيرمان هوسر مؤسس أمادوس كابيتال بارتنرز: “كان ذلك استثمارا عظيما ولولا نجاحه لكنا في ورطة حقيقية”. غير أن سعر البيع هذا يعتبر بعيداً عن طموحات رئيس تنفيذي ايسيرا وأحد مؤسسيها ستان بولند الذي كان يطمح في طرح الشركة في البورصة لاكتتاب قد تصل قيمته إلى مليار دولار. وقال بولند الذي يعتبر من كبار رواد الأعمال: “من الصعب لشركة صغيرة أن تبتكر في مجال الأجهزة المحمولة نظراً لأنها تخوض في منافسات مع شركات كبرى. وكونها جزءاً من شركة كبرى مثل نفيديا سيكفل لشركة ايسيرا المصداقية التي تحتاجها. كنا نأمل في اكتتاب ابتدائي عمومي لفترة غير قصيرة، ولكن الأهم هو التأكد من أن ننجح في المدى الطويل”. يذكر أن أعضاء إدارة شركة ايسيرا العليا يملكون 20 في المئة من الشركة ويفترض أن يحصلوا على أكثر من 73 مليون دولار من صفقة البيع. ويضاف إلى ذلك الثروة الكبيرة التي تحصل عليها بولند وشريكه في تأسيس الشركة سيايمون نولز حين قاما من قبل ببيع شركة رقائق تسمى (ايلمنت 14) لشركة برودكوم مقابل 594 مليون دولار في عام 2000. تعتبر ايسيرا التي تصنع نوعاً مبتكراً من الرقائق اللاسلكية لهواتف ذكية وأدوات حماية أجهزة محمولة تعمل على ترددات النطاق العريض في اتصالات شبكة الإنترنت السريعة منافساً محتملاً لكبريات الشركات الأميركية مثل كوالكوم وإنتل. وكانت منتجات الشركة قد أجيز استخدامها من قبل أكثر من 50 مشغل هواتف محمولة تضم شركات أورانج وفودافون وايه تي اند تي. غير أنها واجهت صعوبة في عقد صفقات في سوق الهواتف المحمولة. ويتيح الاستحواذ على ايسيرا لشركة نفيديا تعزيز مكانتها القوية أصلاً في مجال الهواتف الذكية والحواسب اللوحية. وكانت ايسيرا قد حققت نجاحاً مدوياً حين ابتكرت وحدة المعالجة تيجرا التي تشغل حالياً بعض أشهر الحواسب اللوحية في السوق والهواتف الفائقة Super Phones مثل أبوبتيموس 2 إكس (من ال جي) واتريكس 4 جي (من موتورولا). نقلاً عن: فاينانشيال تايمز ترجمة: عماد الدين زكي