مرت الذكرى التاسعة لرحيل أحمد مظهر «فارس السينما» في هدوء شديد، ولم يلتفت أي من البرامج بالتلفزيون المصري، لهذه الذكرى، ربما للانشغال بالأوضاع الراهنة في مصر، والتجاهل طال أيضاً العديد من القنوات الفضائية التي تعرض يومياً عشرات الأفلام، ولم يفكر القائمون عليها في عرض فيلم من أفلام مظهر، والتي يعد غالبيتها من روائع السينما العربية. تخرج أحمد مظهر الذي ولد في الثامن من أكتوبر 1917 في الكلية الحربية عام 1938 في نفس الدفعة التي ضمت الرئيسين الراحلين جمال عبدالناصر وأنورالسادات، وضمت أيضاً عبد اللطيف البغدادي وحسين الشافعي، وشارك في حرب فلسطين عام 1948، قبل أن يتولى قيادة مدرسة الفروسية عقب نجاح ثورة يوليو 1952، ورغم أنه كان من الضباط الأحرار، فإنه لم يشارك زملاءه في أحداث ثورة يوليو، حيث كان في تلك الفترة بالعاصمة الفنلندية هلسنكي مشاركاً كبطل في الفروسية في دورة الألعاب الأوليمبية هناك، وحقق أرقاماً عالمية جعلته من كبار أبطال هذه الرياضة في العالم. رمز مضيء ويعد أحمد مظهر من العلامات البارزة والرموز المضيئة في تاريخ السينما المصرية، خصوصاً أنه تمكن من تقمص كافة الأدوار والشخصيات ومنها الفارس والعاشق والبرنس والخائن، وبرع في جميع الألوان التراجيدية والدينية والكوميدية والرومانسية والوطنية. وجاء اتجاهه إلى الفن عن طريق الصدفة ومن باب التجربة، حين عرض عليه زكي طليمات المشاركة في مسرحية «الوطن» عام 1948، وبعد ثلاثة أعوام شارك مع المخرج إبراهيم عزالدين في بطولة فيلم «ظهور الإسلام» عام 1951، وبعد ستة أعوام عرض عليه زميله في سلاح الفرسان الأديب يوسف السباعي الظهور في فيلم «رُد قلبى» المأخوذ عن قصة له كتبها عن ثورة يوليو، وبعد بدء التصوير بثلاثة أيام، عارض الجيش عمله في التمثيل، فقدم استقالته وهو برتبة عقيد وعمل سكرتيراً عاماً بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، قبل أن يتفرغ تماماً للسينما في عام 1958. وتعاون أحمد مظهر مع غالبية فنانات العصر الذهبي للسينما المصرية في العديد من الأفلام ومنهم فاتن حمامة في «دعاء الكروان» و»امبراطورية ميم»، وسميرة أحمد «الشيماء» ومريم فخر الدين «رد قلبي» وسعاد حسني «القاهرة 30» و»الجريمة الضاحكة» و»غصن الزيتون» و»ليلة الزفاف» و»شفيقة ومتولي» وصباح «الأيدي الناعمة» و»العتبة الخضرا» ونادية لطفي «الناصر صلاح الدين» و»النظارة السوداء» وماجدة «جميلة بو حريد» و»واإسلاماه» و»العمر لحظة» وشادية «لوعة الحب» و»أضواء المدينة» ولبنى عبدالعزيز «غرام الأسياد». آخر أفلام كما شارك في عشرات الأفلام الأخرى منها «رحلة العمر» و»مذكرات الآنسة منال» و»الشحات» و»كلمة شرف» و»خطيب ماما» و»حب المراهقات» و»الرداء الأبيض» و»أكاذيب حواء» و»نادية» و»نفوس حائرة» و»العنب المر» و»معسكر البنات» و»المراهقة الصغيرة» و»المتمردة» و»غداً يوم آخر» و»حياة وأمل» و»لن أعترف» و»حب في حب» و»لوعة الحب» و»الطريق المسدود» و»بورسعيد» و»طريق الأمل» و»أنا بريئة « و»الزوجة العذراء» و»الليلة الأخيرة» و»النمر الأسود» و»الاتحاد النسائي» و»على ورق سوليفان» و»عتبة الستات» الذي كان آخر أفلامه السينمائية. كما شارك في بطولة العديد من المسلسلات الإذاعية والتليفزيونية ومنها الجزء الأول من «لا اله إلا الله» و»نور الإسلام» والجزء السادس من «القضاء في الإسلام» و»الفارس الملثم» و»على هامش السيرة» و»حكاية وراء كل باب» و»رقيب لا ينام» و»ضمير أبلة حكمت» أمام فاتن حمامة و»ضد التيار» أمام سميرة أحمد ومحمود ياسين و»برديس» أمام نيللي، والجزء الأول من «ليالي الحلمية» و»العرضحالجي» و»عصر الفرسان»، إلى جانب مشاركته في نحو عشر مسرحيات منها «الوطن» و»التفاحة والجمجمة». ووقف أحمد مظهر أمام كاميرا العديد من المخرجين منهم عز الدين ذو الفقار وبركات وفطين عبدالوهاب وسعد عرفة ومحمود ذو الفقار ويوسف شاهين وحسام الدين مصطفى وحسين كمال وأخرج للسينما فيلمين كتبهما بنفسه هما «نفوس حائرة» عام 1968 و»حبيبة غيري» عام 1976. تكريم نال مظهر الذي توفى في 8 مايو 2002 تقدير الرئيسين جمال عبدالناصر وأنور السادات، حيث قلده الأول وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1969، وكرمه الثاني بوسام رفيع في احتفالات مصر بعيد الفن الذي توقف بعد اغتيال السادات في أكتوبر 1981، كما نال أكثر من 40 جائزة محلية ودولية على مدى مشواره الفني الطويل، من أهمها جائزة الممثل الأول عن دوره في فيلم «الزوجة العذراء» وحصل على جائزة في التمثيل عن دوره في فيلم «الليلة الأخيرة»، كما تم تكريمه في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.