محمود عبدالعظيم (القاهرة) - تبدأ وزارة السياحة المصرية تنفيذ خطة ترويج ضخمة خلال شهري مايو ويونيو لإنقاذ الموسم السياحي المقبل، لاسيما على صعيد السياحة العربية. وتستند الوزارة في هذه الخطة إلى تقرير صدر مؤخراً عن منظمة السياحة العالمية يشير إلى إمكانية بدء استعادة السوق السياحية المصرية لأوضاعها السابقة على ثورة 25 يناير خلال الموسم الصيفي المقبل، حيث يمكن جذب نفس عدد السائحين الذين اجتذبتهم السوق المصرية في صيف 2010 الذي شكل ذروة عام سياحي ناجح بلغ فيه عدد السائحين الإجمالي نحو 11 مليون سائح. وتراهن وزارة السياحة المصرية في نجاح استراتيجية التسويق والترويج الجديدة على إمكانية أن تسفر الانتخابات الرئاسية، المقررة يومي 24 و25 من مايو الحالي عن نوع من الاستقرار النسبي سياسياً وأمنياً واجتماعياً وتوفير مناخ ملائم لعودة الحركة السياحية الوافدة. أما العامل الثاني فهو المرتبط تقليديا بموسم الصيف والذي تتواكب فيه حركة سياحية عربية قوية لاسيما من بلدان الخليج العربي مع عودة المصريين العاملين في الخارج والذين يخصصون جزءا من نفقاتهم السنوية لبرامج سياحية داخليةا تستهدف مناطق شرم الشيخ والساحل الشمالي الغربي ومرسى علم. ويعزز فرص نجاح خطة الترويج الجديدة، بدء استعادة بعض المقاصد السياحية المصرية، لاسيما الغردقة لأوضاعها السابقة اعتباراً من النصف الثاني من شهر مارس الماضي، حيث تراوحت نسبة الإشغالات في معظم فنادق ومنتجعات الغردقة بين 80 و90% على مدى الأسابيع الأربعة الماضية وسجل مطار الغردقة أعلى معدل رحلات طيران «شارتر» قادمة من المناطق التقليدية المصدرة لسياحة الشواطئ المصرية وفي مقدمتها ألمانيا وإيطاليا وروسيا. ولعبت تصريحات سياسية صدرت عن أحزاب إسلامية دوراً في طمأنة القطاع السياحي المصري حول طبيعة التوجهات السياسية المستقبلية للبلاد وأنها لا تنطوي على أي نوع من الحصار أو التضييق على الحركة السياحية الوافدة وجرى ترجمة ونشر هذه التطمينات في عدد واسع من الصحف والمواقع السياحية العالمية إلى جانب تركيز الأجنحة المصرية المشاركة في الأنشطة السياحية الدولية مثل بورصة برلين وبورصة لندن على هذه التصريحات الإيجابية بهدف بعث رسائل طمأنة لمصممي الرحلات الأجانب محورها استقرار ونمو أعمال السياحة في مصر على المدى القصير. وحسب معلومات حصلت عليها «الاتحاد»، فإن الخطة الترويجية لوزارة السياحة والتي يتم تمويلها عبر دعم مالي حكومي وكذلك مساهمات مالية من صندوق التنشيط السياحي والاتحاد المصري للمنشآت الفندقية تستهدف جذب نحو 5 ملايين سائح إلى البلاد خلال الفترة من يوليو وحتى نهاية الموسم السياحي الصيفي في سبتمبر المقبل وبمعدل يدور حول 1,6 مليون سائح شهرياً، نصفهم على الأقل من البلدان العربية والنصف الآخر من بلدان شرق أسيا تحديداً الصين واليابان وبعض بلدان أوروبا الشرقية إلى جانب بقية الأسواق التقليدية المصدرة للسياحة المصرية. ويوفر هذا العدد حال نجاح اجتذابه نحو 50 مليون ليلة سياحية ودخلاً صافياً في حدود خمسة مليارات دولار تراهن عليها الحكومة في تعزيز موقف الاحتياطي النقدي للبلاد لدى البنك المركزي على ضوء مؤشرات عامة ببدء تحسن أوضاع بعض القطاعات الاقتصادية الموفرة للنقد الأجنبي ومنها عائدات التصدير وتحويلات المصريين العاملين في الخارج ورسوم المرور في قناة السويس. ويرى خبراء في قطاع السياحة أن اختيار هذا التوقيت لبدء جولة ترويجية ضخمة لاستعادة قوة السوق السياحية المصرية يعد اختياراً جيداً حيث يبدو أن هناك، حسب مؤشرات رقمية لأعداد السائحين الوافدين إلى مصر خلال الأسابيع الأخيرة، نوع من استعادة الثقة من جانب منظمي الرحلات الأجانب بالسوق المصرية وكذلك تنامي رغبة السائح العادي في عدد من الأسواق الدولية في زيارة مصر سواء في إطار برامج السياحة الثقافية أو سياحة الشواطيء. ويشير الخبراء إلى بدء عودة التدفق السياحي على مصر يعني إمكانية عدم تراجع العوائد السياحية خلال العام الجاري مقارنة بالعام الماضي 2011، الذي فقد فيه القطاع السياحي نحو 25% من إجمالي الدخل السنوي. وأكد الخبراء ضرورة التركيز في الحملة الترويجية وفي لقاءات الوفود مع منظمي الرحلات الأجانب على نقطة الاستقرار الأمني والسياسي بالبلاد بدلاً من التركيز على نقطة التخفيضات السعرية نظراً لأن قضية التخفيضات هي محور تنافس كبير بين البلدان الجاذبة للسياحة، خاصة في منطقة الشرق الأوسط. وتؤكد الدكتورة عالية رجب، المستشار الاقتصادي لوزير السياحة المصري، أن خطة الترويج تأتي في إطار جهود متكاملة ليس فقط لاستعادة الأوضاع السابقة على ثورة 25 يناير بل بهدف دفع القطاع إلى مرحلة الانتعاش باعتباره قاطرة للنمو والتشغيل وجلب النقد الأجنبي للبلاد. وقالت إن أحد دوافع الخطة في هذه المرحلة دخول طاقة فندقية جديدة التشغيل الفعلي بعد أن تم إنجازها خلال العامين الماضيين وهي طاقة في حدود 20 ألف غرفة فندقية من الطبيعي أن تبحث عن الإشغال لتعويض الاستثمارات التي جرى ضخها فيها وبالتالي جاءت هذه التحركات من جانب الوزارة وبقية الأطراف الفاعلة في القطاع السياحي لمساعدة هذه المشروعات الجديدة على التشغيل لأنها استثمارات وتمويل بنكي ولا يجب تعريضها للخطر في بداية دخولها السوق. وأشارت عالية إلى أن المؤشرات الرقمية للقطاع تؤكد بدء عودة الحركة السياحية الى طبيعتها، لاسيما خلال الفترة الأخيرة والوزارة تبني على هذا التحسن لضمان استمراره وتعظيم عوائده في الفترة المقبلة حيث يهمها في هذه المرحلة خلق مناخ نفسي إيجابي لدى منظمي الرحلات ولدى الأسواق الدولية بأن السوق المصرية عادت لطبيعتها وأنها مؤهلة لاستقبال المزيد من السائحين وأن البنية التحتية تواصل نموها وتطورها وأن دعم السوق لايزال قائماً من جانب الحكومة وأن التيسيرات «اللوجيستية» التي كانت تطلبها شركات الطيران سوف تتم الاستجابة لها وكل ذلك في إطار مناخ عام مرحب بعودة الحركة السياحية.