شريف عادل (واشنطن)

أربك جيرومي باول، رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي)، المستثمرين والأسواق، رغم تخفيضه معدل الفائدة كما كان متوقعاً، بعد أن جاءت تصريحاته في المؤتمر الصحفي أمس الأول، الذي أعقب القرار، مبهمة، خاصةً في ما يتعلق بما قد يؤدي إلى المزيد من الخفض في الفترة القادمة.
وبعد أن قرر البنك الفيدرالي تنفيذ ما مهد له كبار مسؤوليه خلال الأسابيع الماضية، بتخفيض معدلات الفائدة، للمرة الأولى منذ انتهاء الأزمة المالية العالمية قبل أكثر من عشر سنوات، بمقدار ربع بالمئة، أو 25 نقطة أساس، أكد باول أن القرار جاء لـ«ضبط السياسة النقدية في منتصف الدورة»، الأمر الذي فهمه المتلقون على أنه إشارة إلى عدم وجود نية، حتى هذه اللحظة، لإجراء تخفيضات أخرى. وفي حين أوضح بيان لجنة السوق المفتوحة FOMC أن البنك سيقوم بعمل اللازم للحفاظ على النمو الاقتصادي، أكد باول في تعليقاته للصحفيين أن البيانات الصادرة ستكون عاملاً أساسياً في اتخاذ القرار القادم، الأمر الذي أحبط المستثمرين، الذين حلقت بهم تصريحات الأسابيع الماضية نحو بدء دورة قوية من تخفيضات معدلات الفائدة، وصولاً إلى الفائدة الصفرية على أقل تقدير.
وبعد تسع رفعات لمعدلات الفائدة على أمواله خلال السنوات الخمس الأخيرة، بقيمة إجمالية 2.25%، ورغم استعداده في نهاية العام الماضي لاستكمال مسيرة التشديد (رفع الفائدة)، عكس البنك الفيدرالي الاتجاه، في أعقاب إعلان وزارة التجارة، الأسبوع الماضي، عن تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي خلال الربع الثاني من العام الحالي.
وصوت ثمانية من المسؤولين العشرة بالبنك لصالح قرار الخفض، لتجنب وقوع الاقتصاد أسيراً للتباطؤ، ومن ثم الركود، بينما امتنع اثنان عن التصويت، لأنهما لم يجدا في البيانات الصادرة حديثاً ما يدعو لخفض الفائدة.
واعتبر البنك أن النزاعات التجارية، وعدم وجود رؤية واضحة لما ستسفر عنه، يمنعان البنك من رسم طريق أكثر وضوحاً لخطوته التالية. ولم يقنع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقرار، ولا بتصريحات باول بعده، الذي قال عنه إنه «كالعادة، خذلنا مرة أخرى». وعبر ترامب، على حسابه على تويتر، عن عدم رضاه عما يفعله البنك، مضيفاً: «كانت الأسواق تريد أن تسمع من باول والبنك أن هذه بداية لدورة طويلة من خفض معدلات الفائدة، تسمح بمنافسة الصين والاتحاد الأوروبي ودول أخرى حول العالم».
وجاءت كلمات ترامب متماشية مع ردود فعل سوق الأسهم الأميركية، التي انخفض مؤشرها الأشمل أس آند بي 500 بأكثر من 1% في أعقاب القرار، على الرغم من أنه في الحالات السابقة، خلال ربع القرن الأخير، التي تحول فيها البنك من رفع الفائدة إلى خفضها، لم يكتف في أي منها بإجراء خفض واحد، وإنما تبعه بسلسلة من التخفيضات، تحت عنوان «دعم النمو الاقتصادي». وفي آخر مرة خفض البنك معدلات الفائدة، وقت الأزمة العالمية في 2008، وصلت معدلات الفائدة إلى ما يقرب من صفر بالمئة، وبقيت عند هذا المستوى لأكثر من سبع سنوات، قبل أن يبدأ البنك في رفعها مرة أخرى، في ديسمبر 2015.