بِلا حُضورِكَ لا يَحْلو لَنا السَّهَرُ ** فَاطْلَعْ عَلَيْكَ سَلامُ اللهِ يَا قَمَرُ
مُذْ غِبْتَ عَنِّي وَلَيْلُ الشوقِ يَسْألُني ** مَتى تعودُ؟ فَيَبْكي الصَّخْرُ والحَجَرُ
مَتَى تَعودُ؟ لِيَرْتَدَّ الظلامُ إلى ** لَيْلٍ مَضيءٍ فَيَحْلو الحِلُّ والسَّفَرُ
كَم انْتَظَرْتُكَ والأَشواقُ ساهِرَةٌ ** وَلَمْ يَزُرْ مَسْمَعِي عِلْمٌ وَلا خَبَرُ
يا أيُّهَا القَمَرُ الرَّحَّالُ عُدْ مَلِكاً ** عَلَى فؤادِي وإلّا سادَنِي الضَّجَرُ
الشعْرُ لَولاكَ ما طابَتْ قَوافِيَهُ ** وَلا تَوالَتْ عَلى أَبْياتِهِ الصُّوَرُ
والشاعِرُ الصَّبُّ إنْ تَبْزُغْ يَذُبْ وَلَهاً ** وَإِنْ تَغِبْ لَيْلَةً يسْتَوْطِنِ الكَدَرُ
فأَنْتَ وجْهُ حَبيبي حينَ تَرْسُمُهُ ** حُروفُ شِعْرِي وكَمْ يَحْلَوْلَهُ النَّظَرُ
إنِ اكْتَمَلْتَ غَدَوْتَ البَدْرَ واتّجهَتِ ** إِلَيْكَ أنظارنا واسْتَفْحَلَ الخَطَرُ
فالحُسْنُ إنْ يَكْتَمِلْ أخْطارُهُ انتَشَرَتْ ** كَما الحَرائقُ في الغاباتِ تَنتَشِرُ
مِنْ نِصْفِ قَرْنٍ مَضَى زَارَتْكَ مَرْكَبَةٌ ** فيهَا رِجالٌ بأشواقِ الهَوَى حَضَرُوا
وَما اسْتطاعُوا بِرُغمِ الشَّرْحِ أنْ يَهَبُوا ** لَنا ارتِياحاً لِمَا في الفِكْرِ يَسْتَعِرُ
فَأَنْتَ في فِكْرَتي وَجْهٌ لِفاتِنَةٍ ** يَشُكُّ قَلْبي كثيراً أنَّها بَشَرُ
وَأنتَ في واقِعي المَلْموسِ أُغْنِيةٌ ** العاشِقونَ إذا أصْغوا لَها َسَكِرُوا
وَفي الإماراتِ قالَ القَوْمُ في ثِقَةٍ ** إِلَيْكَ نَمْضي فَيُفْشي سِرَّكَ البَصَرُ
إنَّ الإماراتِ حِصْنُ العِلْمِ سَيِّدُهُ ** بكُلِّ ما أَنْجَزَتْ للعِلْمِ نَفْتَخِرُ
فيها شَبابٌ أَعَدَّ الحُبُّ أَنْفُسَهُمْ ** فبايَعوهُ وفي أحْضانِهِ كَبرُوا
وَأَصْبَحوا اليومَ والإبداعُ قائِدُهُمْ ** مَثارَ فَخْرٍ فلا تيهٌ ولا كِبَرُ
وقَدْ أعدُّوا لرِحْلاتٍ مَراكِبَهُمْ ** وأَنتَ يا قَمَرَ الأَحْبابِ تَنْتَظِرُ
وَفي غدٍ قادِمٍ يَأتيكَ مِنْ وَطَنِي ** فُرْسانُ عِلْمٍ فَيَحْلُو الغَرْسُ والثَّمَرُ
لكِنْ ستَبْقى رَفيقَ اللَّيْلِ في سَهَرٍ ** مَعَ الحَبيبِ وَيَبْقى الليلُ والسَّهَرُ
يا أيُّها القمرُ العالي أنا رجُلٌ ** لَهُ فؤادٌ لَهُ سَمْعٌ لَهُ بَصَرُ
سَمِعْتُ طيبَةً تَشْدو للرَّسولِ وَقَدْ ** شَدَّ الرِّحالَ إلى مَنْ للِهُدَى نَصَرُوا
رَأَوْهُ بَدْراً مُنيراً والنَّشيدُ دَوَى ** وَرَدَّدَ البَدْوُ هذا اللَّحنَ والحَضَرُ
وَمَنْ لَهُ مِنْ صِفاتِ المُصْطفى صِفَةٌ ** فَإنَّهُ مالِكاً لِلقَلبِ يُعْتَبَرُ
إليْكَ يا أيُّها المَمْدوحُ مِنْ قِدَمٍ ** أُهْدِي قَصائِدَ في أبْياتِها الدُّرَرُ
فأنتَ عِندي حَبيبٌ لا أُفارِقُهُ ** إلَّا إذَا حالَ فِيما بَيْنَنا القَدَرُ
تَظَلُّ في أَحْرُفي سُلْطانَ مَمْلَكَةٍ ** مَمَالِكَ الوَحْيِ والإِلْهامِ تَخْتَصِرُ
أَنتَ الحَبيبُ وَأنتَ الوَحْيُ مَا بَقيَتْ ** قَصائِدُ الحُبِّ بَيْنَ القَوْمِ تَزْدَهِرُ
بِلا حُضورِكَ لا يَحْلو لَنا سَهَرٌ ** فَاطْلَعْ عَلَيْكَ سَلامُ اللهِ يَاقَمَرُ