صناعة الكراهية بين الثقافات جديد علي النملة
صدر حديثا في دمشق عن دار الفكر كتاب للدكتور علي بن إبراهيم النملة بعنوان ''صناعة الكراهية بين الثقافات، وأثر الاستشراق في افتعالها'' ويقع في 174 صفحة من القطع الصغيرة، ويعالج المشاعر السلبية التي تحملها ثقافات الأمم بعضها تجاه بعض، ومبعث هذه الكراهيات وما يغذيها، وما تثيره من مواقف ونقاشات ونتائج·
ويلاحظ المؤلف أن الاستشراق توجه إلى السياسة، وأنه ركز على البعد السياسي على حساب أبعاد الاستشراق الأخرى، مما أكسبه سمعة غير إيجابية بين المفكرين العرب والمسلمين، ويضيف: إن توجه الاستشراق إلى السياسة وطغيان هذا التوجه يقوي من نزوع الاستشراق في صناعة الكراهية بين الثقافات، وأن هناك بعداً آخر ومهماً في مشروع صناعة الكراهية، وهو ذلك البعد الذي يسعى فيه بعض المفكرين إلى صناعة الكراهية داخل الثقافة الواحدة كالثقافة الإسلامية مثلاً·
ويؤكد الدكتور النملة أن هناك صناعة للعداء تجاه المسلمين، وأن هناك انسياقاً غربياً إلى رسم الإسلام عدواً للغرب، وهو ما سيؤدي إلى شعور المسلمين بأنهم محاطون بقوى معادية تتربص بالإسلام وتسعى إلى القضاء عليه، ويقرر المؤلف أن المواجهة هنا تقتضي التفاهم لا التحارب، وأنه ينبغي على الغرب أن يعي أن النظرة إلى الإسلام والمسلمين باعتبارهما خطراً، هي نظرة متطرفة مهما كانت الجهة التي جاءت هذه النظرة منها·
وبعد أن تناول المؤلف منهج نقد الاستشراق، وأثر المستشرقين في موضوع الثقافات الشرقية وإثارتها وموقفهم منها، وموقف الشرقيين منهم، تحدث عن وجوه الالتقاء بين الإسلام والملل الشرقية الأخرى وتأثر بعضها ببعض، ويقول: إن الأصل في الثقافات أن تكون حاثة على حسن الخلق، وأن يكون جانب الشر فيها محدوداً مذموماً، بحيث تبنى الأمم على أسس أخلاقية، تمليها الثقافة المستمدة من أصول عريقة، لا تأثير للهوى فيها، ولذا فإن تحول أي ثقافة إلى الأبعاد غير الأخلاقية في بناء المجتمعات يعد خروجاً عن الأهداف السامية لهذه الثقافات، بما في ذلك التمييز العنصري، والتطهير العرقي، وإدعاء تفوق جنس على آخر، أو على أجناس أخرى·
ويشير الدكتور النملة إلى أن بين المشترك الإنساني العام والخصوصية الحضارية، تبقى الثقافة مميزاً من مميزات الأمم، ولا يتوقع أفول الثقافة أو أفول الخصوصية الثقافية في ضوء التوجه إلى عولمة الكون، مهما كان الضخ النظري المنبهر بالدعوة إلى عولمة كل مناحي الحياة، بما فيها الأبعاد الثقافية·
ويتحدث المؤلف في الفصل الثالث عن وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات، ويبين أثر المستشرقين في تلك الصناعة، ويضع تصنيفاً لهم على هذا الأساس، مستعرضاً وسائلهم، ومتحدثاً عنهم في مجالات السياسة والإعلام والصحافة· ولا ينفي النملة أن هناك فئة معتبرة من المستشرقين كانت لهم جهود واضحة في صناعة الوئام بين الثقافات، بينما هناك مستشرقون قدموا المعلومة الخاطئة عن الثقافة الإسلامية·
وأفرد المؤلف الفصل الرابع من كتابه عن الاستشراق ووسائل صناعة الكراهية، فبين أثر المستشرقين في تلك الصناعة، وتوقف عند مسألة الخوف من الإسلام، وصهينة الاستشراق، والاستشراق والإنترنت·
وتوقف المؤلف ملياً عند المستشرق ''برنارد لويس'' الذي يعد المنظر والمرجع الأول لفكرة صدام الحضارات والذي يعد ركيزة قوية من ركائز صناعة الكراهية بين المسلمين والغربيين·
ويقرر النملة في ختام كتابه على أن الاستشراق في بعض وجوهه يعد في جانب من جوانبه أحد العوامل التي ساعدت على صناعة الكراهية بين الثقافات·
ويعد مؤلف الكتاب الدكتور علي بن إبراهيم النملة شخصية سعودية معروفة عمل في مناصب عديدة داخل السعودية وخارجها، وهو عضو مجلس الشورى ووزير العمل والشؤون الاجتماعية، كما أن له أكثر من ثلاثين مؤلفاً عن الاستشراق عدا المقالات والدراسات الأكاديمية
المصدر: دمشق