يوسف البستنجي (أبوظبي)
لا يمكن للمواطنين الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً الحصول على قرض شخصي من البنوك بنسبة كبيرة، كما لا يمكن للمواطنين الذين تتجاوز أعمارهم 70 عاماً الحصول على التمويل المصرفي العقاري، بحسب نظام التمويل العقاري الصادر عن المصرف المركزي، وفي حال وافقت بنوك على تمويل بعض الأفراد ضمن هذه الفئة العمرية، ما بين 65- 70 عاماً، فإن الحصول على التمويلات المصرفية اللازمة لهم يخضع لاشتراطات وضوابط إضافية.
ووفقاً لأنظمة عمل البنوك وآليات الإقراض والتمويل، فإن إقراض الفئة العمرية ما بين 65 - 70 عاماً يخضع لسياسة الإقراض الخاصة بكل بنك على حدة والحرية الكاملة في اختيار العملاء وتحديد حجم التسهيلات والقروض الممنوحة لهم بناء على سيرتهم المصرفية وملاءتهم المالية والضمانات التي يقدمونها وعمر المقترض وحالته الصحية.
أكد خبراء أن التمويل المصرفي للمواطنين المتقاعدين، الذين تصل أعمارهم إلى 65 عاماً، يخضع لضوابط إضافية تختص بالعمر والحالة الصحية، كما أن نظام التمويل العقاري الصادر عن المصرف المركزي عام 2013 ينص في البند 3 على: (أن مدة القرض العقاري يجب أن لا تتجاوز الحد الأقصى لعمر المقترض عند وقت سداد الدفعة الأخيرة والبالغة 70 سنة للمواطنين و65 سنة لغير المواطنين). وتتوقف الكثير من البنوك عن إقراض المواطنين، الذين يبلغون من العمر 65 عاماً، إلا إذا كان لديهم استثمارات أو مصادر دخل كبيرة، إضافة إلى راتب التقاعد، ولديهم أيضاً بوليصة تأمين على الحياة. ووفقاً لتقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة لعام 2018، فإن متوسط عمر الفرد في الإمارات يبلغ 77.1 سنة، وهو من بين أعلى المعدلات في العالم، علماً بأن هناك نسبة غير قليلة تتجاوز سن التسعين عاماً.
دراسة الحالات
وقال مصدر مصرفي مطلع: «إن معظم البنوك لا تسمح بتقديم قروض أو تسهيلات تتجاوز مدة سدادها عمر 65 سنة للمتقاعد المواطن و60 سنة للمقيم».
وبين أن نظام التمويل المصرفي للأفراد في السوق المحلية، يلزم البنوك بعدم اقتطاع أكثر من 30% من الراتب التقاعدي للمواطن، وبما يتوافق مع مكافأة نهاية الخدمة للمقيم. وأضاف أنه في حالة التقاعد المبكر، حيث يمكن لبعض المواطنين الحصول على التقاعد في سن مبكرة، فإن البنوك تدرس كل حالة على حدة، من حيث مستوى الراتب التقاعدي للشخص المعني وحجم التزاماته، آخذين بعين الاعتبار أن القسط الشهري يجب أن لا يتجاوز 30% من الراتب، وبناءً عليه يقرر منحه سقفاً معيناً من التمويل، ويحدد الحد الأقصى المسموح به لفترة التمويل.
وقال المواطن المتقاعد مبارك البريكي والبالغ من العمر 75 عاماً «إنه تقدم بطلب للحصول على قرض تمويل سيارة قبل نحو عام، لكن البنوك التي راجعها رفضت تمويله بسبب العمر»، مؤكداً أنه يتمتع بصحة جيدة، وأنه ما زال يشعر بأنه يتمتع بالصحة والقوة اللازمة لمتابعة حياته بشكل طبيعي، أسوة بباقي أفراد المجتمع. وأضاف، أن العلاقة بين الأفراد والبنوك علاقة غير متوازنة، ناصحاً بالابتعاد عن اللجوء للقروض غير المسؤولة أو التوسع في الإقراض بما يتجاوز قدرات الشخص المقترض.
ودعا البنوك إلى تقليل محفزات الإقراض للشباب لحمايتهم من التورط في مديونيات كبيرة تهدد مستقبلهم.
وثيقة التأمين
إلى ذلك، قال توفيق قدادة المستشار للتمويل العقاري بالسوق المحلية: «إن البنوك بالدولة تلتزم بالنظام الصادر عن المصرف المركزي بخصوص فترة القرض، بحيث لا تتجاوز مدة السداد سن الـ70 عاماً للمقترض برهن عقاري، وأن لا تتجاوز سن 65 عاماً للقرض الشخصي».
وأفاد، بأن هذا النظام هو المعمول به لدى البنوك بالدولة، حيث تمتنع البنوك عن تقديم القروض العقارية للأشخاص، الذين تتجاوز أعمارهم 70 عاماً وتتوقف عن منح القروض الشخصية للأشخاص الذين يبلغون 65 عاماً.
وأكد قدادة، أنه فيما يتعلق بالتمويل العقاري فإنه من ضمن إجراءات البنوك أنها تقوم بالتأمين على الحياة للمقترضين، وشروط التأمين المنصوص عليها في وثيقة التأمين على الحياة تحدد حقوق والتزامات كل طرف. وأضاف: في حالة وفاة المقترض هناك إجراءات خاصة لشركات التأمين، حيث يعتمد الإجراء على طبيعة وثيقة التأمين الموقعة التي تحدد هل يحق للبنك مطالبة ورثة المتوفى أم لا، بما يعني أن شروط الوثيقة قد تسمح للبنك بملاحقة الورثة في بعض الحالات، حيث إن هناك بعض الشروط التي توفر لشركات التأمين مخارج لعدم تسديد قيمة القرض.
مطالبات «الوطني»
من جهته، قال سالم الشامسي رئيس اللجنة المؤقتة لسياسة الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية في المجلس الوطني الاتحادي: «طالبنا بتحديد الحد الأدنى لرواتب المواطنين وفقاً لآلية تسمح بإعادة النظر كل فترة بمستوى الحد الأدنى المحدد للراتب، سواء للموظفين أو المتقاعدين، على أساس المقارنة مع مستويات الأسعار ومستويات التضخم وتعديل الرواتب، بما يتناسب مع ذلك».
وأوضح أن المجلس الوطني الاتحادي وافق على التوصية، وقد رفعت إلى مجلس الوزراء الذي وافق عليها وحولها للدراسة، وننتظر إقرارها.
ولفت الشامسي، إلى أن هناك الكثير من الحلول والبرامج التي وفرتها الدولة للمواطنين المتقاعدين، لضمان الحياة الكريمة، ومنها برامج إعادة جدولة القروض المتعثرة للمواطنين، وبرامج الإسكان، وتمويل المساكن بقروض ميسرة، ومبادرة المصرف المركزي بتقليص الاقتطاعات من الرواتب للمواطنين، الذين تتجاوز الاقتطاعات الشهرية الحدود المسموح بها وهي 50% للموظفين و30% للمتقاعدين.
كما تقوم الدولة بتسديد القروض المتعثرة في كثير من الأحيان، وتقدم الدعم للمحتاجين من خلال الكثير من المؤسسات والهيئات الحكومية الاتحادية والمحلية.
وقال: «إن التقييد الذي فرضه المصرف المركزي على إقراض المواطنين المتقاعدين يهدف إلى الحد من تورط المواطنين في قروض ومديونيات كبيرة تتجاوز حدود إمكانياتهم، وبالتالي تكون سبباً في الكثير من التعقيدات والمشاكل التي قد تواجههم لاحقاً».
وبين الشامسي، أن المواطن المتقاعد الذي يبلغ من العمر 65 عاماً يجب أن يكون قد أنهى فترة الاقتراض والحاجة إليها، لأنه من المفترض أن يكون المواطن خطط وأدار حياته بشكل يضمن له تقاعداً مريحاً دون أن يكون مضطراً للاقتراض، وإذا كان غير ذلك فإنه يكون قد ارتكب أخطاءً في حياته مثل سوء التخطيط، ولذلك نحن اليوم نركز على توعية الشباب وكيفية التخطيط السليم للمستقبل والتصرف، بما يتناسب مع الإمكانيات المتوافرة، حتى لا يصل المواطن إلى سن التقاعد ويكون بحاجة للاقتراض.
تمويل المتقاعدين
بدوره، قال الخبير الاقتصادي أحمد الدرمكي: «إن تمويل المتقاعدين وتمكينهم من الحصول على القروض والتسهيلات المصرفية في سن التقاعد يعتبر مسألة مهمة جداً، لكي يتمتعوا بالحياة الكريمة، وتمكينهم من الوفاء بمسؤولياتهم الاجتماعية والأسرية». وأضاف أن: حصول المتقاعدين على القروض والتسهيلات الضرورية بعد بلوغ عمر معين وهو 65 عاماً للمتقاعدين من المواطنين و60 عاماً للوافدين، يصبح أمراً غاية في التعقيد والصعوبة. وأوضح أن هذا الأمر يلحق ضرراً بالغاً بهذه الفئة المهمة في المجتمع، مشيراً إلى أنه لابد من إيجاد حلول لهذه المعضلة من خلال صندوق التقاعد والمؤسسات والهيئات الحكومية التي تعنى بالمتقاعدين والمسؤولة عن المنافع الاجتماعية. وقال الدرمكي: «إنه يجب أن يكون هناك ربط بين صندوق التقاعد والبنوك، بحيث يقدم الصندوق الضمانات اللازمة لحصول المتقاعد على القرض أو التمويل اللازم له». وأوضح أن الاقتطاعات من راتب الموظف في أبوظبي لحساب صندوق التقاعد تبلغ 26% منها 5% تقتطع من راتب الموظف، و6% مساهمة من الحكومة، و15% تدفعها الشركة المشغلة.
ضمانات الإقراض
ودعا الدرمكي إلى وضع حد أدنى للراتب الشهري للمواطنين بحيث لا يقل عن 20 ألف درهم، باعتبار أن هذا الحد الضروري لتأمين احتياجات الأسر والوفاء بالالتزامات الشخصية والاجتماعية للفرد.
وأضاف: البنوك تحتاج إلى ضمانات للإقراض والتمويل وهذا طبيعي وضروري، والمتقاعد لا يستطيع تقديم هذه الضمانات، خاصة إذا كان تجاوز 65 عاماً أو اقترب من هذا العمر، وهنا لابد من إيجاد حلول تمكن المتقاعد من الحصول على التمويل الذي يلزمه لتأمين شروط الحياة الكريمة، ولذا لابد أن تقوم الجهات المسؤولة عن المتقاعدين والمعنية بالمجتمع والمنافع الاجتماعية من وضع الآليات لذلك، وإن اقتضى الأمر أن يكون هناك آلية لتقييم أوضاع كل متقاعد على حدة، وتحديد مستوى الضمانات التي يمكن أن تقدم له وتمكنه من الحصول على التمويل في حدود تلك الضمانات بناء على تقييم جهة مختصة. ويشار إلى أن البنوك تقوم بالتأمين على الحياة للمقترضين بشكل عام، ولكن حصول كبار السن أو الأشخاص الذين يتجاوز عمرهم 65 عاماً، على وثيقة تأمين على الحياة يخضع لشروط إضافية أهمها الفحوص الطبية، كما أن تكلفة التأمين على الحياة تصبح أعلى.
مسؤولو شركات التأمين: حالات محددة لوقف تسديد القرض بعد الوفاة
تلتزم شركات التأمين عادة بتسديد قيمة القرض في حالة الوفاة أو ما تبقي من القرض، وأما الحالات التي لا يتم فيها التسديد فهي محدودة جداً وترتبط عادة بحدوث جريمة قتل متعمدة أو الانتحار، بحسب مسؤولين في قطاع التأمين.
وأضافوا: أن البنوك تقوم بالتأمين على الحياة للمقترضين لكافة أنواع القروض بصورة تلقائية، وهي ضمن إجراءات الإقراض المتعارف عليها لدى البنوك في العالم، وفائدة هذا التأمين، والذي يساوي قيمة القرض غالباً أن يتم تسديده لصالح البنك باعتباره الجهة المستفيدة من وثيقة التأمين، وذلك في حال وفاة المقترض، وحسب شروط وثيقة التأمين.
وأوضح هؤلاء، أن الشركات الوطنية والأجنبية العاملة بالدولة غالباً ما تؤمن على الحياة لعملائها، حتى سن 65 عاماً، ولكن بعض الشركات تقبل منح بوليصة التأمين على الحياة للأشخاص حتى سن 70 عاماً تقريباً، ولكن بتكلفة أعلى، وبعد إجراء الفحوصات الطبية اللازمة، ومع ذلك فإن الأمر يتعلق بكل شركة على حدة، وسياسة التأمين الخاصة بها، ومن حيث المبدأ لا يوجد نظام يمنع الشركات في الدولة من التأمين على الأشخاص كبار السن أو الذين يتجاوز سنهم 65 عاماً.
تسديد الأقساط
وقال فريد لطفي، الأمين العام لجمعية الإمارات للتأمين: «إن شركات التأمين تلتزم عادة بتقديم قيمة القرض في حالة الوفاة أو ما تبقي من القرض، حيث إن قيمة التأمين تنخفض مع مرور الزمن بما يتناسب مع تسديد المقترض للأقساط، وأما الحالات التي لا يتم فيها التسديد فهي محدودة جداً، وترتبط عادة بحدوث جريمة قتل متعمدة للحصول على التأمين أو عمليات الانتحار، مع أن بعض بوالص التأمين تشمل التأمين على الحياة حتى في حالة الانتحار، وبعضها يشمل الانتحار بعد مرور 3 سنوات من بدء التأمين».
وأضاف أن: بعض شركات التأمين تسمح بالتأمين على عملائها حتى سن 70 عاماً، مبيناً أن المدة الزمنية المتعلقة بعمر المؤمن عليه خلال السنوات الماضية تم تمديدها في الأسواق العالمية، إذ إنه في العالم عامة لم تكن شركات التأمين تمنح بوالص تأمين على الحياة لمن يتجاوز عمره 60 عاماً، ولكن منذ نحو 10 سنوات تمت إعادة النظر في هذا النظام، وتم تمديد البوالص لتغطي فترات إضافية تصل حتى عمر 70 عاماً، مبيناً أن قطاع التأمين على الحياة للأفراد تختص به شركات التأمين الأجنبية العاملة بالدولة بشكل عام.
ومن جهته، قال نادر القدومي المدير العام لشركة البحيرة الوطنية للتأمين: «إنه لا يوجد قانون يحكم سن التأمين على الحياة، أو يلزم الشركات بالتأمين حتى سن معينة، وإنما يخضع الأمر لسياسة كل شركة على حدة».
وأشار القدومي إلى أن التأمين على الحياة حتى عمر 65 عاماً يعتبر اعتيادياً، لكن بعد هذا العمر غالباً ما تطلب شركات التأمين من الأشخاص الذين يرغبون بالتأمين على الحياة، إجراء فحوصات طبية إضافية، كما تكون أقساط التأمين عادة أعلى.