تنطلق اليوم فعاليات ملتقى الإمارات الأول لجمعيات “الثلاسيميا” العربية والخليجية الذي تنظمه جمعية الإمارات “ للثلاسيميا “، بمشاركة ست دول خليجية، ويستمر حتى يوم الثلاثاء المقبل الذي يصادف احتفالات العالم باليوم العالمي للثلاسيميا في الثامن من مايو كل عام. ويهدف الملتقى إلى تفعيل وتكثيف التوعية المجتمعية إزاء المرض، وكيفية الحد من العوامل الوراثية المسببة له، تبادل الخبرات والتجارب العربية في مكافحة وعلاج المرض، وحث المجتمع على تقديم وتطوير سبل الدعم الاجتماعي والنفسي للمرضى وذويهم، وتخفيف معاناتهم، وتشجيع تشغيلهم ودمجهم في المجتمع، من خلال مناقشة أوراق العمل وتنظيم عدد من ورش العمل، يشارك فيها الأطباء المختصون والخبراء المعنيون وبعض المرضى وأقارب لهم. خورشيد حرفوش (أبوظبي) ـ تشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن نسبة الإصابة بالثلاسيميا في منطقة الخليج العربي تصل إلى 5% من مجموع السكان بسبب العامل الوراثي. ويعود أصل كلمة “ثلاسيميا” إلى الكلمة اليونانية “تالاسا” التي تعني البحر، “هايما” والتي تعني الدم، وتم التعرف على “الثلاسيميا” للمرة الأولى عام 1925 بواسطة الطبيب اليوناني كولي، عندما تم تشخيص حالات لمرضى يعانون من فقر دم شديد، ومجموعة أعراض لتشوهات العظام، وموت المريض المصاب في نهاية المطاف. وبعد سلسلة طويلة من الجهود والأبحاث الطبية لفك شيفرة المرض، تبين أن “ الثلاسيميا “ مرض وراثي في الدم، أصله من منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، وينتج عن خلل الجينات الوراثية التي تسبب فقر الدم المزمن، ويسبب الوفاة عند المصابين في بعض الأحيان. وتوصلت الدراسات الطبية إلى أن هناك “جين” واحدا يتم وراثته من الأب وآخر يتم وراثته من الأم، وهما يحددان كل صفة من صفات جسم الإنسان، وهكذا يوجد جينان مسؤولان عن تحديد إنتاج “الهيموجلوبين” في الدم “ خضاب الدم” الذي ينقل الأوكسجين ويعطي للدم لونه الأحمر. وحيث يتركب الهيموجلوبين من أربع سلاسل من البروتينات “اثنتان من “الألفا جلوبين”، وسلسلتان من “البيتا جلوبين”، وفي كل من الأربع توجد جزيئه هيم في وسطها، وعند عطب هذين الجينين يحدث ما يعرف بمرض “الثلاسيميا” أو “خضاب الدم “، “أنيميا البحر المتوسط”. خلل وراثي يوضح الدكتور عباس السادات، استشاري الباطنية وأمراض الدم، وزميل الجمعية الملكية للأطباء في انجلترا، حقيقة “الثلاسيميا”، ويقول: “ هناك جهود عالمية حثيثة لاستيعاب انتشار”الثلاسيميا” والحد منها، والتوعية بمسبباتها الوراثية المعقدة، فهي خلل وراثي في تركيبة الهيموجلوبين، تختلف شدتها من الناحية الإكلينيكية بشكل كبير إذ تتراوح بين الأشكال البسيطة الغير مصحوبة بأعراض إلى الأنواع الشديدة أوالمميتة. ويعتبر المرض ذو وراثة صبغية جسدية متنحية، لذلك يولد المصاب بمرض “الثلاسيميا” نتيجة الزواج بين اثنين كلاهما حامل للمرض. وفي بعص الأحيان، لا تظهر على حامل المرض أية أعراض ظاهرة، لكن يمكن تشخيصه بالتحاليل الطبية. و”الثلاسيميا” مرض وراثي يؤثر في صنع الدم، فتكون مادة الهيموجلوبين في كريات الدم الحمراء غير قادرة على القيام بوظيفتها، ما يسبب فقر دم وراثي ومزمن يصيب الأطفال في مراحل عمرهم المبكرة، نتيجة لتلقيهم مورثين معتلين، أحدهما من الأب والآخر من الأم”. ويكمل الدكتور السادات: “للثلاسيميا” أنواع أو أشكال أهمها، “ثلاسيميا ألفا”، و”ثلاسيميا بيتا”، اعتمادا على موقع الخلل، إن كان في المورث المسؤول عن تصنيع السلسلة البروتينية ألفا في خضاب الدم “ الهموجلوبين “ أو بيتا على التوالي. ومن المعروف أن هنالك عدة مئات من الطفرات الوراثية المتسببة بالمرض. والتقاء المورثين المعتلين من نوع بيتا يؤدي إلى ظهور المرض، بينما، لوجود أربعة مورثات مسؤولة عن تصنيع سلسلة ألفا، فان الحاجة تكون لوجود اعتلال في ثلاثة من هذه المورثات، أو اعتلال المورثات الأربعة كلها لظهور الأعراض. كما وتوجد أنواع أخرى من “الثلاسيميا” مثل نوع دلتا”. وينتقل مرض “الثلاسيميا” بالوراثة من الآباء إلى الأبناء. فإذا كان أحد الوالدين حاملا للمرض أو مصابا به، فمن الممكن أن ينتقل إلى بعض الأبناء بصورته البسيطة “أي يصبحون حاملين للمرض”. أما إذا صدف وأن كان كلا الوالدين يحملان المرض أو مصابين به، فإن هناك احتمالا بنسبة 25% أن يولد طفل مصاب بالمرض بصورته الشديدة. وكنتيجة لهذا يقسم الأشخاص المصابين إلى قسمين: الأول يكون الشخص فيه حاملا للمرض ولا تظهر عليه الأعراض، أو قد تظهر عليه أعراض فقر دم بشكل بسيط، ويكون قادرا على نقل المرض لأبنائه، والثاني نوع يكون فيه الشخص مصابا بالمرض، وتظهر عليه أعراض واضحة للمرض منذ الصغر. فالمشكلة تكمن مشكلة المرض في عدم قدرة الجسم من تكوين كريات الدم الحمراء السليمة التي تنقل الغذاء والأكسجين إلى مختلف أنحاء الجسم، وذلك نتيجة لخلل في تكوين الهيموجلوبين، مما يؤدي إلى تكسرها وتحللها بعد فترة قصيرة من إنتاجها، مؤدية إلى فقر دم شديد، بالإضافة لأعراض أخرى ومشاكل كثيرة أهمها: زيادة نسبة الحديد في الجسم، وهشاشة في العظام، وضعف عام في الجسم، وتأخر البلوغ، وتغير في شكل عظام الوجه والفكين، واليرقان، وعادة ما يعاني المريض من الشحوب والاصفرار، وفقدان الشهية للطعام، والتوتر وقلة النوم، والميل إلى القيء، والإسهال، والتعرض المتكرر للالتهابات، وتضخم واضح في الطحال والبطن”. الأعراض المرضية الدكتور سالم الخفاف، استشاري أمراض الدم يشير ألى الأعراض المرضية لحامل المرض، ويقول: “ عادة ما يتم اكتشاف الحالة البسيطة بالمصادفة عند أجراء تحليل الدم، ولا تحتاج إلى علاج، وفي “الثلاسيما” المتوسطة حيث تشكل 2-10% من مرضى البيتا ثلاسيميا، نجد أن كلا المورثين من الأب والأم معطوبان، لكن العطب ليس كاملاً، وينتج عنه نقص متوسط في إنتاج خضاب الدم “ الهيموجلوبين”، وتظهر أعراضها خلال السنة الثانية إلى الرابعة من عمر المريض، وتظهر بعض المشاكل الصحية كضعف البنية وتضخم الكبد والطحال والإصابة باليرقان، وعادة لا يحتاج المريض لنقل دوري للدم. أما في الحالة المرضية نجد أن فقر الدم يؤدي إلى شحوب واصفرار البشرة والشفتين نتيجة لفقر الدم، والخمول و الشعور بالتعب والإرهاق لأقل جهد، مع فقدان الشهية، وسرعة ضربات القلب، والتأخر في النمو كالطول والوزن، ومحاولة الجسم إنتاج المزيد من كريات الدم الحمراء لتعويض الجسم مثل العظام و الكبد والطحال، مما يؤدي إلى تغيرات في عظام الجسم ومنها الجمجمة، بروز الجبهة وعظام الوجنتين، انخفاض عظام الأنف وبروز عظام الفك العلوي، وتضخم الكبد والطحال. كما يمكن اكتشاف الحالة خلال فترة الحمل من خلال إجراء بعض التحاليل، فإذا كان الأب والأم يحملان المورث بدون أعراض مرضية “الحالة المستترة”، ومن خلال التاريخ المرضي للعائلة. آفاق العلاج يقول الدكتور رشدي خلف الله، استشاري الأمراض الباطنية:” تكمن مشكلة المرض في عدم قدرة الجسم تكوين كريات الدم الحمراء السليمة التي تنقل الغذاء والأكسجين إلى مختلف أنحاء الجسم، وذلك نتيجة لخلل في تكوين الهيموجلوبين “ خضاب الدم”، مما يؤدي إلى تكسرها وتحللها بعد فترة قصيرة من إنتاجها، مؤدية إلى فقر دم شديد، بالإضافة لأعراض أخرى. والعلاج الناجح يتمثل في نقل الدم بشكل شهري للحفاظ على هيموجلوبين الدم بمستويات طبيعية، وتناول الدواء بانتظام، وقد يضطر إلى إستئصال الطحال عند تضخمه الشديد، مع إعطاء المريض جرعات من فيتامين الفوليك أسيد لإنتاج كريات الدم الحمراء. وهنا نحذر من إهمال العلاج، لأنه يتسبب في فقر دم شديد ومزمن، وتشوهات مستقبلية في عظام الرأس خاصة وسائر عظام جسمه عموما وترقق في العظام، وتأخر النمو الجسدي والعقلي وتأخر في البلوغ، ووجود مشاكل في الأسنان، مع ضعف في المناعة، وهناك نجاحات لكن لا تزال محدودة في العلاج الجيني وهي قيد الدراسة والبحث الطبي في مراكز طبية عالمية وهي قيد الدراسة والبحث الطبي في مراكز طبية عالمية، وقد تمت زراعة نخاع العظام، وقد تمت أول زراعة ناجحة لنخاع عظام طفل عمره سنة ونصف عام 1981 بعد التطابق التام للأنسجة للمريض والمتبرع. إن طريق الوقاية الوحيد من هذا المرض هو الفحص الطبي قبل الزواج للتأكد من خلو الطرفين من صفة المرض، فسلامة أحد الطرفين تكفي لإنجاب أطفال أصحاء”.