إن المشكلة في أن تخبر عميلا عصبيا أنك قمت بحل مشكلته هي أنه ينبغي عليك أولا أن تعترف أن هناك مشكلة· هذا هو المأزق الذي يواجه البنوك والحكومات والمؤسسات المالية في العالم حيث يحاولون جاهدين استعادة الثقة في نظام اقتصادي يعتقد ملايين العملاء الآن أنه قد فشل· وأكد محللون أن سبباً رئيسياً في التباطؤ العالمي هو انعدام الثقة حيث لم تعد البنوك ترغب في إقراض بعضها البعض، كما خلق انعدام الثقة رغبة ملحة لدى عملاء بعض البنوك مثل بنك نورثيرن روك البريطاني في سحب أموالهم قبل أن تنهار المؤسسة المالية· وقد صرح الرئيس الأميركي جورج بوش يوم 3 أكتوبر عقب إقرار الكونجرس خطة إنقاذ البنوك التي تبلغ قيمتها 700 مليار دولار قائلاً: ''لقد أظهرنا للعالم أن الولايات المتحدة الأميركية ستعيد الاستقرار للأسواق المالية وتضطلع بدور قيادي بالنسبة للاقتصاد العالمي''· ورغم ذلك فقد فشلت كلماته تماما في إعادة الثقة العالمية حيث انخفضت أسعار الأسهم بشدة في الأيام التي تلت عملية التصويت على الخطة في الكونجرس· وفي غضون ذلك، قال هانز ريديكر من بنك بي ان بي باريباس: إن أوروبا ''استغرقت وقتا طويلا للغاية للتفكير في مسألة الثقة·· لقد تجاهلناها لفترة أطول مما ينبغي''· وأصبحت كلمة ''ثقة'' شعار قادة العالم منذ بدء الأزمة المالية الحالية في أوائل شهر سبتمبر الماضي· وسارع القادة الأوروبيون إلى دعم هذا التحليل من خلال خطوات ملموسة حيث قدموا تريليونات الدولارات كضمانات للودائع والقروض بين البنوك في محاولة للحيلولة دون شعور مواطنيهم بالذعر· وقالت كاريل لانو رئيسة مركز دراسات السياسة الأوروبية في بروكسل: إن خطواتهم ''تبدو وكأنها قد ساعدت ولكن يبدو أنهم قد وصلوا تقريبا إلى أقصى ما تستطيع (الحكومات) أن تقوم به باستثناء التأميم الكامل''· وقد كان الضغط النفسي حاداً في ألمانيا بشكل خاص حيث مازالت ذكريات التضخم القياسي والانهيارات الاقتصادية خلال العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي محفورة في الذهن الوطني· وقال وزير المالية الألماني بير شتاينبروك لصحيفة دي تسايت الأسبوعية في 16 أكتوبر الجاري:'' تساءلت ماذا يمكن أن يحدث إذا تشكلت صفوف من العملاء أمام مؤسسات الائتمان الألمانية كما حدث أمام بنك نورثيرن روك·· الأحداث المأساوية خلال القرن العشرين حفرت نفسها بدرجة أعمق في هذا البلد أكثر من غيره''· ومع ذلك فقد كافحت الحكومات والبنوك على السواء لتجاوز الشكوك المعاكسة في الأسواق التي اعتبرت أن الضمانات التي قدمتها علامة على أن الأمور أكثر خطورة مما كانوا يخشون· فعلى سبيل المثال، ذكرت البنوك الألمانية أنها تلقت سيلاً من الاستفسارات التي تنم عن قلق بالغ في اليوم التالي لإعلان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن ضمانات شاملة لودائع البنوك الخاصة بالرغم من أن الضمانات أكدت حجم المشكلة أكثر من حلها· ويقول المحللون: إن هذا الوضع يترك الحكومات في حاجة إلى اتخاذ إجراء حاسم لا يقل عن إعادة بناء النظام المالي من أجل استعادة ثقة العملاء