اتخذ مهرجان الشارقة القرائي للطفل الذي اختتمت فعالياته الأربعاء الماضي شعار “اكتشف أصدقاء العمر”، وهو شعار حمل معه العديد من الإشارات المباشرة والأخرى الضمنية حول أهمية المشاركة والتفاعل الذهني والبصري مع الكتاب ومع الأنساق الإبداعية الموازية له، مثل الرسم والتشكيل والمسرح والموسيقى، والتي يمكن لها أن تخلق مناخاً من الألفة والتآلف والصداقة المثمرة بين الطفل وبين الكتاب. مناخ مغر وجاذب بلا شك، وكانت أصداؤه واضحة ومرئية لزوار هذا المهرجان التخصصي الذي حقق نقلة نوعية من حيث كم ونوعية النشاطات المصاحبة التي توزعت على المقاهي الثقافية، والورش التخصصية، والتعليم التفاعلي والمحاضرات والفنون الأدائية، والملتقيات الخاصة بالسرد والحكاية، وتوظيف الخيال الإبداعي لتجسيد هذه الحكايات من خلال الرسم والتلوين، وغيرها من النشاطات التي وصل عددها إلى 100 نشاط وبرنامج. توجيهات حاكم الشارقة وبمناسبة اختتام المهرجان وللتعرف إلى حيثياته وتفاصيله التقت “الاتحاد” بأحمد بن ركاض العامري مدير المهرجان ومدير معرض الشارقة الدولي للكتاب، والذي طرحنا عليه سؤالاً حول النقلة الكبيرة التي شهدها المهرجان مقارنة بدوراته الثلاث السابقة، فأجاب “هذه النقلة الكبيرة التي تتحدث عنها والتي لامست نوعية وكمية الأنشطة المصاحبة والمكملة للمهرجان، هي نتاج وترجمة للتوجيهات السامية الصادرة من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والحريص دوماً على استثمار وتنمية وتطوير المهارات الإبداعية لدى الطفل، وإضافة مخزون مفيد من المعارف والمعلومات والثقافات في عقل وذهن هذا الطفل، خصوصاً في المرحلة التأسيسية التي يتكون من خلالها وعيه وطريقة تعامله مع العالم المحيط به”. وأضاف العامري “وهذه النقلة والقفزة النوعية في شكل ومحتوى المهرجان هي نتاج أيضاً لاقتراحات ورؤى سمو الشيخة جواهر بنت محمد بن سلطان القاسمي حرم صاحب السمو حاكم الشارقة، رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، والتي ساندتنا ووقفت وراء الجهود التنظيمية التي بذلناها جميعاً لإنجاح هذا المهرجان الكبير”. احتفاء بكتاب الطفل وأشار العامري إلى أن توقيت انطلاق المهرجان وهو الثالث والعشرين من شهر أبريل يصادف الاحتفال باليوم العالمي للكتاب، وهو توقيت ـ حسب العامري ــ سيظل ثابتاً في توقيت المهرجان السنوي من أجل الاحتفاء بالكتاب عموماً وبكتاب الطفل على وجه الخصوص، ونوه العامري بأن التغيير والتطوير في المهرجان تجسدان في مشاركة 200 دار نشر عربية وأجنبية، وبما يزيد على 20 ألف عنوان مطبوع، بالإضافة إلى الكتب السمعية والبصرية والإلكترونية، ونوه العامري بأن المهرجان استضاف ثلاثين ضيفاً من الكتاب والمفكرين والفنانين والباحثين والمختصين الذين شاركوا وقدموا مجموعة من الورش والندوات والعروض التي أقيمت ضمن البرنامج الرسمي للمهرجان. استثمار فضول الطفل وعن الآليات التنظيمية التي اتبعها المهرجان لتحقيق أهدافه، أشار العامري إلى أن الخطة التنظيمية للمهرجان اتكأت على هدف عام وكبير وهو استثمار رغبة وفضول الطفل في التعلم والتعرف بما يحيط به، وتحويل هذه المعرفة الجديدة والمكتسبة إلى منصة ملائمة وقادرة لتعامل الطفل مع المستقبل، وأضاف “من هنا كانت البرامج والأنشطة التي وضعناه مصاغة كي تضع هذا الطفل في قلب التحديات القادمة وكيفية مجابهتها في ظل التطورات الثقافية والتكنولوجية التي يشهدها العالم الآن، وسيكون تأثيرها واضحاً بقوة في السنوات القادمة”. وقال العامري “اعتمدت استراتيجيتنا التثقيفية في المهرجان على خلق بيئة جاذبة للطفل، بحيث يقبل على القراءة من خلال وسائط ترفيهية مشجعة مثل الرسم والتلوين والفنون الأدائية التي تحفز الطفل وتمكنه من استغلال مواهبه وقدراته والتعبير عنها بحرية وصدق ومن دون وجود موانع وحدود صارمة وملزمة ومحبطة قد تنفره من القراءة ومن الكتابة لاحقاً”. وأوضح العامري أن النشاطات المصاحبة للمعرض راعت اختلاف الفئات العمرية للأطفال، وبالتالي كان كل نشاط موجهاً لفئة خاصة، ومنها فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تم تخصيص جائزة بعنوان: “جائزة الشارقة لكتاب الأطفال من ذوي الإعاقة البصرية” وهي الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط للمعاقين بصرياً والتي تتنافس فيها دور النشر والإصدارات المعدة على طريقة (برايل). رسوم كتب الأطفال وأضاف “قمنا في المهرجان ولأول مرة على مستوى الشرق الأوسط بتنظيم معرض خاص لرسوم كتب الأطفال وتم اختيار 250 عملاً من 300 عمل، وشهد المعرض العديد من الإبداعات الفنية اللافتة والمدهشة التي وردتنا من قارات العالم المختلفة، ومن خلال مسابقة استحدثناها لإثارة روح الحماس والمنافسة بين المشاركين، وللارتقاء أيضاً بصناعة النشر في الوطن العربي، وتعريف الناشرين المختصين بكتب الأطفال بأهمية وقيمة الرسم والمنتج البصري في تعزيز النص المكتوب على الورق، وفاز بالجوائز الثلاث الأولى فنانون من المكسيك وإسبانيا وإيران”. 100 ألف زائر وأكد العامري أن عدد زوار المهرجان قد تجاوز المائة ألف زائر، وأوضح أن الرقم يكشف عن مدى تفاعل المدارس والأسر مع فعاليات ومحتويات المهرجان، ما يساهم تدريجياً في تحقيق أهدافه، والمتمثلة كما أشار العامري إلى الترويج لثقافة الإنتاج لدى الطفل بدلاً من ثقافة الاستهلاك السائدة في مجتمعاتنا الخليجية والعربية، وكذلك دعم وتطوير حس المطالعة لدى الأطفال، وتوفير الدعم المادي والمعنوي للموهوبين منهم، وإيجاد بيئة تفاعلية وخلق حوارات ثقافية وجدلية بين الفنانين من الشرق والغرب تحت سقف واحد.