بكين (وكالات)
أغلقت الصين، أمس، مدينتين تقعان في مركز انتشار فيروس كورونا الجديد، الذي قتل 17 شخصاً وأصاب نحو 600 في حين تسعى السلطات الطبية على مستوى العالم لمنع انتشاره، فيما قررت بكين إلغاء الاحتفالات الشعبية المرتقبة بمناسبة رأس السنة الصينية.
وأعلنت السلطات في إقليم هوبي، الذي سجل معظم حالات الإصابة بالفيروس، توسيع نطاق حظر السفر في عدد من المدن، وبعد حظر السفر في مدن ووهان وهوانججانج وإيتشو، أعلنت مدينة تشيبي إغلاق خدمات القطارات لديها وخدمات الحافلات لمسافات طويلة.
ويخشى المسؤولون بقطاع الصحة من تسارع انتقال العدوى، في الوقت الذي يسافر فيه مئات الملايين من الصينيين في الداخل والخارج أثناء عطلة رأس السنة القمرية التي تبدأ غداً وتمتد أسبوعاً.
ويعتقد أن الفيروس، الذي لم يكن معروفاً من قبل ظهر في أواخر العام الماضي نتيجة تجارة غير مشروعة في الحيوانات البرية في أحد أسواق مدينة ووهان الصينية. وتوقفت أغلب وسائل المواصلات في مدينة ووهان، أمس. وبعد بضع ساعات أعلنت مدينة «هوانغقانغ» المجاورة، والتي يقطنها سبعة ملايين نسمة إغلاقاً مماثلاً.
وقال جودن جيليا ممثل منظمة الصحة العالمية في بكين: «إغلاق مدينة ووهان، التي يقطنها 11 مليون نسمة، يعد إجراءً غير مسبوق في تاريخ الصحة العامة ولم يتم بناء على توصية من منظمة الصحة العالمية».
وليس هناك علاج معروف لهذا الفيروس الذي ينتقل عن طريق التنفس وتشمل أعراضه ارتفاع درجة الحرارة وصعوبة التنفس والسعال وتشبه أعراض أمراض الجهاز التنفسي.
وتشير الأبحاث الأولية إلى أن الفيروس انتقل للإنسان عن طريق الثعابين، لكن تشونغ نانشان المستشار الطبي للحكومة ذكر أيضاً حيوانات الغرير والفأر كمصادر محتملة للفيروس.
وتوقع أطباء في مدينة ووهان الصينية أن يتجاوز عدد الإصابات بفيروس كورونا الجديد 6 آلاف حالة، فيما أوضح باحثون صينيون أن الخفافيش ربما تكون الموئل الذي يحتضن هذا الفيروس.
ولم تورد السلطات الصينية بيانات جديدة عن حالات الإصابة بالفيروس، لكن ظهرت حالات في بكين وشنغهاي وهونج كونج، وفي عدة دول أخرى منها الولايات المتحدة، ما يزيد المخاوف من أنه ينتشر بالفعل على مستوى العالم. وذكرت وسائل الإعلام الرسمية إن محطات الرسوم على الطرق السريعة حول ووهان أغلقت أبوابها، ما قد يقطع فعلياً طرق الخروج من المدينة. وقال أحد السكان: «إن حراساً ينتشرون على الطرق السريعة». ومع عزل المدينة تدافع السكان على المستشفيات للكشف وتهافتوا على تخزين المؤن. وأمرت سلطات مدينة هوانغقانغ أماكن الترفيه المغلقة مثل دور السينما بإغلاق أبوابها، وطالبت المواطنين بعدم مغادرة المدينة إلا للضرورة القصوى.
وأعطى الرئيس شي جينبينغ إشارة للتحرك يوم الاثنين الماضي، داعياً إلى التصدي «بحزم» للوباء.
وذكرت صحيفة «بكين نيوز»، أمس، نقلاً عن مصدر لم تسمه وشركة تشييد: «إن مدينة ووهان الصينية، التي يتركز فيها تفش جديد لفيروس كورونا، سوف تبني مستشفى متخصص لعلاج المصابين بالمرض على أن تكتمل في ستة أيام».
ويعتقد بعض الخبراء أن الفيروس الجديد ليس بخطورة فيروسات كورونا السابقة مثل الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس)، التي أودت بحياة أكثر من 700 مريض منذ 2012.
وقال برندان ميرفي كبير المسؤولين الطبيين في أستراليا أمس: «الدلائل المبكرة في هذه المرحلة تشير إلى إنه ليس خطيراً مثل سارس وميرس».
وألغى كثير من الصينيين رحلاتهم واشتروا أقنعة واقية وتجنبوا الأماكن العامة. إلى ذلك، أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدحانوم غيبريسوس، أنّ المنظمة لم تعلن حالة الطوارئ العالمية في مواجهة الفيروس حتى الآن، مؤكداً أنها تتابع التطورات «دقيقة بدقيقة». وأشار إلى أن الإجراءات التي اتّخذتها السلطات الصينية في ووهان، «ستحدّ» من مخاطر انتشار هذا الفيروس عالمياً، مضيفاً: «إنّها إجراءات قوية جداً».
إغلاق «المدينة المحرمة»
قررت السلطات في بكين إغلاق متحف القصر، أو ما يعرف باسم «المدينة المحرمة»، أمام السائحين اعتباراً من يوم غد، في إطار جهود الصين لمكافحة تفشي فيروس كورونا، حسبما أفادت صحيفة الشعب اليومية الصينية. وأوضحت الصحيفة أن إعادة فتح المقصد السياحي الأشهر في العاصمة مؤجل لحين إشعار آخر.
فك «شفرة» الفيروس وبدء العمل على 3 تطعيمات
أكد تحالف عالمي تشكل لمكافحة الأمراض المعدية، أمس، أن ثلاثة فرق بحثية منفصلة ستبدأ العمل على تطوير تطعيمات محتملة للوقاية من «فيروس كورونا الجديد»، الذي بدأ في التفشي في الصين، فيما كشف تحالف آخر للقاحات والتحصين، أن العلماء فكوا الشفرة الجينية للفيروس ونشروها. وقال التحالف المعني بالجاهزية لمواجهة تفشي الأمراض المعدية (سي إي بي آي) والذي يشارك في تمويل مشروعات الطوارئ: «إن الخطة تتضمن وجود تطعيم واحد محتمل على الأقل جاهز للتجارب السريرية بحلول يونيو المقبل».
وقال ريتشارد هاتشيت، الرئيس التنفيذي للتحالف: «ليس هناك ضمان للنجاح، لكن نأمل في أن يشكل هذا العمل خطوة مهمة وذات مغزى في تطوير تطعيم للوقاية من المرض». غير أن التحالف العالمي للقاحات والتحصين، ذكر أن تطوير لقاح ضد الفيروس الجديد، سيحتاج على الأرجح عاماً على الأقل. وقال المدير التنفيذي للتحالف، سيث بيركلي: «من الصعب الآن تقييم مخاطر الفيروس»، مضيفاً: «لكن الخبر السار أن العلماء فكوا الشفرة الجينية للفيروس ونشروها، وهو ما مكن عدداً من المنظمات من البدء في تطوير لقاح».
إجراءات عالمية.. و8 إصابات في 5 دول
أدخل عدد من دول العالم إجراءات فحص في المطارات وإجراءات احترازية أخرى لمنع انتشار فيروس كورونا الجديد، الذي أصاب المئات في الصين، والذي وصل أيضاً إلى عدد من الدول الأخرى.
وإلى جانب الحالات المعلنة في الصين، هناك 8 حالات إصابة معروفة على مستوى العالم، أكدت تايلاند أربع حالات منها وكل من اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان والولايات المتحدة حالة واحدة.
وأعلنت كل من السعودية والبحرين ومصر وجنوب أفريقيا وغانا بدء إجراءات فحص المسافرين القادمين من الصين واتخاذ إجراءات وقائية أخرى بعد تفشي فيروس كورونا الجديد.
وتم تعميم مراقبة حرارة الجسم في مطارات آسيوية عدة وفي نيجيريا وإيطاليا. وطبقت الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا ودول أخرى كثيرة إجراءات فحص في المطارات الرئيسة.
السعودية: لم نسجّل أية حالات
قالت السلطات الصحية السعودية، أمس، إنه لم يتم تسجيل أية حالات إصابة بفيروس كورونا في المملكة. ونفى مركز الوقاية من الأمراض ومكافحتها، في حسابه على موقع «تويتر» وجود أي حالات لفيروس كورونا الجديد في السعودية حتى الآن.
المخاوف الصحية تربك الأسهم والنفط والعملات
شهدت أسواق الأسهم العالمية ارتباكاً ملحوظاً، فيما هبطت أسعار النفط وتباينت العملات، بفعل مخاوف من احتمال أن يؤدي تفشي فيروس الجهاز التنفسي «كورونا»، إلى إضعاف النمو الاقتصادي على غرار تفش لوباء التهاب الجهاز التنفسي الحاد (سارس) قبل 20 عاماً تقريباً.
وتراجعت أسعار النفط أكثر من اثنين في المئة، أمس، خوفاً من تراجع الطلب على الوقود إذا أضر تفشي الفيروس بالنمو الاقتصادي.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 87 سنتاً، أو 1.4 في المئة، إلى 62.34 دولار للبرميل بحلول الساعة 0733 بتوقيت جرينتش.
وارتفع الين الذي يُعتبر عملة ملاذ آمن وتراجع اليوان الصيني، في الوقت الذي يراقب فيه المستثمرون بقلق انتشار الفيروس، بينما قفز الدولار الأسترالي المتعثر بعد تراجع مفاجئ لمعدل البطالة.
كما صعد الدولار الأميركي، إذ ارتفع قليلاً مقابل اليورو والدولار الأسترالي وصعد مؤشره، الذي يتتبع أداء العملة مقابل سلة من ست عملات رئيسة، إلى 97.552.
وفتحت الأسهم الأميركية على انخفاض، أمس، متأثرة بالمخاوف المتنامية، بينما زادت مجموعة من نتائج الأعمال المتباينة المعنويات السلبية.
ونزلت الأسهم اليابانية إلى أدنى مستوى في أسبوعين، حيث أدى القلق الشديد من انتشار «كورونا» إلى تراجع الثقة.