متعاملون يدعون إلى تحفيز النمو العقاري من خلال تسهيل القروض المصرفية
دعا محللون اقتصاديون ومسؤولون في شركات عقارية عاملة بالدولة، إلى تحفيز القطاع العقاري وتشجيعه للاستمرار بالنمو، من خلال تسهيل منح القروض العقارية من جانب البنوك وشركات التمويل، لدفع القطاع إلى مواصلة النمو الذي حققه في السنوات الخمس الماضية·
وقال المحلل الاقتصادي الدكتور أحمد البنا إن ''القطاع العقاري يلعب دوراً رئيسياً في الناتج المحلي الإجمالي للدولة ''، لافتا إلى ضرورة إعادة النظر في منح التسهيلات والقروض العقارية دون فتح الأبواب بشكل واسع كما كان الحال سابقاً· وأوضح أن القطاع العقاري ''شهد نوعا من الانحسار والانكماش في الربع الاخير من العام الماضي ،2008 ولا بد من دفعه للنمو مجددا''·
ويأتي ذلك في الوقت الذي أعربت فيه شركات عقارية كبرى عن ثقتها بقدرة السوق على تجاوز تبعات الازمة المالية العالمية، وتوقعت عودة النشاط للسوق خلال عام واحد على أبعد تقدير، وهو ما أكدته شركة الدار العقارية على لسان الرئيس التنفيذي للشؤون التجارية محمد المبارك والذي سبق وأن استبعد استمرار الوضع الحالي لأكثر من سنة واحدة وسيعود النشاط للسوق مجدداً·
كما أكد أحمد العبدالله الرئيس التنفيذي لشركة ''نيو دبي العقارية'' ان صعوبة حصول الشركات العقارية على القروض التي تحتاجها لإنجاز مشاريعها، يتسبب في مشاكل لعدد كبير من الشركات، داعيا الى تسهيل عملية الاقراض مع تقليل نسبة تغطية القروض في ظل الوضع الحالي للسوق·
وكانت القروض العقارية شهدت انكماشا في الآونة الأخيرة نظرا لإحجام بنوك عن تمويل الوحدات السكنية والأراضي، وبلغ حجم قروض الاسكان بالدولة في نهاية يونيو الماضي 87,57 مليار درهم مقارنة بـ45,65 مليار درهم في العام ،2007 إلا أن حجم القروض غير المسددة قفز بنسبة 34,9 % في نهاية يونيو مقارنة بشهر مارس، بحسب إحصاءات المصرف المركزي، وهو ما دفع البنوك إلى التشدد في منح الائتمان لهذا القطاع وغيره من القطاعات بحسب مصرفيين·
ويعاني الاقتصاد العالمي من أزمة مالية حادة عصفت بمجموعة من البنوك والمؤسسات المالية الاميركية الكبرى وأدت الى إفلاس عدد من تلك المؤسسات، ما دفع الحكومة الاميركية الى التدخل وإنقاذ بعض المؤسسات المصرفية وشركات التأمين من تداعيات أزمة توصل بأنها الاعنف منذ ثلاثينيات القرن الماضي·
كما امتدت آثار الأزمة المرتبطة أساساً بالرهونات العقارية، لتشمل أسواق المال العالمية التي تكبدت خسائر فادحة خلال الأشهر القليلة الماضية، وأدت الى تراجع المؤشرات في معظم الاسواق المالية الاميركية والاوروبية والخليجية وغيرها·
وشدد أحمد البنا على ان قطاع العقارات شهد نموا كبيرا خلال السنوات الخمس الماضية سواء على مستوى الدولة أو المنطقة بشكل عام، وتمكن من لعب دور رئيسي في إجمالي الناتج المحلي الاجمالي، إلا أن تداعيات أزمة الائتمان العالمية وتأثيرها على المؤسسات المالية والاقتصاد المالي بالدولة، حدت من منح الائتمان والقروض للشركات·
وأضاف ان ذلك أسهم في حدوث نوع من الانكماش والانحسار في القطاع العقاري، خصوصا خلال الربع الاخير من العام الماضي، مشيرا الى ان وضع حلول لحماية اقتصاد الدولة يحتاج الى فترة تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر من الآن وذلك لتقييم الوضع الاقتصادي وبالتالي وضع القترحات المناسبة لحماية اقتصاد الدولة·
وأوضح البنا ان هناك حاجة الى ''وضع نظم وقوانين واتخاذ قرارات جديدة فيما يتعلق بمنح التسهيلات والقروض العقارية دون فتح الأبواب على مصاريعها مثلما كان الحال سابقاً، لإعادة النشاط الى القطاع العقاري الذي قد يؤدي تأثره الي تأثر قطاعات أخرى مرتبطة به''·
يذكر أن القطاع العقاري بدولة الامارات شهد نشاطا كبيرا خلال السنوات القليلة الماضية مع السماح بالتملك الاجنبي في العام ،2002 وساهم الطلب القوي على العقارات منذ ذلك الوقت في حدوث ارتفاع كبير في أسعار العقارات التي تضاعفت عدة مرات في عدد من مناطق الدولة·
وأصبح القطاع العقاري بالدولة الأنشط على مستوى منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الماضية، وتمكن من جذب استثمارات أجنبية بمليارات الدولارات، قبل أن يبدأ بالتراجع نتيجة لتداعيات أزمة السيولة التي تضرب العالم حالياً·
وأكد محمد المبارك أن استمرار حكومة أبوظبي في إطلاق مشاريع البنية التحتية وتنفيذ خططها المستقبلية في مختلف المجالات، من شأنه ان يدعم أعمال شركة ''الدار'' والشركات العقارية الأخرى التي تعمل على تطوير مشاريع ومرافق مختلفة المجالات بأبوظبي، كما يدعم مختلف الشركات العقارية العاملة في الامارة ويوفر لها الحماية من أي تداعيات ناتجة عن الأزمة العالمية·
وكانت ''الدار'' أكدت في عدة مناسبات أنها لم تفكر على الإطلاق في إيقاف أو تأجيل أي من مشاريعها، كما أنها تواصل عمليات التوظيف وفقا لاحتياجاتها المرتبطة بنمو وتوسع أعمالها، وأكد مسؤولون بالشركة ان عدد موظفي الشركة حاليا الذي يقدر بنحو 500 موظف يتم تعزيزه من خلال الاستعانة بكوادر وطنية مع تدريبها، كما تستمر عمليات الاستعانة بخبرات أجنبية في المجالات التي تحتاجها الشركة·
وأكد المبارك استمرار الطلب على مشاريع الشركة ، خصوصاً المشاريع التي قطعت أشواطا أكبر في الانجاز مثل المنيرة والزينة والدانة والخبيرة، خصوصا من مستثمرين بريطانيين وهنود ومن جنوب اوروبا، مشيرا الى ان الطلب تراجع على المشاريع التي لم تنجز حتى الآن والتي ستسلم خلال فترات طويلة·
وعلى صعيد متصل ، أكد المبارك أن ''الدار'' لا تواجه مشاكل في تعثر سداد الدفعات المستحقة للشركة من قبل مشتري العقارات، مشيرا إلى ان شريحة كبيرة من المشترين هم من المستخدمين النهائيين وليسوا من المضاربين الذين يواجه الكثير منهم مشاكل في السداد حالياً·
وأضاف انه من المستبعد ان تواجه أغلب الشركات العاملة في أبوظبي مشاكل من هذا القبيل، مشيرا إلى أن معظم هذه الشركات هي شركات كبيرة وسيكون تأثرها بتداعيات الازمة المالية أقل من غيرها من الشركات·
وكانت الدار أوضحت مؤخرا انها قامت حتى الآن بإنجاز نسب عالية من مشاريع البنية التحتية خصوصا في المرحلة الاولى من مشروع جزيرة ياس وفي مشروع شاطئ الراحة، مشيرا الى ان معدلات الانجاز تتراوح بين 60% و75% حتى الآن·
وتعد شركة الدار العقارية من أبرز شركات تطوير وإدارة واستثمار العقارات بأبوظبي، وبمشاريع تطويرية مدنية ضخمة تقدر قيمتها بمليارات الدراهم في عاصمة الدولة، وبلغت قيمة المشاريع التي أعلنت عنها الدار العقارية حتى الآن نحو 74 مليار دولار، وتنجز الشركة حاليا ما يتراوح بين 6 و7 آلاف وحدة سكنية·
من جهته، شدد أحمد العبدالله على ان ''السبب الرئيسي في توقف بعض المشاريع وعمليات التسريح ببعض الشركات العقارية هو عدم قدرتها على الحصول على تمويلات بنكية''، واضاف ''نتفهم تخوفات البنوك ولكن لا يجب ان تتوقف عن تمويل المشاريع نهائيا، يمكن ان تخفض نسب التمويل الى مستويات أقل مما هي عليه الآن، وهو ما سيخفف العبء عن الشركات''·
وربط رئيس شركة نيو دبي عودة النشاط للقطاع العقاري بالتسهيلات البنكية لتمويل المشاريع، مشيرا الى انه بالرغم من وجود توقعات بعودة النشاط للسوق العام المقبل، إلا ان ذلك يظل مرتبطا بتعامل البنوك مع الشركات العقارية ومدى قدرتها على منح تسهيلات تمكن الشركات من إنجاز مشاريعها·
وشدد العبدالله على ان قيام مجموعة من الشركات في عمليات تسريح للعمالة من شأنه ان يساهم في تراجع الطلب بالقطاع العقاري بصورة أكبر مما هو عليه حاليا، مشيرا الى ان هذا التراجع سيشمل عمليات البيع والتأجير، نتيجة تراجع أعداد فرص العمل بالدولة
المصدر: أبوظبي