مصطفى عبد العظيم (دبي)

تتهيأ العلاقات الاقتصادية بين الإمارات وإندونيسيا الممتدة لعقود طويلة للدخول إلى مرحلة جديدة من التعاون والشراكة، والاستفادة من المقومات والفرص العديدة المتاحة لدى البلدين في مختلف القطاعات، وخاصة في مجال الاقتصاد الإسلامي الذي يشكل أحد أبرز الركائز الاقتصادية المشتركة بين الجانبين في السنوات الأخيرة.
ويؤكد مسؤولون وخبراء على وجود آفاق واسعة لترسيخ أطر التعاون الاقتصادي والاستثماري والتجاري بين البلدين خلال السنوات القليلة المقبلة، لاسيما في ظل العلاقات الثنائية المتميزة التي تجمع الإمارات وجمهورية إندونيسيا الصديقة، واهتمام وحرص القيادة السياسية في البلدين على ترسيخ هذه العلاقات وتطويرها.

أكد حميد محمد بن سالم الأمين العام لاتحاد غرف التجارة والصناعة بالإمارات، أن بيئة الأعمال في إندونيسيا تعتبر من الجهات الاستثمارية الواعدة، مشيراً إلى ضرورة تقوية وتعزيز روابط التعاون من خلال تكثيف زيارات الوفود الاقتصادية، وكذلك التزود بالمعلومات التعريفية بالمناخ الاستثماري الإندونيسي والفرص المتاحة.
وقال بن سالم، إن القطاع الخاص الإماراتي له خبرة طويلة فيما يتعلق بالاستثمارات الخارجية من خلال إقامة عدة مشاريع في مختلف دول العالم، مشيراً إلى استعداد اتحاد الغرف والغرف الإماراتية الأعضاء لتسخير كل الإمكانيات في سبيل تقوية العلاقات الاقتصادية وفتح آفاق رحبة للتعاون التجاري المشترك، لاسيما في ظل العلاقات الثنائية المتميزة التي تجمع دولة الإمارات وجمهورية إندونيسيا الصديقة.
وكشف الأمين العام لاتحاد غرف التجارة والصناعة بالدولة عن وجود مشروع لتأسيس مجلس أعمال إماراتي إندونيسي مشترك، موضحاً أن اتحاد الغرف قام خلال العام الماضي بإرسال بعثة تجارية وعقد ملتقى أعمال إماراتي إندونيسي لاستكشاف الفرص الاستثمارية المتاحة للقطاع الخاص لاسيما في مجال الغذاء والمنتجات الزراعية، مشيراً إلى أن الاتحاد وقع في مايو 2006 مذكرة تفاهم مع غرفة تجارة وصناعة إندونيسيا (كادين).

مراكز متقدمة
وتتبوأ كل من دولة الإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا مراتب متقدمة في تقرير واقع الاقتصاد الإسلامي العالمي لعام 2019. ووفقاً للتقرير حلت الإمارات المرتبة الأولى في 5 قطاعات شملت الأغذية الحلال، السفر الحلال، الأزياء المحافظة، الإعلام والترفيه الحلال، ومستحضرات الأدوية والتجميل الحلال، فيما تصدرت إندونيسيا الدول الأولى من حيث الإنفاق الإسلامي على الأغذية بإجمالي 170 مليار دولار، فيما جاءت في المرتبة الثانية في مؤشر الدول الأولى في الإنفاق الإسلامي على مستحضرات التجميل بنحو 3.9 مليار دولار، ثم جاءت في المرتبة الثالثة بين الدول الأكثر إنفاقاً على الأزياء المحافظة بنحو 20 مليار دولار، وفي المرتبة الرابعة في مؤشر الإنفاق الإسلامي على المستحضرات الدوائية بنحو 5.2 مليار دولار، والمرتبة السادسة في مؤشر الإنفاق الإسلامي على الإعلام بنحو 10 مليارات دولار، والمرتبة الثامنة في مؤشر أسواق التمويل الإسلامي من حيث الأصول بإجمالي 82 مليار دولار.

ناسداك دبي
جذبت بورصة ناسداك دبي أكثر من 11 إصداراً من الصكوك الأندونيسية خلال السنوات الماضية للإدراج في البورصة بقيمة إجمالية بلغت نحو 15 مليار دولار، لتصبح بذلك الحكومة الإندونيسية أكبر جهة إصدار صكوك في ناسداك دبي، من حيث القيمة وعدد الإدراجات، وذلك بعد أن قامت في مايو الماضي بإدراج إصدارين لصكوك خضراء أصدرتهما جمهورية إندونيسيا بقيمة ملياري دولار بغرض استخدامهما في مجموعة متنوعة من المشروعات، مع التركيز على التنمية المستدامة.

شراكة
وقال عيسى كاظم، محافظ مركز دبي المالي العالمي، الأمين العام لمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي، الإدراجات المتواصلة للصكوك الإندونيسية في ناسداك دبي، تأتي لتؤكد العلاقات الوثيقة بين الإمارات وإندونيسيا، أكبر دولة مسلمة في العالم من حيث عدد السكان، وعلى نمو دبي، بوصفها العاصمة العالمية للاقتصاد الإسلامي، منوهاً بإبرام شراكة مع إندونيسيا، للحفاظ على نمو أسواق التمويل الإسلامي لصالح جميع المشاركين في السوق والاقتصاد الأوسع نطاقاً.
من جهته، قال حامد علي، الرئيس التنفيذي لناسداك دبي، تربطنا علاقة وثيقة مع أشقائنا في إندونيسيا، منذ أول إدراج لصكوك الحكومة الإندونيسية في 2014، لتصبح الآن أكبر جهة إصدار للصكوك في ناسداك دبي، ونتطلع إلى المزيد من النجاحات والإنجازات خلال الفترة المقبلة على القطاعين الإقليمي والعالمي. وتم إدراج الصكوك الخضراء لحكومة إندونيسيا بناسداك دبي في 20 فبراير 2019.

صناعة الحلال
وفي مجال صناعة الحلال يلعب البلدان دوراً مهماً في دعم هذه الصناعة التي يبلغ حجمها نحو 1.3 تريليون دولار، ويتوقع أن تصل إلى 1.8 تريليون دولار في العام 2023، وهو الأمر الذي دفع البلدين لتوقيع مذكرة تفاهم في مجال الاعتماد الحلال، أبرمتها هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس «مواصفات»، مع لجنة الاعتماد الوطنية، بهدف تسهيل انسيابية حركة التجارة بين البلدين، وتذليل العوائق الفنية، فضلاً عن تعزيز التعاون الفني في مجال الاعتماد الحلال.
وأكد عبد الله المعيني، مدير عام هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس «مواصفات»، أن الإمارات تحرص على تعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية مع بلدان العالم، مشيراً إلى أن دولة الإمارات لديها مع إندونيسيا تجربة ثرية من التعاون والتنسيق الاقتصادي والاستثماري والتجاري، تتماشى مع رؤية قيادتي البلدين، لافتاً إلى أن الاهتمام بملف صناعة الحلال من شأنه أن يمثل فرصة جيدة للاستثمار، وبموجب هذا التعاون بين البلدين، ستعترف هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس (ESMA) بشهادات الحلال، الصادرة عن جهات الاعتماد الإندونيسية المعتمدة من قبل الهيئة، استناداً إلى معايير دولة الإمارات.
واتفق الطرفان على أن تلتزم لجنة الاعتماد الوطنية الإندونيسية بمتطلبات البنود ذات العلاقة بالمواصفة القياسية الإماراتية 2055-3 الخاصة بجهات الاعتماد الحلال، فيما ستقدم «مواصفات» الدعم الفني لموظفي لجنة الاعتماد الوطنية في إندونيسيا، وسيتم تدريبهم على القواعد والإجراءات المطبقة، فضلاً عن متطلبات خدمات الهيئة عبر الإنترنت، كما ستتعرف الهيئة على المنتجات المعتمدة من قبل الجهات المعتمدة.
وأوضح أن الاتفاقية تخول «مواصفات» بإجراء تقييم النظراء للجنة الاعتماد الوطنية في إندونيسيا، لضمان تلبيتها متطلبات الحلال، كما ستقدم اللجنة خدمة الاعتماد لجهات منح شهادات الحلال في جمهورية إندونيسيا وفق المواصفة القياسية الإماراتية 2-2055، على أن تزود الجهة الإندونيسية الهيئة بتقارير ووثائق تقييم جهات منح شهادات الحلال.