سعيد ياسين (القاهرة)

كان أول مشهد في حياة الفنان فريد شوقي الذي حمل خلال مشواره العديد من الألقاب، منها «الملك» و«وحش الشاشة» و«ملك الترسو» و«أبو البنات»، عام 1946 في فيلم «ملاك الرحمة» أمام يوسف وهبي وفاتن حمامة وراقية إبراهيم وسراج منير وزوزو شكيب وبشارة واكيم ونجمة إبراهيم وفاخر فاخر وأمينة شريف وشفيق نور الدين، وتأليف وإخراج يوسف وهبي.
وكان دوره «ضابط» في الفيلم الذي دارت أحداثه في إطار درامي اجتماعي حول الشركسي الثري «فؤاد بك» الذي يعيش مع زوجته وابنته، وتحاك ضده مؤامرة من قبل رجل محتال يدعى «كاظم» وعشيقته «الحسناء» من أجل الاستيلاء على ثروته، فيقومان بتدبير خطة تمكنهما من التعرف على الأسرة، لكي يبدآ في تفريق شمل الأسرة بحيلهما الخبيثة، وتتوالى الأحداث، وكانت جملة فريد الأولى في مشهده الأول في الفيلم: «انت الظاهر انك مشفتش حاجة، رجال البوليس مراقبين كل خطواتها، احنا قربنا من النهاية، اورفوار يا بيه».
وكان يجسد شخصية ضابط مباحث مكلف بمراقبة زوزو شكيب «زوجة يوسف وهبي» في الفيلم، لأنه كان يشك في سلوكها، وأنها أيضاً تسرقه، وكان الفيلم فاتحة خير على فريد، حيث شارك بعده مباشرة في عدد من الأفلام التي لفتت الانتباه إليه، ومنها «ملاك في جهنم» أمام زوزو حمدي الحكيم وأمينة رزق وفاتن حمامة وزوزو شكيب وسراج منير، و«الستات عفاريت» أمام ليلى فوزي ومحمود المليجي وعزيز عثمان وثريا حلمي وحسن فايق وزينات صدقي، و«ليالي الأنس» أمام ببا عز الدين وعبدالغني السيد، و«غني حرب» أمام إلهام حسين وبشارة واكيم، إلى جانب سلسلة أفلام شارك فيها مع أنور وجدي، بداية من عام 1947 من خلال فيلم «قلبي دليلي»، ومروراً بأفلام «عنبر» و«طلاق سعاد هانم» و«غزل البنات» و«أمير الانتقام»، وانتهاء بـ «النمر» عام 1952.
وقال الكاتب والمؤرخ الفني وسام أبو العطا: إنه بعد انتهاء «ملاك الرحمة» وعرضه تجارياً للجمهور، اعتقد فريد شوقي أنه أصبح نجماً سينمائياً، لدرجة أن الفنان أنور وجدي حين طلبه للمشاركة في عدد من أفلامه، وسأله كم ستتقاضى أجراً عن دورك في الفيلم الواحد؟ فأجابه فريد: 250 جنيهاً، فباغته: 50 جنيهاً كفاية عليك، وحين اعترض فريد أخبره أنور بمزايا عمله معه في أفلام من بطولته وإنتاجه وإخراجه، وقال له: أنت تعمل مع أنور وجدي.
وبعد حوالي عشر سنوات من هذا الأمر، تذكر فريد هذا الموقف حين وجد نفسه يشارك أنور بطولة فيلم «خطف مراتي» عام 1954، وتوقف عند أول مشهد انهار فيه فريد شوقي أثناء تصويره، وكان العام 1963 في فيلم «بطل للنهاية» وكان يشاركه البطولة الفنان محمود المليجي، وكان يفترض أن تحدث مشاجرة بينهما، ويضرب فريد المليجي بالنار ويقتله، وكان من عادة فريد أنه كان يختبر أي سلاح يستخدمه بنفسه قبل استخدامه في أي من المشاهد التي تستلزم استخدام سلاح، ويتأكد أنه فارغ وليس فيه إلا رصاص فشنك، إلا أنه في هذا المشهد نسي أن يختبر السلاح وترك المهمة لمساعديه، وحين حانت اللحظة الحاسمة، ودارت الكاميرا، وصوب فريد المسدس تجاه المليجي، خرجت منه الرصاصة واستقرت بجوار المليجي بمسافة لا تتجاوز سنتيمترين، وبقي المليجي ثابتاً في مكانه، ولكن فريد انهار وأغمي عليه، لاعتقاده أنه قتل زميل عمره عن طريق الخطأ، وحاول الجميع إفاقة فريد، وحين آفاق أصر على الاطمئنان على المليجي وانهار في البكاء، وتأجل التصوير لليوم التالي، لأنه كان من الصعب أن يستكمل فريد التصوير.