ملاذات التهرب من الضريبة تتصدر أعمال منظمة التعاون الاقتصادي
بحث وزراء وممثلون من 18 دولة عضو في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية باجتماعهم في باريس أمس قضية المناطق والدول التي تعد ملاذاً آمناً للتهرب من الضرائب في العالم·
وبحضور ألمانيا وفرنسا، فإن المشاركين في المؤتمر سوف يسعون إلى إجبار المناطق والدول التي تعد ملاذاً آمناً للتهرب من الضرائب على فتح حساباتها أمام المفتشين الماليين بحثاً عن أشخاص يقومون بإيداع أموالهم هناك للتهرب من دفع الضرائب على الدخل·
وتزايد الاهتمام بشكل كبير بشأن تلك القضية نظراً للأزمة المالية التي تعصف بالاقتصاد العالمي حالياً·
وقال باسكال سان أمانس - المسؤول في المنظمة عن مكافحة الملاذات الضريبية الآمنة - لصحيفة ''لوفيجارو'' الفرنسية: ''كيف يمكن لنا أن نستمر في بناء نظام مالي قوي طالما أننا لا نضع حداً لتلك الأموال المشبوهة''·
وتقدر الحكومة الفرنسية بأن ميزانيتها تفقد سنوياً ما بين 40 إلى 53 مليار دولار (30إلى 40 مليار يورو) بسبب تلك الملاذات الآمنة في الخارج·
وقال رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون الأسبوع الماضي متحدثاً أمام الجمعية الوطنية الفرنسية: ''إن ثقوباً سوداء مثل المراكز المالية في الخارج يجب ألا تبقى قائمة بعد الآن''، مضيفاً ''أن إزالتها يجب أن تكون مدخلاً لإعادة ترتيب النظام المالي العالمي''·
وقال الرئيس نيكولا ساركوزي الأربعاء الماضي: ''هل من الطبيعي أن يستمر مصرف ما في العمل في الجنات الضريبية بعدما نضمن قروضه أو نمنحه أموالاً من دون السيطرة بالضرورة على رأسماله سواء جزئياً أو كلياً؟ الجواب هو لا''·
أما ألمانيا، فتبدي استياءً كبيراً منذ كشف فضيحة كبرى في فبراير حول دافعي ضرائب أثرياء كانوا يهربون أموالهم إلى دوقية ليشتنشتاين لتجنب دفع الضرائب·
وهناك، بحسب منظمة الشفافية الدولية - فرنسا خمسون جنة ضريبية في العالم يقوم فيها ''أكثر من 400 مصرف وثلثان من صناديق المضاربة الألفين الموجودة وحوالى مليوني شركة وهمية''، بإدارة نحو ''عشرة آلاف مليار دولار من الأصول المالية'' ما يوازي أربعة أضعاف إجمالي الناتج الداخلي الفرنسي·
وإن لم تكن المراكز المالية في الخارج سبب الأزمة الحالية، إلا أنها سمحت بحسب كريستيان شافانيو الذي أصدر كتاباً بهذا الصدد، لمصارف معروفة مثل البريطاني نورذرن روك أو الأميركي بير ستيرنز بإخفاء خسائرها·
وهي تؤثر على استقرار النظام المالي؛ لأنها تحوي ''صناديق المضاربة'' التي تعمد منذ أسبوعين إلى بيع أصولها بشكل كثيف بعدما حاصرتها الأزمة، مما يساهم في انهيار أسواق الأسهم والمواد الأولية·
وأوضح شافانيو لوكالة فرانس برس أن الظروف السياسية لم تعد مواتية لهذه المراكز المالية في الخارج، وقال: ''إن فرنسا وألمانيا لطالما كافحتا الجنات الضريبية، وإذا ما انتخب باراك أوباما (رئيسا للولايات المتحدة) فإنها ستواجه مرحلة صعبة جداً''·
والمرشح الديموقراطي للبيت الأبيض خلافاً للرئيس الحالي جورج بوش، جعل من مكافحة الجنات الضريبية أحد البنود الرئيسية في برنامجه، وقد طرح مسودة قانون بهذا الصدد العام الماضي في الكونجرس الأميركي·
تجدر الإشارة إلى أن لوكسمبورج والنمسا وسويسرا - وهي من الدول الأعضاء في المنظمة - تقاطع اجتماع باريس نظراً إلى أن اقتصاداتها تستفيد من توفيرها ملاذات آمنة للتهرب الضريبي· وقال مسؤول في وزارة المالية الفرنسية لصحيفة ''لوفيجارو'': إن غيابها (الدول الثلاث) كان له تأثير ''كبير''، لكن من المرجح أن يؤدي ذلك إلى إصدار بيان ختامي أكثر قوة من قبل المشاركين في الاجتماع، لكن غياب الولايات المتحدة لقرب موعد الانتخابات الرئاسية كان أكثر أهمية نظراً إلى أن مساندة واشنطن هي أمر مهم في تعزيز أي إصلاحات مقترحة
المصدر: باريس