محمد عبد السميع (الشارقة)

يعد مسرح العرائس من أفضل الطرق التعليمية التي عن طريقها يكتسب العديد من المفاهيم في صورة حسية؛ لأن تفكير الطفل يغلب عليه الجانب الحسي الذي يعتمد على الأشياء المحسوسة، حيث يضع المسرح بعرائسه المتحركة الأطفال أمام الوقائع والأحداث والأشخاص والأفكار بشكل مجسد وملموس ومرئي ومحسوس، مما يسهل للأطفال إدراكهم للأشياء وفهمهم للأمور المتعددة من خلال العرائس.
لذا اهتم المعنيون في الهيئة العربية للمسرح وجمعية المسرحيين بالإمارات بإبراز قيمة وأهمية دور فن العرائس وأثره في تربية الأطفال، سواء من النواحي التعليمية أو الاجتماعية أو الوجدانية، بتأسيس مركز الإمارات للعرائس.
الفنان الإماراتي مرعي الحليان مدير مركز الإمارات لفنون العرائس وأول مدير مركز خليجي متخصص للعرائس، أكد لـ «الاتحاد» أن «العرائس المصدر الأول للمعلومات لدى الطفل؛ لأنها تعبر باللفظ الشفهي واللاشفهي، فهي تقوم على الكلمة والحركة والصورة والتعبير البصري؛ لذا فهي أدوات مهمة وفاعلة في تعليم وتسلية الطفل، وإتاحة الفرصة لقدراته الخلاقة أن تنشط وتنمو، فإذا أردنا إسعاد الأطفال وإحاطتهم بجو من المرح، فلا بد من اللجوء إلى (العرائس) فهو وسيلة فعالة للتربية والتعليم والترفيه».
وأضاف الحليان أن المركز «يسعى لتكوين نواة لفناني مسرح العرائس والدمى في دول الخليج، انطلاقاً من جمعية المسرحيين في الشارقة»، مشيراً إلى أن «ميزة أن ينطلق هذا المركز في الخليج هو أن القطاع المسرحي الخليجي منذ بدايته لم ينشئ فرقة واحدة متخصصة في فنون الدمى».
وتابع الحليان: طموح المركز أن يُكوّن نواة لمحركي الدمى خلال عامين، وإنتاج أعمال مسرحية تربوية هادفة، بشراكات مع المدارس، والمؤسسات المختلفة، وحتى في الشوارع، و«المولات»، لسهولة انتقال مسرح العرائس في بيئات مختلفة.
وشرح الحليان خطة عمل المركز خلال الفترة القادمة، بأنه سيبدأ بورشة تأسيسية للراغبين في التقدم، بداية أغسطس المقبل، يقدمها بعض الفنانين المقيمين في الدولة لمدة من 20 إلى 25 يوماً، يتم بعدها تحديد الموهوبين في فن الدمى بمختلف أنواعه، موضحاً أنه في ديسمبر المقبل سيتم استقطاب مدرب من دولة عربية «مصر أو تونس»، لتدريب المتخرجين في الدورة التأسيسية.
وأكد أن الطريق لن يكون سهلاً أمام المركز؛ لأنه يعد فناناً من البداية يقتنع بأن يترك التمثيل الواقعي، ويترك البطولة للدمية، بالإضافة إلى أن تأسيس فنان يستطيع التحكم في العرائس أمر صعب.
وشدد الحليان على أن مسرح الطفل من أهم الوسائل التي تعتمد عليها التربية الحديثة في تطوير وتنمية العديد من المهارات والقدرات لدى الأطفال والتي يصعب تحقيقها عن طريق وسائل أخرى، منها القدرات اللغوية، زرع روح المبادرة، تعزيز الثقة بالنفس، تطوير المهارات الحسية والحركية... وأضاف: وجود مسرح للدمى سيساهم بشكل كبير في إثراء مسرح الطفل، شارحاً: «الدمية لدى الطفل شيء ساحر ومؤثر يسكب فيها من خيالاته المفتوحة.. قبل عامين كان لديّ عمل مسرحي موظف فيه الدمى مع الممثلين، ووجدت خلاله تعلق الطفل بالعرائس أكثر من الفنانين؛ ولذلك أتوقع اعتماد المراحل السنية من 4 إلى 6 سنوات على هذا النوع من الفن». واستكمل مدير مركز الإمارات لفنون العرائس، أن المتقدم للمركز يبدأ بكيفية صناعة الدمية الخاصة به، ثم العلاقة الطبيعية بين المُحرك والدمية، لتتجلى في حالتها الفريدة وشطحاتها الإبداعية العالية حين يتوحد الفنان والدمية، وهذا هو دور المركز، مشيراً إلى أنه ربما بعد فترة - ليست بالقصيرة - من التدريب نستطيع إخراج فنان محترف.
واختتم الحليان حديثه، أن التسجيل مفتوح للجميع، مشيراً إلى أن الهيئة العربية للمسرح تكفلت بتحمل تكاليف أي خبير عربي من مصر أو تونس لتقديم الورش اللازمة.