توصل فريق من الباحثين بجامعة الإمارات إلى ابتكار أساليب هندسية جديدة لتصميم وتنفيذ المباني الخرسانية في المناطق الحارة، بشكل يساهم في خفض استهلاك الطاقة الكهربائية إلى أكثر من 30% عن تلك التي يتم استهلاكها في المباني الحالية، ويطلق على النموذج الجديد ''المباني الديناميكية التنفسية''· وكشف الدكتور عبدالله الخنبشي مدير جامعة الإمارات لـ''الاتحاد'' عن نجاح التجارب الأولية للمشروع الذي يمثل ''انطلاقة علمية غير مسبوقة على صعيد البناء والتشييد، ليس في الدولة فحسب بل على الصعيد العالمي''، لافتاً إلى أن النظام الجديد سيقلل استهلاك الطاقة بأكثر من الثلث، حيث دلت التجارب العلمية، على أن المباني الحالية تستهلك عبر أجهزة التكييف حوالي 70% من إجمالي الطاقة الكهربية التي تنتج سنوياً في الدولة· وأكد الدكتور خالد السمري الباحث بالمشروع أن فكرة البحث تعتمد على اتخاذ خطوات لتقليل استخدام الوقود العضوي إلى أدنى درجة ممكنة في المباني، بتطبيق إجراءات وتقنيات لترشيد وتحسين استخدام الطاقة، مثل المباني الديناميكية التنفسية، ''بحيث تستخدم المباني مستقبلاً مغلفات ديناميكية تسمح بمرور الهواء، وتبرد وترشح الهواء قبل دخوله للمباني، مما يؤدي إلى خفض حاد في استخدام الطاقة للتبريد، ويقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ويوفر للمساكن هواءً عالي الجودة، ومن ثم جعل البيئة خارج المساكن نظيفة وصحية''· وأوضح أن المشروع ينفذ بالتعاون مع جهات ومؤسسات محلية وعالمية متخصصة، في حين تتولى جامعة الإمارات الإدارة العامة للمشروع، وتوفر المدخلات المعمارية الهندسية اللازمة لتصميم المبنى من خلال توفير الخبرة من السوق المحلية· كما تقدم مؤسسة المباني البينية المحدودة المشورة لفريق العمل بالمشروع في كل الأمور المتعلقة بتركيب المنتج، ودمج التدفئة والتهوية وتكييف الهواء، والتنبؤ بالأداء· كذلك تعمل جامعة أبردين البريطانية على إعداد برنامج للرصد، وتوفير المدخلات الهندسية العامة للمشروع· أما شركة الحمد للمقاولات، فستوفر الرسومات الهندسية المطلوبة، والمعلومات الخاصــــة بالمبنى الــذي سيسـتــخدم كعينـــــة، ومــن ثــم بنـــاء أول مبنـــى ديناميكي تنفسي في الإمارات· ولفت الدكتور عبدالمحسن أنسي مدير البحوث في جامعة الإمارات إلى أن المشروع ''يمثل تطوراً علمياً في مجال البناء صديق البيئة''، مشيراً إلى أن ما تمثله انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، المسؤول عن حالة الاحتباس الحراري في العالم، وما يترتب على ذلك من تغيرات مناخية· كذلك فإن استهلاك الطاقة على هذا النحو ينتج ملوثات خطرة داخل بيئة المباني، مثل ملوثات الأكاسيد الكبريتية والأكاسيد النيتروجينية والجسيمات· وقال أنسي إن استخدام خلايا تدفق الوقود ''تي· إم'' في تصميم المباني ''مكلف نوعاً ما''، إضافة إلى تعديل توصيلات التدفئة والتهوية وتكييف الهواء، إلا أن ''مقابل هذه الكلفة سيكون هناك توفير ملحوظ في كلفة الطاقة الكهربائية''، نظراً لخفض معدلات التكييف المركزي، نتيجة تأثير نظام التنفس الديناميكي الذي يخفض بدوره الحمل الإجمالي للتبريد· وأوضح أن إدارة البحوث في الجامعة تعمل حالياً على تقدير الكلف الإضافية والتوفير المتوقع، من وفر في التكاليف الرأسمالية، ووفر في التشغيل، مشيراً إلى أن التقديرات الراهنة توحي بأن منافع المشروع ستفوق التكاليف بكثير (بما في ذلك تكاليف الخلايا والمعدات المرتبطة بها)