- تتصافح شباك و سنارات الصيد على رصيف ميناء أبوظبي، وتغوص في مياهه الراكدة لتحرّك فيها الحياة، وتخرج بغَلّة من الأسماك تدخل البهجة إلى قلوب الصيادين بعد صبر وعناء طويلين· يتوافد هواة الصيد يوميا، في أول النهار أو آخره، إلى رصيف الميناء، كلّ منهم يحمل عدة الصيد خاصته، من سنارة أو شبك صغير، وأطعمة، وسلّة أو كيس ليضع فيها صيده· يجلسون متجاورين، يرمون خيوطهم وهم يتأملون البحر طالبين ودّه وكرمه بما يجود عليهم من سمك أو ثمر· ويقضي بعض الهواة أكثر من 3 ساعات متواصلة من اليوم على شاطئ البحر، يمارسون خلالها هوايتهم المفضلة، يحملون أدواتهم الخيط و العود وكأنهم في سباق تنافسي على من يصطاد أكثر، ليعودوا إلى منازلهم وأسرهم بحصّة وفيرة من السمك· لا تحتاج هواية صيد السمك إلى تكاليف مالية باهظة، بحسب عدنان منصور، الذي اعتاد ممارسة هذه الهواية منذ ما يزيد على العشرة أعوام، فهي هواية بسيطة وغير مكلفة بنفس الوقت، إذ لا تتجاوز كلفة سنارة الصيد مع الطعم والرصاص وغيرها من الأدوات مبلغ 300 درهم بالنسبة للمبتدئين· بالمقابل، فإن الهواية تتطلب صبراً وبالاً طويلاً، وفق سعيد عبد الله، وهو شاب حديث العهد بالصيد، زومن هنا فإنّها تعدّ وصفة ممتازة تعلّم الصبر لمن يفتقده ، مؤكداً أهمية المهارة في رمي الطعم بحيث يصل إلى أبعد نقطة ممكنة من البحر· فسحة للتأمل وتعتبر هواية الصيد فسحة للتأمل والخلود إلى النفس، فضلاً عن متعتها، إذ يتعلق بها صاحبها مع مرور الوقت لدرجة الإدمان، حتى أنه لا يستطيع أن يهجرها أبدا· إلى ذلك فإن للصيد ميزة أخرى يذكرها بعض الهواة القدامى، وهي الاستكشاف، إذ يقضي هواة الصيد وقتاً طويلاً في البحث عن أماكن غنية بالأسماك على الشواطئ المختلفة· ويميل هواة الصيد إلى التعارف وإنشاء علاقات ودّية مع بعضهم البعض بالفطرة، حيث يفتح باب الحديث بين شركاء الهواية تدريجياً بالحديث عن الهواية عموما، وعن طرق الصيد وأنواع السنارات والأطعمة، وكذلك بالتعرف إلى أنواع الأسماك التي توجد في كل منطقة· ومن أشهر الأسماك التي تصطاد في شواطئ الإمارات الهامور والطرّاد والشعري، والتي تختلف أسماؤها من منطقة إلى أخرى· ومع مرور الوقت يخوض الهواة مع بعضهم البعض في نقاشات حول الجديد في عالم الصيد والتقنيات والأدوات الجديدة المستخدمة في سياق المهمة الصعبة· يقول سيف الدين سليم، أحد هواة الصيد الشباب: كنت أراقب الصيادين على الشواطئ وهم يصطادون الأسماك، إنها هواية ممتعة وتتحدى البحر· أحببت تعلم الصيد فذهبت إلى أقرب محل واشتريت العدة كاملة، لكنني اكتشفت أن الهواية صعبة، وكثيرا ما كنت أقضي ساعات أمام البحر دون أن أحظى بسمكة واحدة، ثم أصبحت أراقب الصيادين من حولي وأسألهم عن طرق الصيد فتعلمت منهم ونشأت بيني وبين البعض صداقة تعمقت مع الوقت' · وللصيد أوقاته ومواسمه، كما يقول عدنان منصور، ويفضل في أوقات الصيف إذ تكون الأسماك بالقرب من الشواطئ، في حين أنها تبتعد عنه في فصل الشتاء لتستقر في قعر البحر بحثاً عن الدفء· أما أدوات الصيد فتتوافر في أسواق الدولة على حد سواء، وتنتشر في أبوظبي ولاسيما في منطقة النادي السياحي مجموعة محال تختص ببيع أدوات ومستلزمات الصيد، بدءا من السنارة ، وخيوط النايلون، والأطعمة، والرصاص، واللاقط وغيرها من الأدوات، المصنعة محلياً أو المستوردة بمختلف الأسعار، وتبدأ الأسعار، كما يشير أحد العاملين في هذا المجال، من 50 إلى 500 درهم أو يزيد بحسب النوعية· وتختلف سنارات الصيد من حيث الأحجام والأنواع، حيث يستخدم المبتدئون في الهواية عادة الأحجام الصغيرة التي لا يتجاوز طولها المترين، فيما يستخدم المحترفون سنارات طويلة الحجم متينة مصنوعة من الخشب وذلك كي تستطيع حمل الأسماك كبيرة الحجم