استضاف نادي تراث الإمارات أمس الأول على خشبة مسرح أبوظبي في كاسر الأمواج بأبوظبي عرضاً لمسرحية “السلوقي” لفرقة مسرح الفجيرة القومي إخراج حسن رجب وإعداد إسماعيل عبدالله عن رواية “قلب كلب” للكاتب الروسي ميخائيل بوليغاكوف، وحضر العرض شخصيات اجتماعية ومسؤولون في النادي وفنانون وصحفيون وجمهور محب للمسرح. وشارك في أداء الشخصيات هدى محمد الخطيب وأمل محمد غلوم وجمعة علي وعبدالله مسعود وحميد فارس وحسن علي البلوشي وفيصل علي، وإبراهيم سالم وعدد من الفنانين. قدم حسن رجب في هذه المسرحية رؤية خلاقة عالجت مضموناً فلسفياً معقداً من خلال شخصية “النوخذة” وهو عمران الذي يعثر على كلب سلوقي يكاد يموت في ليلة باردة، حيث يقدم له الطعام والدواء، ليكون حارساً له كي يحميه من أعدائه الكثيرين. ويتحول الكلب إلى إنسان بعد أن يعطي دواء سحرياً والذي يجعله ذا قوة خارقة فيحاول الانتقام ممن أساءوا له في حياته “الكلبية” السابقة حينها تتولد في النص ثنائية الإنسان/ الكلب والذي يبدأ في الانتقام من سكان الحي وبهذا يتمرد على سيده عمران، ويبدأ في التجاوزات حتى على سيده مما يدفعه كل هذا إلى طلب الزواج من عفراء ابنة عمران الذي يعطيه دواء جديداً يحوله إلى كلب من جديد. يقدم النص ثنائية أخرى وهي الوفاء/ الغدر، فإذا ما صدقنا بمقولة الكلب الوفي فإن تحوله من جنسه الكلبي إلى الإنساني يصبح غادراً وكأنه يأخذ من الإنسان غدره المرتبط بالوعي. حاول حسن رجب أن يلعب على جسد الممثل وعلى الموروث الشعبي، وأن يؤصل المكان القرية، وهذا يتعارض إلى حد بعيد مع ما يستخدم من أكسير يعطي للكلب فيحوله إلى إنسان وأكسير آخر يعطى للإنسان الكلب فيحوله إلى كلب حيث أن المرموز “القرية” وفق ديكور النص لا يتواءم مع فعل النص الحكائي العلمي. قدم رجب إخراجاً مبهراً تقنياً بلا تقنية معقدة، كان بسيطاً لم يتلاعب بسينوغرافيا المسرح بشكل فاضح، بل ظلت العفوية جزءاً من أدوات النص لكن ما يكسب النص قوته هو في طبيعة الصراع الفلسفي من جهة والتمثل العلمي من جهة أخرى. عزف وموسيقى احتفالية تتعارض تماماً مع درامية المسرحية واستخدام الشعرية والسرد الحكائي من قبل جميع الشخوص كفواصل للأحداث كان بارعاً، إذ ابتدأ النص بالظلام وتقطع هذا الظلام لأكثر من عشر مرات واختتم به ليقدم لنا فصلاً واحداً طويلاً يحتوي على أجزاء حكائية هي نسيج النص. كانت الإضاءة دقيقة واستخدامها يدخل في صلب الحكاية أما الفرجة فقد تحققت بارتباطها الشعبي والموروثي بالاعتماد على الجوقة بمفهومها الأرسطي، حيث تروي الأشعار وتقال الحكمة وتبث الأمثال وتصاحبها الأغنيات الشعبية والضرب على الطبول. استغل المؤلف والمخرج فكرة تشابه السيد والكلب مقابل مفهوم العبودية والسيادة، حيث يتمثل الفكر الترميزي للقضية برمتها ضمن قصة خيالية اعتمدت التحول المرمز بالاعتماد على الحكاية نفسها وليس الديكور أو الملابس أو السينوغرافيا عامة.