علماء النفس يَفضُّون الاشتباك بين المجتمع و «فرسان الإرادة»
الحلقة الثالثة
المعاقون ماذا يريدون؟
هل أنت معاق؟
ممكن
لا تسأل كيف لأنك تعلم في قرارة نفسك أن ذلك ممكن.
تعلم أنه ليس شرطاً أن يكون المرء مقعداً حتى يصبح معاقاً، وأننا لسنا بما نملك من حواس ولكن بما نستثمر منها.
إذن كيف تكون الصورة حين تضع نفسك مع «المعاقين» في ذات الدائرة..هل حصلوا على ما نحصل عليه.. أترانا أنصفناهم، وفي الرياضة تحديداً هل تراهم كأولئك الذين نقيم لهم التماثيل، ونلهث خلفهم حتى ونحن جلوس في بيوتنا أمام شاشات التلفزيون.. هل نعطيهم ما يستحقون أم ننثر بعض الفتات وكأننا نتصدق عليهم.. وهل ترى إنجازاتهم كما يرونها هم.. عنواناً للتحدي؟.
هل أنصفهم الإعلام والمسؤولون والمجتمع أم أننا بحاجة إلى نظرة من جديد، بعين لا تكتفي بمشاهدة «إطار الصورة» وإنما بالغوص في التفاصيل؟.
أما من الذي أسأل، فهو المسؤول والمشجع والقائم على الهيئة.. هو أنا وأنت، وكل السائرين في ركب الصمت والعجز والكسل.. كل من يرى لكنه لا يبصر ويمشي، لكنه لا يسير ويحرك يده غير أنه لا يمسك.
أما لأجل من؟ .. ففي حب فرسان الإرادة .. مَن قهروا اليأس فأشرقت في صدورهم «ألف شمس».
أبوظبي (الاتحاد)- ليس البطل المعاق هو من يحتاج إلى تفسير نفسي لتعاطيه مع المجتمع، وإنما نحن من نحتاج.. كانت تلك هي المحصلة التي ترسخت لدينا بعد جولة بين عدد من المتخصصين في الطب النفسي وعلم الاجتماع، فالرياضي المعاق، حسب تأكيدهم، نجح فيما فشل فيه كثيرون منا، بعد أن تحدى إعاقته، وسخر إرادته إلى طاقة وضعته على منصات التتويج.
وتؤكد الدراسات النفسية أن الشخص المعاق سواء كان بطلاً رياضياً أم لم يكن، هو إنسان متكامل عاطفياً ووجدانياً حاله حالنا جميعاً، ما لم تكن إعاقته شديدة جداً، فعندها قد يحتاج فقط اعترافاً ورعاية معقولة من ذويه ومجتمعه والى إتاحة فرصة بسيطة لإثبات وجوده، كما أكدت أنه من أفضل الفرص التي تتاح للمعاق وإضافة إلى العناية المعقولة، إتاحة الفرصة للتعليم، حتى يستطيع المعاق إثبات قدراته وقابليته العقلية والإدراكية الكاملة التي يمتلكها والتي يمكن أن يتفوق فيها في كثير من الأحيان على أقرانه من غير المعاقين.
وركزت الدراسات فوائد التعليم باعتباره أحد مراحل تأهيل وإعادة تأهيل المعاقين في عدة نقاط، منها زيادة مدارك المعاق العقلية وتفتح ذهنه إلى الكثير من أمور الحياة عامة والعلم خاصة، وإتاحة الفرصة لإثبات قابليته العقلية وإثبات وجوده، ومساعدته على التكيف والاندماج مع الآخرين من خلال تكوين علاقات صداقة وتعارف، وتغير الجو الاجتماعي والنفسي عليه نتيجة لتغير روتين حياته، وإتاحة الفرصة المستقبلية أمامه للاعتماد على نفسه اقتصادياً من خلال إيجاد وظيفة في المستقبل نتيجة لتحصيله العلمي، وتعميق فهم المعاق لنفسه وطبيعة إعاقته والتكيف معها، إضافة إلى فائدة عامة تتعلق بتغير وجهة نظر المجتمع تجاه المعاق على أنه إنسان عاجز من جهة وكذلك تقليل فرص الانحراف لدى المعاقين نتيجة لما يعانوه من أزمات نفسية وعزلة اجتماعية في كثير من الأحيان، نتيجة لسوء تقدير معظم قطاعات المجتمع.
كما حددت الدراسات في مجال التأهيل المهني، عملية إجرائية تكاملية من سلسلة حلقات تستهدف تهيئة المعاق عقلياً وصحياً ونفسياً، تتشكل حسب الترتيب، من الفحص الطبي والمعاينة الصحية، والتأهيل البدني للمعاق والذي يستهدف تنمية وتنشيط المعاق بدنياً تحت إشراف أخصائي تدريب بدني، والتأهيل الاجتماعي عن طريق تشخيص حالة المعاق تشخيصاً تاماً ومعرفة ظروفه الاجتماعية، وظروف إعاقته، ومرجعيته الأسرية ومؤهلاته العلمية، وغيرها، وينجز هذه المهمة الأخصائي الاجتماعي عادة، والتأهيل النفسي بعد دراسة قابلية المعاق العقلية والاستعدادات النفسية، ومدى اندماجه وتكيفه في المجتمع، والتأهيل التعليمي الذي يتضمن تهيئة فرص، ويؤدي هذه المهمة متخصصون بالتربية والتعليم وتربية الخاصة، والتأهيل المهني، وهذه العملية من الممكن اعتبارها الهدف والغاية التي نسعى إليها طبقا إلى ما تعطيه من نتيجة فاعلة ومباشرة.
ويجب ألا يفرض أي نوع من التخصص أو العمل الذي لا يرغبه المعاق أو لا يلائمه، ويعاون على إنجاز هذه المهمة ما يسمى بالأخصائي المهني والذي يكون ولا شك خبيراً بحرفة أو مهنة معينة، إضافة إلى خبرته واطلاعه على كيفية تعامله مع المعاقين.
كما تتضمن تلك السلسلة، عملية التتبع، وتمثل الحلقة الأخيرة في هذه السلسلة، حيث بمقتضاها يتم متابعة المعاق في الدائرة أو المؤسسة التي سوف ينسب للعمل بها بعد تأهيله، وتستهدف هذه المتابعة الاطلاع على حال المعاق وظروف عمله في المكان الجديد الذي وضع فيه، ومدى توافقه وتكيفه واندماجه مع محيط عمله، ودرجة استفادته من عمليات التأهيل، وتلافي السلبيات وترسيخ وتطوير الإيجابيات في المستقبل.
تتفق الخبيرة الاجتماعية مريم الفزاري مع مفهوم تأهيل المعاقين بمعناه الشمولي الذي تعارف عليه الكثير من علماء النفس، بأنه يعني تطوير وتنمية قدرات الشخص المصاب لكي يكون مستقلاً ومنتجاً ومتكيفاً، ومساعدة الشخص على تخطي الآثار السلبية التي تخلفها الإعاقة والعجز من آثار نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية.
كما تلفت إلى ما سبق أن توصل إليه العالم النفسي هاميلتون (1950) من أن التأهيل عملية تهدف إلى تقدير القدرات النافعة لدى الفرد المعوق وتنميتها وتوظيفها أو الاستفادة منها.
وتتفق كذلك مع الكثير من الدراسات التي أشارت إلى أن التأهيل هو عبارة عن مجموعة جهود تبذل خلال مدة محدودة نحو هدف محدد لتمكين الشخص وعائلته من التغلب على الآثار الناجمة عن العجز واكتساب أو استعادة دوره في الحياة معتمداً على نفسه والوصول به إلى أفضل مستوى وظيفي عقلي أو جسماني أو اجتماعي، كما يمثل مجموعة من الجهود، والأنشطة، والبرامج المنسقة، والمنظمة والمتصلة، التي تقدم للأفراد، بقصد تدريبهم أو إعادة تدريبهم لمساعدتهم على مواجهة مشكلاتهم الجسمية، أو العقلية، أو النفسية، أو التعليمية.
وترى الفزاري أنه لا يمكن تأهيل المعاق، حتى على الصعيد الرياضي بمعزل عن هذه الدراسات والأفكار، مشيرة إلى أن الأمر يبدو شديد التشابك بالنسبة للمعاق بالذات، فلا يمكن أن تختص فقط بتدريبه بمعزل عن بقية شؤون حياته، مؤكدة أن المعاق بالذات يحتاج إلى برامج متكاملة، ما بين البيت والمدرسة والاتحاد الرياضي والمدرب، من أجل الوصول به إلى الطموحات، وهو ما يؤكد أن التأهيل عملية منظمة مستمرة تهدف إلى إيصال الفرد المعوق إلى أعلى درجة ممكنة من النواحي الطبية والاجتماعية، من خلال جهود فريق من المختصين في مجالات مختلفة لمساعدة الشخص المعاق على تحقيق أقصى ما يمكن من التوافق في الحياة.
ونوهت مريم الفزاري إلى تعريف منظمة الصحة العالمية للتأهيل باعتباره الإفادة من الخدمات الطبية والنفسية والاجتماعية والتربوية والمهنية من أجل تدريب وإعادة ترتيب الأفراد لتحسين مستوياتهم.
وترى أن النظرة هذه الأيام قد تغيرت كثيراً بالنسبة للمعاق، عما كانت عليه في السابق، وأن الوعي قد تنامى بدورهم، وبما يمكنهم أن يقدموا في الحياة، مثمنة الدور الكبير الذي يقوم به أصحاب السمو الشيوخ في دعم المعاقين ومساندتهم، مشيرة إلى الكثير من المواقف الإنسانية التي لا زالت عالقة بذاكرتها وتمثل اختزالاً لهذا الدعم، معتبرة تلك المواقف من قادة المسيرة، بمثابة دروس لأبناء هذا المجتمع ومن يعيشون على أرضه من مواطنين ووافدين، بأن هؤلاء المبدعين سواء كانوا أبطالاً رياضيين أو متفوقين في أي مجال آخر يستحقون كل التقدير من المجتمع.
وأكدت الفزاري أنها وبحكم معايشتها لكثير من المعاقين تراهم ملتزمين في العمل أكثر من غيرهم لأنهم يريدون أن يثبتوا لأنفسهم أولاً ولغيرهم أنهم قادرون على تقديم الكثير للوطن، حالهم حال غيرهم وأكثر، وقالت إن نظرة المجتمع المتراحم الذي نعيش فيه، لم تعد عطفاً وإنما هي نظرة احترام وتقدير لإمكانيات هذه الفئة من فرسان الإرادة.
أضافت: كل واحد فينا هو من ذوي الاحتياجات الخاصة، طالما أن لكل منا احتياجا خاصا ليس لديه، فلا يوجد إنسان كامل، فهناك من تنقصه ملكة ما، وهناك من يحتاج إلى الحب أو الاحترام، وكل من يتمنى ميزة هي لدى غيره وليست لديه، هو ذو احتياج خاص، ولو تعاملنا مع المعاق بهذه النظرة، سندرك أننا متساوون في كل شيء.
ودافعت الفزاري عن الإعلام، مؤكدة أنه يقوم بدور مقدر في دعم المعاقين ومساندتهم، وضربت نموذجاً بقناة الشارقة التي كان لها برنامج استمر لفترة طويلة، وتقوم بتغطية كافة أنشطة المعاقين، وكذلك قناة الظفرة، التي يقدم فيها أحد المعاقين برنامجاً جميلاً ويحظى بمشاهدة مميزة، وقناة الإمارات وسما دبي، وإذاعة القرآن الكريم، وقالت: في حالة إذا ما وُجد تقصير من جهة ما، فعلى مسؤولي اتحاد المعاقين وبما لهم من حيثية وحضور في المجتمع أن يضغطوا على هذه الجهات لتقوم بدورها تجاههم.
ولفتت إلى تجربة اطلعت عليها خلال مشاركتها بأحد المؤتمرات في مصر، حيث طرح بعض المشاركين أفكارا بإنشاء قنوات خاصة للمعاقين، يتولون هم إعداد برامجها وتقديمها وتكون نافذتهم التي يطرحون من خلالها وجهات نظرهم المختلفة، وقالت: من الممكن مثلما نجد أبطالاً في لعبات معينة أن نجد مبدعين أيضاً في الإعداد والتقديم التلفزيوني.
وفي ختام تحليلها الاجتماعي لدور المجتمع تجاه العاقين، أكدت الخبيرة الاجتماعية مريم الفزاري أن وجود نظام واضح ومتكامل، هو الذي يغنينا عن الحديث في كل الأمور ولا يفتح الباب كل وقت أمام الاجتهادات، وطالبت المجتمع ورجال الأعمال والمؤسسات بدعم المعاقين ومساندتهم، وطالبت بتشكيل لجنة أهلية تضم شخصيات عامة وأصحاب قرار وتكون تحت مظلة رسمية، تعنى بهذا الأمر وتدعم المعاقين بكل الطرق المتاحة، وتحاسب على تقصيرها.
فريق واحد لتأهيل الأبطال
أبوظبي (الاتحاد)- عملية التأهيل للبطل المعاق منذ الصغر، يجب أن تكون من خلال فريق متعدد التخصصات، يعملون لهدف واحد، أما الإجراءات التأهيلية التي تستهدف تحسين فعالية الفرد الوظيفية ونوعية حياته المعيشية، فهي كما أوردها يوسف الزعمط في كتابه، التأهيل المهني للمعوقين عام 2000، تتمثل في:
- الرعاية الطبية والعلاج الطبي.
- الإجراءات العلاجية كالتي يقدمها أخصائيو العلاج الطبيعي وعيوب النطق والكلام، وأخصائيو علم النفس والعلاج المهني.
- التدريب على النشاطات المتعلقة بالعناية بالذات ومهارات المعيشة اليومية.
- تقديم الأحهزة الفنية والتقويمية المساعدة والأطراف الصناعية وهو ما يسمى بالتأهيل الجسماني.
- التقييم والتدريب والتشغيل المهني.
التأهيل النفسي
أبوظبي (الاتحاد)- يهدف التأهيل النفسي للمعاقين، إلى مساعدة الشخص المعاق على فهم وتقدير خصائصه النفسية ومعرفة إمكاناته الجسمية والعقلية والوصول إلى أقصى درجة من التوافق الشخصي، وتطوير اتجاهات إيجابية سليمة، نحو الذات ومساعدته على التوافق الاجتماعي والمهني، وذلك من خلال مساعدته في تكوين علاقات اجتماعية ناجحة مع الآخرين، والخروج من العزلة الاجتماعية والاندماج في الحياة العامة، ومساعدته على الاختيار المهني السليم، كما يعمل على تعديل بعض العادات السلوكية الخاطئة، التي تخلفها الإعاقة، وتخفيض التوتر والكبت والقلق التي يعاني منها المعاق وضبط عواطفه وانفعالاته، وتدريب المعاق على تصريف أموره وغرس ثقته بنفسه وإدراكه لإمكاناته وكيفية استغلالها، ومساعدة الأسرة على فهم وتقبل حالة الإعاقة.
أهداف وأولويات
أبوظبي (الاتحاد)- تهدف عملية تأهيل المعاق إلى تحقيق عدد من الأولويات، تتمثل في:
? توفير فرص العمل والتشغيل من خلال التدريب.
? دمج المعاقين في المجتمع وإكسابهم الثقة.
? وضع القوانين التي تكفل للمعاقين حق المساواة مع غيرهم من أقرانهم.
? تهيئة كافة الوسائل والأنشطة الرياضية والثقافية والترويحية.
? إتاحة فرص التعليم ومحو الأمية.
? العمل على تحسين القدرات الجسمية والوظيفية في الفرد المعاق والوصول به إلى أقصى مستوى من الأداء.
? العمل على تعديل بعض العادات السلوكية الخاطئة التي قد تنشأ عن الإعاقة.
? العمل على توفير الظروف البيئية المناسبة، لدمج المعوق في المجتمع المحلي، وذلك من خلال العمل على تعديل اتجاهات الأفراد وردود أفعالهم تجاه الإعاقة، ومساعدة الأسرة على فهم وتقدير وتقبل حالة الإعاقة ومساعدة الأسرة على مواجهة الضغوط النفسية والاجتماعية والوصول إلى قرار سليم واختيار مجال التأهيل المناسب والرياضة المناسبة لطفلهم المعاق والتعرف على أساليب رعاية وتدريب الطفل المعاق.
غياب الأخصائي النفسي عن الأجهزة التدريبية خطأ فادح
أبوظبي (الاتحاد)- تشير القراءة المتأنية للكثير من الدراسات النفسية والاجتماعية الخاصة بالمعاقين، إلى وجود خلل كبير في إعداد الرياضيين منهم، لعدم وجود الكادر الكافي والمناسب، والذي يضم كافة الاختصاصات المنوط بها مهمة مساعدة المعاق على الاضطلاع بدوره وتحقيق الطموحات.
وعلى سبيل المثال، وإذا كان الأخصائي النفسي قد بات ضرورة في الأجهزة المعاونة للرياضيين الأصحاء بدنياً، فإن غيابه عن الكادرين الفني والإداري للرياضي المعاق يعد خطأ فادحاً، تكون له انعكاساتها السلبية على خط سير الأداء.
ويمثل فريق التأهيل الذي يعمل مع المعاق الشريان الأساسي بالنسبة لأي برنامج يصمم ويقدم له، فالجميع يعمل لخدمته، كل وفق تخصصه وطبيعة عمله، ويتكون فريق التأهيل من مجموعة من الأفراد الذين يمثلون مجموعة الاختصاصات التي تحتاجها الحاجة.
ويشير كتاب«تأهيل المعوقين وإرشادهم» إلى أن هناك أعضاء أساسيين في فريق التأهيل وأن هناك أعضاء مؤقتين حسب الحاجة.
أما الأعضاء الأساسيون للفريق فيتكونون من: الطبيب، وهو المسؤول عن تحديد الوضع الصحي والمرضي للمعاق وتقديم الإرشادات الصحية واقتراح الحلول العلاجية، والأخصائي الاجتماعي وهو شخص مؤهل في الخدمة الاجتماعية مسؤوليته إجراء الدراسة التقويمية الاجتماعية للفرد المعاق وأسرته كما يقوم بتقديم النصح والإرشاد للمعاق وأسرته، للتغلب على الصعوبات التي تواجههم من حدة الضغوط وغيرها.
ويقوم الأخصائي النفسي، بإجراء الدراسات التقييمية النفسية وتطبيق الاختبارات المناسبة على الفرد المعاق كما يعمل الأخصائي النفسي على إعداد الشخص المعاق، وأسرته للمشاركة الفعلية في عملية التأهيل ومواجهة الضغوط النفسية الناتجة عن الإعاقة.
ويكون مرشد التأهيل مسؤولاً عن إجراء الدراسة التقييمية المهنية ومساعدة الفرد المعاق على الاختيار المهني ومساعدته على اكتشاف ميوله واستعداداته، كما أنه مسؤول عن متابعة تنفيذ خطة التأهيل وتقييمها، كما يقوم أيضاً بدراسة الحاجات المتوافرة في المجتمع المحلي وإرشاد المعاق إلى ما يناسبه، أما أخصائي التربية الخاصة فهو المسؤول عن إجراء الدراسة التقييمية والتعليمية وتحديد الاحتياجات التربوية الخاصة، ووضع الخطة التربوية المناسبة وتحديد البرنامج التربوي المناسب، ومتابعة المعاق خلال تطبيق البرنامج التربوي.
ومن بين الأعضاء المؤقتين لفريق التأهيل، أخصائي العلاج الطبيعي وهو المسؤول عن العمل على تحسين وظائف العظام والعضلات وتحسين حركة المفاصل والتآزر الحركي والعمل على تدريب المعاق على استخدام الأجهزة التعويضية، والأطراف الصناعية، وأخصائي العلاج الوظيفي، ويعمل على تدريب الفرد المعاق على الاستفادة والاستغلال الأمثل لقدراته، وأنشطة الحركات الكبيرة والتآزر الحركي البصري، وأخصائي الأجهزة التعويضية والأطراف الصناعية وتنحصر مهمته في تقييم وتحديد الأجهزة التعويضية أو الأطراف الصناعية للفرد المصاب، وأطباء واستشاريون في طب الأعصاب والعظام، وغيرهما من التخصصات، وممرض التأهيل.
الموهبة لا تفرّق والإبداع لا يُكبّل
بو هناد: الدمج في الألعاب أفضل
أبوظبي (الاتحاد)- أكدت الدكتورة ناديا بو هناد أستاذ علم النفس التربوي وتربية الموهوبين وتأهيلهم، أن الموهبة لا تفرق بين معاق وغير معاق، وأنها في مجال عملها التقت الكثير من المعاقين الموهوبين الذين يمثلون نماذج مبهرة ومشرفة، ويتفوقون مع غيرهم في الكثير من السمات والصفات. وأضافت أن مشكلة المعاق جسدياً، سواء كانت خفيفة أو متوسطة، لو تعاملنا معها باعتبارها إعاقة، قد نتسبب لصاحبها في إعاقة أخرى نفسية، ومن هنا علينا أن ندرك جيداً حدود علاقتنا معاً حتى لا نقع في أخطاء تكون لها آثارها السلبية، وأن نتعامل مع المعاقين مثلما نتعامل مع غيرهم، ولكن في الوقت نفسه، علينا أن نوفر لهم كل ما يحتاجون إليه لتسهيل حركتهم أو مهامهم الرياضية، طالما أننا بصدد الحديث عن الرياضيين المعاقين.
وأشارت بو هناد إلى دور الثقافة في تحديد مرجعية المجتمع، وقدر وعيه بالطريقة المثلى للتعامل مع المعاق، ودللت بواقعة مرت بها في أميركا، حين كانت تعبر إحدى الإشارات بالشارع، وانتبهت خلفها إلى كفيف يهم بعبور الشارع هو الآخر، مستعيناً بعصاه، فذهبت مسرعة إليه، وأمسكت بيديه لتساعده، غير أنه انتهرها وبعصبية، وعندما عرف أنها غريبة عن البلاد، شرح لها طبيعة ما أزعجه، وأن العصا التي يستخدمها، تتركز مهمتها في سماع ذبذبات السيارات بالشارع، وتضيف: لن أنسى عبارته التي قالها لي: “أنا لا أرى لكنني لست معاقاً”، مؤكدة أن هذه هي الزاوية التي يجب أن ننظر منها جميعاً للأمر، سواء المجتمع أو المعاق نفسه.
وتخلص الدكتورة ناديا بو هناد من هذه الواقعة، إلى حقيقة أننا قد نضر بأنفسنا وغيرنا ونحن نظن أننا نفعل الصواب، مشيرة إلى أن هذا الصواب لا يجب أن يحكمه الهوى أو المزاج، وإنما الدراسات والحقائق والفهم الدقيق لطبيعة كل فئة وما تحتاج إليه بالضبط، وأن نحترم أي أحد ولا ننظر لأحد باعتباره أقل منا، فأحياناً ما يكون المعاق الموهوب أفضل كثيراً من غيره من غير المعاقين، وأكثر فائدة للمجتمع منه. وترى ناديا بو هناد أن على القائمين على الرياضة النظر بعين الاعتبار لفكرة دمج المعاقين مع غيرهم في الاتحادات ذاتها، على أن يتولى اتحادهم إدارة شؤونهم من خلال لجان خاصة في تلك الاتحادات، بمعنى أن تكون التدريبات مشتركة بين المعاقين وغيرهم دون الفصل بين أولئك وهؤلاء، مؤكدة أن هذا الدمج قد تكون له آثاره الصحية على الطرفين، فالمعاق لن يشعر بالتفرقة، وغيره لن يشعر بالفروق، ووجود الاثنين معاً سيشجع على الإبداع، بينما الفصل بينهم محبط.
أكد أن الأبطال ليست لديهم مشاكل
المطوع: لا تحكموا على إنجازهم بقدراتنا
أبوظبي (الاتحاد)- يرى الدكتور أحمد المطوع أستاذ علم الاجتماع أن المعاق الذي شارك في نشاط ما وتمكن من تحقيق بطولة أو إنجاز، هو شخص لم تعد لديه مشكلة أو عقدة في الأساس، فقد تمكن من التعايش، وبلغ حداً ربما لم يبلغه غير المعاق، حين قرر الانخراط في نشاط رياضي ومزاولة لعبة، حقق فيها بطولة، وهو ما يعجز عنه غيره.
أضاف أن هذه الفئة من الأبطال تبعث برسالة للمجتمع عليه أن يعيها، وهو أن لهم دوراً كالآخرين، وربما أكثر منهم، ولذا فمن الواجب تشجيعهم، وإقامة نشاط خاص بهم، ودعمهم بكل الوسائل والسبل المتاحة، مؤكداً أن هذه الفئة غير مهمشة أو مهملة فهم جزء أساسي بالمجتمع ولهم دورهم الكبير والفاعل بغض النظر عن وضعهم الصحي، مثمناً دور القيادة التي أولتهم اهتماماً كبيراً يؤكد حقيقة أنهم جزء هام وبناء في المجتمع.
إنجاز للوطن
وعن كيفية تعاطي المجتمع مع المعاق، وبالذات الرياضيين منهم، لتعزيز توجههم نحو إضافة إنجاز لوطنهم، قال الدكتور أحمد المطوع: لابد وأن يكون التعامل معهم باعتبارهم طبيعيين وغير معاقين، فلا مكان لنظرة الحنان أو العطف أو الشفقة لأن مثل هذه النظرة ستكون لها سلبياتها، ولذا على كل أفراد المجتمع مراعاة هذا الجانب جيداً، وأن ندرك جميعاً أن هؤلاء المعاقين حتى لو لم يكونوا قد ابتلوا بما أصابهم لحققوا إبداعات تواكب ما يحققونه الآن، فالموهبة متأصلة فيهم، وعلينا أن ننظر لكل أفراد المجتمع نظرة واحدة، فلكل دوره الذي يقوم به في منظومتنا الاجتماعية.
أضاف: من الخطأ أيضاً أن ننظر إلى إنجاز البطل المعاق، من واقع أننا من يلعب هذه اللعبة أو يجري هذه المسافة أو يرفع هذا الثقل، فالأمر مختلف، وقد يبلغ الجهد الذي يبذله البطل المعاق في لعبة ما أكثر مما يبذله قرينه غير المعاق في ذات اللعبة، فهناك فارق بين من يمشي على قدمين أو من يمشي على كرسي متحرك، ومن غير المقبول أن أشاهد بطلاً مثلاً يفوز بسباق للكراسي المتحركة، ثم أقول: وماذا في ذلك، مؤكدا أن غير المعاق لو جلس على كرسي، لما استطاع وهو الصحيح بدناً أن يحقق ما يحققه المعاق، مطالباً بتعديل النظرة تجاه المعاقين وتشجيعهم والاستفادة منهم كأفراد مبدعين ولديهم القدرة على إضافة الكثير وعليهم دور مناط بهم حتى لا تكون هناك إعاقة نفسية تصيب واحداً من هؤلاء بسبب نظرة المجتمع إليه.
واقترح تنظيم دورات مبسطة لأفراد المجتمع تقوم بها الجمعيات والمنظمات الإنسانية، لتعريف المجتمع بما له وما عليه تجاه أبنائنا وإخواننا المعاقين، رافضاً المقولة الشائعة: «كل ذي إعاقة جبار»، ومؤكداً أن حقيقتها «كل ذي إعاقة عظيم».
كما اتفق الدكتور المطوع مع مطالبة المعاقين بعدم استخدام لفظ «الأسوياء» عند المقارنة بين المعاق وغير المعاق، مؤكداً أن البعض قد يتعامل مع اللفظة بمفهوم أخلاقي، وأن تحسس المعاقين من هذه اللفظة له ما يبرره، ومن حقهم رفضها، وذهب إلى أبعد من ذلك، مطالباً بعدم استخدام أي مصطلحات تفرق بين المعاق وغيره.
واختتم الدكتور محمد المطوع قائلاً: الإعاقة لا تعني أنني أعاني عارضاً صحياً، فقد أكون غير معاق، لكنني في الحقيقة خلاف ذلك، والعبرة بمن ينتج ويعطي، وقد أكون محسوباً على المجتمع كشخص غير معاق، ولكنني في الحقيقة معيق لغيري، ومن هنا فأنا أكثر من معاق.. أنا مجموعة معاقين.
أكدت أن هناك مواهب كثيرة تبحث عمن يكتشفها
الحوسني: لا بد من تشكيل لجنة مشتركة من «التعليم والمعاقين»
أبوظبي (الاتحاد)- طالبت الأخصائية النفسانية هاجر الحوسني، بضرورة تشكيل لجنة مشتركة، تضم أعضاء من وزارة التربية والتعليم واتحاد المعاقين، للاهتمام بشؤون الموهوبين الرياضيين من المعاقين على وجه الخصوص، والكشف عنهم، وتبنيهم وتوجيههم الوجهة السليمة التي تمكنهم من تحقيق تطلعاتهم، والارتقاء بقدراتهم، وعدم إهدارها في حال لو تأخر الكشف عن هؤلاء الموهوبين، وبالتالي لم يتم توجيههم وتبنيهم والاستفادة من قدراتهم.
وأكدت الحوسني أن هناك بوزارة التربية والتعليم قسماً لذوي الاحتياجات الخاصة، غير أن ما تعنيه هو الرياضيون منهم، لافتة إلى وجود مبادرات خاصة، وفهم من القائمين على العملية التعليمية، وقد يهتم بعض مديري المدارس بظهور موهبة ما، ولكن في كثير من الأحيان فإنهم لا يعرفون الطريقة المثلى للتعامل معها، وتوجيهها إلى طريق البطولة.
وأشارت إلى أن هناك حلقة مفقودة في تبني المواهب الرياضية من المعاقين ودعمها، وأن اللجنة التي تعنيها ستسد هذه الحلقة، وستتيح الفرصة أمام التعامل المثالي مع تلك المواهب، طالما أنه صارت هناك مرجعية، تضم أعضاء من الجانبين، كل هدفه الاستفادة من المواهب التي تحفل بها أرض الإمارات، وأنه بالإمكان بعد اكتشاف الموهبة أن يتبناها الاتحاد، ويوجه من خلال اللجنة بأفضل طريقة يمكن من خلالها تنمية تلك الموهبة واستثمارها.
وضربت هاجر الحوسني نموذجاً بأحد التلاميذ المعاقين الموهوبين، وهو بمدرسة ابن سينا ويعد من السباحين المميزين جداً، كما أنه من المميزين في أشياء كثيرة، وقد يتفوق على الكثير من غير المعاقين، والذين لا يتمتعون بمواهبه.
وطالبت المجتمع بنسيان مسألة الإعاقة، وعدم الالتفات إليها عند تقييم هذا الشخص أو ذاك، وقالت: من خلال تعاملي في الكثير من مدارس الدولة، فإن هناك معاقين لديهم مواهب يجدون من يكتشفها ويدعمها، وهناك فئة أخرى من المعاقين الموهوبين رياضياً الذين لم يلتفت إليهم أحد بعد، وهي فئة «مركونة على الرف»، وتمثل مناجم للإنجازات، لو أننا تحركنا واكتشفناهم وساندناهم. وأكدت الحوسني أن المجتمع الإماراتي يفخر بالدعم الذي يلاقيه المعاقون على مختلف الصعد، كما يفخر بوجود نماذج شديدة التميز من المعاقين، يمثلون عناوين للنجاح سواء في الدراسة أو في ميدان العمل، مؤكدة أنها تعرفت إلى مواهب حققت ما لم يحققه غير المعاقين، من بينها فتاتان شقيقتان كفيفتان، من الأوائل دائماً دراسياً.
واختتمت بأن الإعاقة لم تكن يوماً مشكلة تكبل صاحبها عن التعاطي مع الحياة، وأن الإعاقة النفسية هي الأقسى، وهذا اللون من الإعاقة بالذات يعد مسؤولية المجتمع، فكلما كان المجتمع صحياً، كلما ابتعدنا عن هذا النوع.