فتحية البلوشي:
عالم غامض، محفوف بالإبداع ومليء بالتشويق، كل شيء فيه يجذبك منذ النظرة الأولى، يبهرك··· ليذهب بك بعيدا في الخيال، وتصل إلى آخر حدود المتعة·
الذهب، هذا الذي تحتفي به أبوظبي في معرض المجوهرات والساعات، يقدم أروع لمسات الأنوثة وآخر حدود الإثارة في ثنايا خيوط براقة مصاغة تزين نحور الجميلات·
للذهب حكاية طويلة لا يختصرها زمن ولا مدى؛ فهذا المعدن البراق له قصة مع الإنسان بعيدة في مدى التاريخ، منذ البدايات الأولى التي تحركت فيها فطرة حب التزين لدى الإنسان، عمدت التجمعات البشرية السحيقة تاريخيا إلى الذهب والفضة وغيرها من المعادن سهلة التطويع لتبتكر بها خطوط الموضة الأولى، ويتألق بها الرجل قبل المرأة في ذاك العصر، وبالطبع كان الذهب هو الأكثر غلاء لأنه يملك اللون الذي لا يتغير مع الزمن، اللون الذهبي الذي يقترن بالقوة والعظمة والجبروت، ومن هنا صاغوه تيجانا ميزوا بها ملوكهم وقادة جماعاتهم الأولى·
الارتباط التاريخي بين الذهب والإنسان والعلاقة الغامضة المغلفة بالأسرار جعل الذهب وصياغته من أول المستفيدين من ثمرات الحضارة المعلوماتية المتقدمة التي يعيشها إنسان هذا العصر، من حيث ظهور الوسائل المتقدمة لصياغة الذهب وصهره وإخراجه بالصورة التي نراه يعرض بها في محال الذهب··· لكن وراء هذه النماذج الجميلة بل الرائعة أسرار كثيرة لا يعرفها إلا أصحابها من ذوي العلم في عالم الصياغة التي يفتح لنا أبوابه ويكشف أسراره باسم فرح من مجوهرات خليفة الذي قابلناه في المعرض يعرض عددا من الماكينات الخاصة لصب الذهب وتصنيع قوالبه الخاصة :
يقول باسم فرح: 'هذه الآلات تعتبر من أهم الركائز التي تعتمد عليها صياغة الذهب والمجوهرات، وبالرغم من ارتفاع أسعارها المبالغ فيه إلا أن فائدتها لا تقدر بثمن، فهي تقوم بدور في غاية الأهمية على المستوى الاقتصادي حيث تقلل شذرات الذهب التي تتطاير أثناء عملية الصياغة، وتسهم في إنتاج قطع ذهبية خالية من فقاعات الهواء وبالتالي أكثر جودة وأعلى سعرا من الأخرى التي تنتابها بعض العيوب أثناء عملية الصياغة وبالتالي يقل سعرها'·
طابعة قوالب الشمع
ويتابع وهو يعرض ماكينة (انفيجون): 'هذه الطابعة تعمل عمل طابعة الورق التي توصل بالكمبيوتر، فهي تطبع التصميم الذي يختاره المصمم بعد تنفيذه على برنامج (ثري دي) بالضبط كما تعمل طابعة الورق· وتبلغ قيمتها 80 ألف دولار، وتستعمل لعمل التصميم الأساسي للقطعة الذهبية المصاغة بواسطة الشمع المذاب، وهي العملية التي كانت تتم باليد قبل عشر سنوات من الآن، لكن التطور التقني الذي يعيشه العالم وفر هذا النوع من طابعات الشمع حيث يتم رسم التصميم على برنامج (ثري دي) المخصص لتصميم القطع الذهبية، وعلى البرنامج يمكن أن نرى القطعة بالشكل النهائي سواء كانت بالذهب أو الفضة أو البلاتينيوم، ويمكن أيضا إضافة الأحجار الكريمة والقطع الماسية على التصميم الأساسي في الكمبيوتر قبل صياغته، ثم يتم طباعة القالب الأساسي على الشمع تمهيدا لصياغته'·
بعد أن يصب القالب على الشمع يظهر لنا ما يسمى (شجرة الشمع) وهي مجسم يشبه الشجرة من الشمع يصب عليها قالب الجبس ويترك إلى أن يجف ثم يصب فوقه الذهب ليأخذ الشكل شبه النهائي قبل أن يتم تلميعه وبرد أطرافه ليأخذ الشكل النهائي·
الحفر بالليزر
وتسمى هذه الماكينة (فيبر)، وتستعمل لحفر أي شيء بالحرق مثل المعادن والبلاستيك والزجاج، وهذا النوع من المكائن يستعمل لحفر الحروف في بعض القطع التي تعتبر قطعاً نادرة أو محدودة، وأيضا لوضع البراند أو اسم الماركة على القطعة الذهبية، وحفر اسم الماركة على ظهر الساعات وهذا النوع من المكائن يباع بحوالي 40 ألف يورو·
مكائن التلحيم
هناك أيضا ماكينة اللحام بالليزر وهي تستعمل لتلحيم المصوغات بدقة وتركيز أكثر وأنظف من اللحام بالنار، هذه الماكينة تباع بخمسة وعشرين ألف يورو وهي تعطي 50 ضربة ليزر في الثانية بخلاف ماكينة التلحيم بالكهرباء التي تعطي ضربة كل نصف ثانية، ولا يمكن استعمالها لتلحيم القطع التي تركب عليها بعض أنواع الأحجار الكريمة مثل الزمرد·
قوالب الكاوتشوك
من الآلات التي يتحمس لها باسم فرح آلة صناعة قوالب الكاوتشوك وهو نوع قاس من المطاط يستعمل لاختصار عملية صناعة قوالب جبسية متكررة؛ فقالب الكاوتش القاسي يوفر إمكانية صناعة شكل واحد لمرات عديدة عن طريق صناعة قالب واحد يمكن استعماله لمرات متكررة، وذلك من خلال صب الشمع عليه ثم وضعه على الشجرة وإدخاله ماكينة خلط الجبس التي تقوم بغمس قوالب الشمع فيها بالجبس حتى تنسد فراغات الجبس ويفرغ من الهواء، تمهيدا لصب الذهب فيه بواسطة (ماكينة صب الذهب) التي تصب المعدن سواء كان ذهبا أو فضة في قوالب الجبس لتأخذ شكلها الأخير، وبعد ذلك يكسر الجبس بالماء وتظهر القطعة الذهبية بشكلها الأخير، ثم تنعم بيد الصائغ وتنظف تمهيدا لبيعها·
مكائن صياغة الذهب··· تكنولوجيا من ذهب
المصدر: 0