رضا سليم (دبي)

يعتبر التنين الصيني النموذج الأمثل في صناعة الأبطال، ويقدم للعالم درساً في كيفية تكوين الرياضيين من الصفر إلى منصات التتويج في البطولات العالمية والأولمبياد، كما تملك الصين نماذج رائعة في الاستثمارات في كرة القدم على مستوى الدوري الصيني الذي خطف الأنظار في العالم، والأندية الكبرى.
وتهدف الشراكات الرياضية بين الإمارات والصين إلى تنفيذ مشروعات عملاقة تخدم الرياضة والاقتصاد في البلدين، في ظل الطموحات الصينية أن ترفع استثماراتها في كرة القدم إلى 840 مليار دولار بحلول عام 2025.
وبدأت الصين برنامجاً وطنياً للتطور الكروي في السنوات الماضية، من بين أهدافه تأسيس 50 ألف مدرسة للعبة في غضون 10 سنوات، ومحاولة الفوز ببطولة كأس العالم عام 2034. وتريد الصين، التي اكتسحت العالم بصادراتها ومنتجاتها، أن تضع موطئ قدم لها بين كبريات دول العالم في المجال الرياضي، فبعد نجاحها في تنظيم أولمبياد بكين عام 2008 بدأت توجيه اهتمامها لكرة القدم، وهو ما سيعود بالنفع على المنتخب الصيني الذي يسعى إلى تبوء مكانة متميزة بين المنتخبات العالمية، وبالرغم من أن الدوري الصيني الممتاز لم ينطلق في نسخته الجديدة إلا في عام 2004، فإن الأندية الصينية أصبحت تنافس أندية كبيرة في أوروبا في هذا المجال.
وبالفعل جذب الدوري الصيني النجوم العالميين، وهو نموذج جديد للاستثمار الرياضي يسعى المشرفون على كرة القدم في الصين، من خلال التعاقد مع لاعبين دوليين، إلى تقوية الدوري المحلي ومنح الفرصة للاعبين الصينيين للاحتكاك بلاعبين كبار، والهدف الأكبر هو تحضير الكرة الصينية لتصبح قادرة على المنافسة دولياً.
كما تم ضخ أموال ضخمة في ميزانية الأندية حتى تستطيع التعاقد مع لاعبين مميزين يكونون قدوة للجيل الصاعد في الصين، وباتت معظم الأندية الصينية مملوكة لشركات كبرى بميزانيات ضخمة، وكلها إشارات توحي بأن كرة القدم الصينية قادمة بقوة على الصعيد العالمي، بعد نجاحها على المستوى الآسيوي.
وبدأت الصين منذ 15 عاماً في التخطيط لتطوير كرة القدم بإدخال اللعبة في المناهج لتلاميذ المدارس، بهدف تحويل الصين إلى مركز قوة لهذه الرياضة، وأعلن الاتحاد الصيني لكرة القدم عن خطة تم وضعها كي تكون الصين قوة عظمى في كرة القدم بحلول 2050، وأن يكون المنتخب الصيني ضمن أفضل منتخبات آسيا بحلول 2030، مما دفع رجال الأعمال الصينيين إلى تلك الصناعة الواعدة، فقامت الأندية الصينية بشراء عدد لا يستهان به من اللاعبين المحترفين المشاهير في الأندية الأوروبية بمبالغ كبيرة.

شانشان فينغ علامة في جولف دبي
تعد اللاعبة الصينية شانشان فينج المصنفة الخامسة عالمياً، سفيرة الصين في ملاعب الجولف، في ظل شعبيتها الكبيرة على مستوى العالم، وارتبطت فينغ بدبي ليس فقط باعتبارها أحد سفراء علامة أوميجا، بل لأنها نجحت في الفوز ببطولة دبي ليدز ماسترز للجولف للمرة الثالثة على التوالي، والرابعة كأكثر لاعبة حققت اللقب، وتعد البطولة خاتمة موسم الجولات الأوروبية للسيدات بجوائز مالية تناهز مليوني درهم.
كما حققت الصينية شانشان فينج في البطولة الأخيرة لها نتيجة 267 وبواقع 18 ضربة تحت المعدل، بعدما تصدرت نتائجها طيلة البطولة، لتحطم الرقم القياسي السابق الذي حققته السويدية انيكا سورينستام في 2006 والكورية الجنوبية كيونغ كيم في 2009.

صفقة إماراتية صينية في السيتي
أبرمت مجموعة سيتي لكرة القدم، مالكة شركات وأندية سيتي لكرة القدم، ومنها نادي مانشستر سيتي لكرة القدم ونادي نيويورك سيتي لكرة القدم ونادي ملبورن سيتي لكرة القدم وحصة الأقلية في نادي يوكوهاما مارينوس، شراكة مع مجموعة من كبار المستثمرين من المؤسسات الصينية بقيادة «تشاينا ميديا كابيتال القابضة» “سي ام سي” الشركة الصينية الرائدة في مجال الإعلام والترفيه والرياضة وإدارة قطاع الاستثمار في مجال الإنترنت، وذلك في ديسمبر 2015.
تتيح الصفقة فرصة غير مسبوقة لنمو نوادي وشركات سيتي لكرة القدم في الصين وفي دول أخرى من العالم.
وبموجب الاتفاق المبرم، يستثمر اتحاد شركات “سي ام سي” القابضة وسيتيك كابيتال مبلغ 400 مليون دولار لشراء حصة تزيد قليلاً على 13 في المئة من أسهم المجموعة. وتقيم الصفقة رأس مال المجموعة بمبلغ 3 مليارات دولار. ويخضع الاتفاق لموافقة الجهات الرقابية في بعض المناطق.

بلد المليار تحكم سوق الانتقالات
أشعلت الأندية الصينية السوق الآسيوي لانتقالات اللاعبين بعدد من الصفقات الكبرى خلال الفترة الأخيرة، لتسحب البساط من مختلف الدوريات بالقارة، ونجحت في استقطاب 3 من نجوم كرة القدم إلى الدوري الصيني، عندما تعاقد نادي شنغهاي شنهوا مع ستيفان شعراوي لاعب روما الإيطالي، وذلك بعد نجاح مساعي نادي شينجداو هوانغهاي في التعاقد مع نجم الكرة الإيفواري الشهير يايا توريه الذي سبق له اللعب في كل من برشلونة الإسباني ومانشستر سيتي الإنجليزي ثم أوليبمياكوس اليوناني، كما سبق له الفوز بالعديد من الألقاب المهمة.
كان الدوري الصيني هو المنصة التي اتجه إليها المدرب الإسباني رافائيل بينيتيز الذي سبق له الفوز بلقب «الشامبيونز ليج» الأوروبي مع ليفربول عام 2005، حيث تعاقد المدرب مع فريق داليان بيفانج.

70 % من أسهم الميلان والإنتر لـ «الصين»
سيطر ملاك صينيون على نادي إي سي ميلان، بعد توصل رجل الأعمال ورئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو بيرلسكوني لاتفاق مبدئي معهم على بيع كل أسهمه، والتي تمثل معظم الأسهم، ليكون هذا النادي الحاصل على البطولة الأوروبية سبع مرات، والذي يملكه بيرلسكوني منذ 30 عاماً، هو آخر الأندية الأوروبية التي يسيطر عليها الصينيون بدايةً 2016. وينص الاتفاق مع مجموعة استثمار صينية، تتضمن مشاركة صندوق الاستثمار التابع للدولة، على تقييم النادي بـ 740 مليون يورو، وذلك بحسب ما ذكرته فينيفيست الجناح الاستثماري لبيرلسكوني.
وسبق هذه الصفقة، قيام عملاق تجارة التجزئة الصيني سونينج بشراء 70 بالمئة من أسهم نادي إنتر ميلان، وتوصلت مجموعة استثمارية صينية أخرى، هي يونجي جيوكي من شنغهاي، لاتفاق على شراء نادي ويست برومويتش الذي يلعب في دوري الدرجة الأولى الإنجليزي.

10 آلاف روضة أطفال لكرة القدم
أعلن الاتحاد الصيني لكرة القدم، رغبته في إنشاء 10 آلاف روضة أطفال متخصصة باللعبة في البلاد، وهو ما دفع بعض المؤسسات إلى إطلاق برامجها الخاصة، قبل صدور القرار الرسمي الذي نشرته «شينخوا»، ونقلت صحيفة «جلوبال تايمز» عن لي جيانلي، مدير روضة أطفال في العاصمة الصينية، قوله: «لدينا مدربون لكرة القدم للأطفال الذين تجاوزوا الخامسة من العمر».
وتسعى الصين، بإيعاز مباشر من الرئيس شي جينبينغ، إلى تعزيز كرة القدم والتحول إلى قوة مؤثرة على الصعيد العالمي، وسط تقارير عن رغبة صينية باستضافة نهائيات كأس العالم للمرة الأولى في تاريخها، وذلك في العام 2030 أو 2034.
وجذبت الصين في الفترة الماضية عدداً من اللاعبين المعروفين في عالم كرة القدم، الذين انتقلوا للدفاع عن أندية صينية، مقابل عقود مالية مغرية.

مشاريع كروية
باتت كرة القدم أحد أهم المشاريع الكبرى بالنسبة للحكومة الصينية، التي تطمح أن تحظى بلادها بشرف تنظيم كأس العالم في 2030، لذلك فكل الجهود المبذولة لتطوير الكرة الصينية تصب في هذا الإطار، وبدأت بتحول كرة القدم إلى مادة إجبارية في كل المدارس الصينية، كما أصبحت مراكز التكوين تنتشر في البلاد بشكل غير مسبوق، علاوة على ذلك، إطلاق برنامج يهدف إلى البحث عن المواهب وتعزيز المهارات في رياض الأطفال في مختلف مناطق البلاد التي يقطنها 1.4 مليار نسمة، من خلال بوابة «وزارة التربية الصينية التي وضعت برنامجاً تجريبياً على مستوى مختلف المناطق، يهدف إلى إنشاء رياض أطفال «تتمحور حول كرة القدم».

استثمارات
تساهم مجموعة واندا الصينية في تطوير كرة القدم عبر اتفاقيات دولية كبيرة، أبرزها توقيع اتفاقية مع الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» عام 2016، وتهدف الاتفاقية إلى المشاركة في مبادرات عديدة مع تركيز قوي على تطوير الرياضة في الأوساط الشعبية في جمهورية الصين الشعبية وفي منطقة آسيا، كانت مجموعة واندا الصينية اشترت 20 في المئة من أسهم أتلتيكو مدريد الإسباني مقابل 52 مليون دولار.
كما اشترت مجموعة «تشاينا ميديا كابيتال» 13 في المئة من أسهم الشركة الأم لنادي مانشستر سيتي مقابل 400 مليون دولار، خلال زيارة قام بها الرئيس الصيني نفسه، واشترت أيضاً حقوق بث الدوري الصيني.

الألعاب الأولمبية
احتلت الصين المرتبة الأولى في دورة الألعاب الأولمبية في بكين عام 2008، والثانية في دورة الألعاب الأولمبية في لندن 2012، وتضع الحكومة الصينية «صناعة البطل الأولمبي» في طليعة اهتماماتها، لذا تقوم بتوفير الكثير من الدعم سواء المادي، أو المعنوي، أو على مستوى العمل الإداري، وكذلك توفير البنية التحتية المتميزة من ملاعب، وصالات ألعاب، وغيرها.
وتستعد الصين في العام المقبل إلى معترك جديد من أجل استمرار حلم الهيمنة الذي يعيشه الطفل الصيني على منصات التتويج الأولمبية، وذلك في دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو 2020، وتصل مكافأة البطل الأولمبي الحاصل على الميدالية الذهبية في الصين إلى متوسط 36.000 دولار أميركي.

مشروع الـ 119
عقب اختيار مدينة بكين لتنظيم دورة الألعاب الأولمبية عام 2008، أُطلق مشروع الـ 119، وهي مبادرة لحصد 119 ميدالية ذهبية في «بكين»، وبدأت المدارس العمل منذ ذلك الحين وحتى بداية الدورة. ورغم عدم حصول الصين على 119 ميدالية ذهبية، فإنها استطاعت تحقيق أكبر عدد من الميداليات في تاريخها بـ 100 ميدالية، منها 53 ميدالية ذهبية، واحتلت بها صدارة البطولة في جدول الميداليات.