نجيب الريحاني·· في ستين ألف سلامة توثيق للفرح والألم
عرض أمس الأول ضمن فعاليات مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الفيلم المصري ''نجيب الريحاني·· في ستين ألف سلامة'' من إخراج وسيناريو الدكتور محمد كامل القليوبي ويتمحور موضوع الفيلم حول حياة الممثل الكوميدي نجيب الريحاني 1889 - 1949 الذي اغنى المسرح المصري والعربي بأعمال كتبها بالاشتراك مع بديع خيري والتي وصل عددها إلى 33 عملاً مسرحياً·
ظلت حياة نجيب الريحاني الخاصة مجهولة إلا أن المفاجئ في الأمر أن ظهرت له ابنة مجهولة عاشت حياتها كلها في الظل، وحال خروجها لتعلن عن نسبها إلى هذا الممثل الكبير بدأت في الحديث عنه للمرة الأولى كاشفة عن الكثير من الجوانب الخفية في حياته·
تحكي ''جينا الريحاني'' ابنة الممثل الراحل والتي يطلق عليها ''جيزيل'' قصة غامضة عاشها نجيب الريحاني مع امرأة أحبها لأكثر من 30 عاماً·
رسم الريحاني الابتسامات الصادقة على وجوه الناس واطلق النكات ومثّل المواقف الكوميدية المذهلة، إلا ان مأساته الإنسانية كانت قابعة في أعماقه الشفيفة، كان الريحاني أكثر ألماً وهو يرى التمزق الذي أحدثته الحروب فاشتد إيقاع الألم الصارخ في ذاته حتى غادر الحياة عام ·1949
اعقب عرض الفيلم مؤتمر صحفي اشترك فيه محمد كامل القليوبي وجيزيل الريحاني ومدير الصوت عمرو عبدالسميع بحضور عدد من السينمائيين والنقاد والأدباء والصحفيين·
استهل القليوبي المؤتمر فأشار الى الجهود الكثيرة التي بذلت في جمع تراث وتاريخ الريحاني وخاصة أن ما تم توثيقه ابان حياته يبدو قليلاً جداً لقلة الاهتمام بالتصوير·
واضاف: مع ظهور ابنة الريحاني ''جينا'' اصبح الأمر أكثر جدية، ومن الغريب أن العالم الفرنسي استقبل ظهورها بحفاوة كبيرة، أما عالمنا العربي فيبدو انه متشكك، ثم توثقت الحقيقة بأن جينا هي ابنة الراحل الريحاني·
وأشار القليوبي إلى أن حديث جينا في الفيلم كان مزدوجاً فتارة تتحدث بالعربية وأخرى بالفرنسية وانه من خلال هذا المزج والانتقال للغتين حاول أن يعطيها أكبر قدر من الحرية بالتعبير عما تريد، إذ يتصور القليوبي أن لا حق لديه في التدخل في هذا الأمر·
وواصل حديثه: لقد بحثنا في جميع الارشيفات في مصر والتي تشير من قريب أو بعيد الى نجيب الريحاني واكتشفنا حقيقة مؤلمة وهي اننا لا نمتلك ثقافة الصورة والتوثيق الشخصي وعندما استطعنا الحصول على صور معدومة من عام 1919 أو 1920 حاولنا ترميمها بصعوبة بالغة إذ انها لا تصل إلى حجم الكف الواحدة، وهكذا أصررنا على الوصول الى هدفنا·
وأوضح القليوبي أنه عند انتهاء تصوير الفيلم وبعد طبع الترجمة حصلنا على تلك الصورة مما اضطرنا الأمر إلى وضع نسخة أخرى من الفيلم كي نضيف عليها تلك الصورة المهمة·
واعتبر أن نجيب الريحاني وسيد درويش وبديع خيري تعتبر من الشخصيات الفنية المصرية العملاقة كونهم أساتذة وأعلاماً كباراً رفدوا الفن بإبداعاتهم وإنجازاتهم المهمة·
وتطرق إلى القصر الكبير الذي بناه الريحاني وإلى ضرورة الاهتمام به الآن وتحويله الى متحف يضم أعمال هذا الفنان الذي أثر في مسيرة السينما والمسرح المصري·
وحول انتاجه الفيلم قال: لقد اشتغلت بالفيلم بمساعدة مجموعة من الأصدقاء ودخلت الى المشروع بنفسي ولم أعرضه على أي جهة رسمية وبصدق أن كل ما قدم في الفيلم هو من انتاجي الخاص·
وقال: إنني أحس بالامتنان الكبير للأصدقاء الذين شعروا بأن المشروع مصري بامتياز وعليه فإنني لم أخسر شيئاً عندما أنجزت هذا الفيلم·
وأضاف القليوبي معقباً: ربما يفترض من شاهد الفيلم أنني تلمست الفن الواقعي، وهذا فعل حسن كما أتصور وأعتقد انني في كل أفلامي السابقة حاولت ألا أتخلى عن التقليدية التي هي جزء من بناء الفيلم·
وتداخلت جينا الريحاني في قولها: عندما خرجت إلى العلن بعد صمت واختفاء طويلين وجدت اناساً كثيرين قد تعرفوا بي كذلك عائلتي وهي عائلة محافظة وبالطبع أجد أن هذا الخروج الى العلن قد وضعني في اطار المواجهة مع الإعلام والصحافة وبذلك آدت عائلتي دورها الحقيقي والفعلي لحمايتي·
واضافت: انني أعرف محمد كامل القليوبي منذ سنوات ولم يكن هذا التعاون الذي حصل بانتاج هذا الفيلم إلا ثمرة هذا التعاون·
وعن والدها قالت: كان والدي أباً طيباً ومسالماً وبالطبع يعرفه الناس ممثلاً ليس عادياً أما أنا فأعرفه إنساناً رائعاً·
وأوضحت: لقد فاتحني القليوبي لإنجاز هذا الفيلم عن تاريخ أبي الشخصي وظللت مترددة لفترة طويلة إلا أنني وافقت في النهاية، إذ أنني لا أريد نسيان أبي·
أما عن عملها في الفيلم وتقديم شخصية أبيها كما عرفتها فقالت: لقد عملت في الفيلم انطلاقاً من واجبي الشخصي وقناعتي بأن أقدم أبي وحياته إلى الناس الذين أحبوه·
ساهم في فيلم ''نجيب الريحاني·· في ستين ألف سلامة'' عدد من الفنانين والتقنيين منهم على التصوير مهاب متولي وكريم عثمان وفي المونتاج سامي محمد علي وموسيقى راجح داود·
يعتبر محمد كامل القليوبي مخرج ومنتج الفيلم من المساهمين النشطين في الفن السينمائي المصري وكان في لقائه الصحفي على مستوى عال من الاقناع والبراعة في توصيل فكرته عن ما طرح عليه مما أثار إعجاب الكثيرين·
حصل على بكالوريوس الهندسة من جامعة عين شمس 1969 وتخصص في الإخراج والسيناريو في المعهد العالمي للسينما عام 1972 ثم حصل على الدكتوراه من معهد السينما الاتحادي بموسكو 1986 ويعمل الآن استاذاً بالمعهد العالي للسينما بأكاديمية الفنون·
له أفلام قصيرة ووثائقية منها ''حكاية ما جرى في مدينة نعم ''1975 و''ثلاث لحظات خاصة في حياة عادية ''1979 و''مذكرات نافذة ''1981 و''محمد بيومي ووقائع الزمن الضائع ''1991 و''الفلوت ''2000 و''أسطورة روز اليوسف ··''2001 عرض فيلم ''نجيب الريحاني·· في ستين ألف سلامة'' في المهرجان ضمن الأفلام الوثائقية·