بعد أعوام من البحث والتعمق في سيرة سندريلا السينما المصرية سعاد حسني، تقدم المخرجة رانيا إسطفان، إلى الجمهور فيلمـها الجديد «اختفاءات سعاد حسني الثلاثة» الذي كتبت له السيناريو والحوار أيضاً، والفيلم إنتاج مشترك بين جون فيلمز ومؤسسة الشارقة للفنون، وعدة جهات إنتاجية أخرى، وينتمي إلى الأفلام الطويلة والوثائقية. ميراي برق (بيروت) - المخرجة رانيا إسطفان ولدت في بيروت، وحصلت على شهادة في «دراسات السينما» من جامعة لاتروب في ملبورن، أستراليا، وحازت شهادة الدراسات العليا في «دراسات السينما» من جامعة باريس الثامنة، فرنسا، وقضت حياتها المهنية في إنتاج الأفلام الطويلة والمتنوعة. كما عملت مهندسة صوت، ومحررة، وكمساعدة أولى مع السينمائيين المشهورين مثل سيمون بيتون «راشيل، الجدار، مواطن بشارة»، وإيليا سليمان «التدخل الإلهي». وأنجزت عددا كبيرا من الأفلام الوثائقية القصيرة ومتوسطة الطول أبرزها، قبيلة (1993)، محاولة الغيرة (1995)، البعل الموت (1997)، القطارات قطار (حيث هو المسار؟) (1999)، القبض على المنارة (2003)، Kimo سيارة الأجرة (2003)، البور (2005)، حرب لبنان (2006)، يدخنون على الماء- سبع مرات الهرمل (2007)، الأضرار، لقطاع غزة «أرض البرتقال الحزينة» (2009). اكتشاف أسرارها وتقول رانيا إسطفان عن «اختفاءات سعاد حسني الثلاثة: أطروحتي في أستراليا كانت تتناول الفنانة الكبيرة سعاد حسني، فكانت هي بطلة الأفلام المصرية الشعبية، هي ليست فقط ممثلة بل هي أسطورة قدمت أروع الأعمال وموقعها في السينما المصرية هو ما جذبني لاكتشاف أسرارها، وعام 2001 صدمت بوفاتها وقرّرت أن أنجز فيلما يكرّم أعمالها، وبدأ المشوار فكانت مرحلة التصوير الأولى هي لحظة وفاتها في لندن، والفيلم ليس سيرة حياة فحسب بل يقدم لأبرز أعمال سعاد حسني، فبدأت مرحلة البحث عن 82 فيلما سينمائيا مثلتها خلال 30 عاماً، وكان أول عمل لها عام 1959 وآخر عمل سينمائي لها كان عام 1991. باختصار «اختفاءات سعاد حسني الثلاثة»، هو فيلم يروي من أفلامها سيرتها الشخصية والعملية. أيقونة متميزة وتؤكد رانيا: «اختفاءات سعاد حسني الثلاثة» مدته 68 دقيقة من التشويق والإثارة إلا أنها غير كافية، ورغم ذلك فإنه خلاصة شفافة لما أنجزت، وتشرح: الفيلم هو تفكيك لأعمالها وإعادة تركيبها لأروي سيرة سعاد حسني الخاصة والعملية، فالفيلم سلسلة مقتطفات متعاقبة من أفلام مصرية من بطولة السندريلا، إنه تحية لعصر إنتاج سينمائي مصري كان غنياً ومنفتحاً، ولفنانة جسدت المرأة العربية العصرية في تناقضاتها من فترة ستينيات القرن الماضي وحتى تسعينياته، سعاد حسني هي أيقونة متميزة في السينما المصرية. وعن العنوان «اختفاءات سعاد حسني الثلاثة» تجيب رانيا: «السندريلا اختفت عام 2001» ومادة الـ «VHS» اختفت مع سعاد حسني. السينما بعد السندريلا وفي التفاصيل تقول رانيا: «اختفاءات سعاد حسني الثلاثة» هو تراجيديا من ثلاثة أجزاء، يستخدم لقطات أفلام سعاد حسني من أشرطة الـ VHS - تماما كما جرى توزيعها في السوق وتسجيلها كذاكرة شعبية- حيث تشكل اللقطات سيرة خيالية لسعاد حسني. والفيلم هو إعادة استخدام هذه اللقطات بطريقة تجسد التبدلات التي طرأت على الممثلة مع مرور الزمن، ما يجعل الفيلم في نهاية المطاف وكأنه فيلم تسجيلي وثائقي عن حياة سعاد حسني المصوَرة أو حياة صورتها. أما الظاهرة الخامة لشريط الـ VHS فهي بمثابة تحية لهذه التقنية التي أتاحت إمكانية التوزيع الواسع لهذه الصورة وانتشارها. وتضيف رانيا: الفيلم تخطى شكل الأفلام المحدودة فلا يعتبر فيلما وثائقيا 100% ولا فيلما روائيا 100 % فقد خلقت شكلاً جديداً للأفلام، فهو خليط بين الوثائقي والروائي والفني، وهدفي أن يكون الفيلم تجربة جديدة ومثيرة ومشوقة وفنية وغنية، تمتع الجمهور. حصد الجوائز وقد شارك «اختفاءات سعاد حسني الثلاثة» في كثير من المهرجانات العربية والعالمية منها مهرجان الدوحة، حيث حصل على جائزة أفضل مخرج للأفلام الوثائقية، كما حاز جائزة بينالي الشارقة، وجائزة فريد مرساي في أوروبا. وتقول رانيا: للأسف في لبنان لا وجود لمؤسسة سينما وطنية لدعم المشاريع، ووزارة الثقافة غير داعمة للأفلام، والأهم لا وجود لمركز وطني للسينما يحمي أعمالنا ويحافظ عليها مع مرور الوقت، ولا وجود لترويج ما نقوم به.. فالعمل الذي ننجزه منفرد وشاق ومتعب، وهذا الأمر محزن جداً. وتؤكد: الفيلم يروي ذاكرة السينما لكي لا تنسى وتتلف. وعن أعمال رانيا الجديدة تقول: اليوم أكتب قصة جديدة لفيلم جديد ولا تفاصيل قبل أن أنهي الكتابة. العصر الذهبي للسينما المصرية تروي رانيا إسطفان تاريخ السندريلا قائلة: ولدت سعاد حسني في القاهرة عام 1943، وانتحرت في لندن عام 2001، بين سن التاسعة عشرة من عمرها والتاسعة والأربعين مثلت أدواراً رئيسيةً فجمعت اثنين وثمانين فيلماً من إخراج سبعة وأربعين مخرجاً، ووقفت أمام اشهر الممثلين المصريين، مجسدة أدوار الابنة والأخت والصديقة والخطيبة والحبيبة والزوجة العصر الذهبي للسينما المصرية، عندما كانت أول صانع للقصص في العالم العربي، ولُقبت بـ «سندريلا السينما العربية». ويبرز فيلم «اختفاءات سعاد حسني الثلاثة»، حاجتنا لنعمة الخيال، ومن خلال الفيلم أقترح إعادة كتابة فردية وجزئية للسينما المصرية في فترتها الذهبية التي جسدتها سعاد حسني كفنانة بارعة وشخصية درامية ورمز للمرأة العصرية. بأسلوب مرح ومؤثر وجاد، في 68 دقيقة.