عمر الأحمد (أبوظبي)

تتشارك الرؤى الإماراتية الصينية في العديد من الملفات والقضايا السياسية، ويشكل الجانبان تضامناً استراتيجياً على مختلف الصعُد السياسية في المجتمع الدولي، منها القضية الفلسطينية، والأزمة اليمنية، ومكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله، وغيرها من الملفات التي تؤرق المنطقة العربية والشرق الأوسط والعالم.
ويستند التعاون الإماراتي الصيني إلى الثقة المتبادلة بين الجانبين ورغبتهما في تحقيق التنمية المشتركة، وتعزيز المصالح المتبادلة، انطلاقاً من التاريخ العربي الصيني الطويل من العلاقات الودية والدعم المتبادل في القضايا التي تهم الجانبين، وإدراك شواغل الطرف الآخر.

كانت المواقف الصينية - ولا زالت - داعمة للقضية الفلسطينية، بما فيها حق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بالإضافة إلى دعم الموقف الفلسطيني والعربي الرافض لقرارات الولايات المتحدة حول القدس، ودعمها كذلك وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا».
وتعهدت الصين بتقديم مليون دولار لوكالة «أونروا» خلال 2019، وفي تصريح سابق لنائب مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة ووهاي تاو قال فيه: «تولي الصين اهتماماً كبيراً بوضع اللاجئين الفلسطينيين، وتشعر بقلق عميق إزاء الصعوبات المالية التي تواجهها وكالة أونروا. ستسهم الصين بمليون دولار هذا العام».
ولفت وو إلى أن قرار الصين بزيادة إسهاماتها السنوية للوكالة الأممية يأتي نظراً لأنها تقدر عملها وتدعمه، منوّها إلى أن الصين ستقدم المساعدة للشعب الفلسطيني من خلال القنوات الثنائية، بما في ذلك دعم برامج مساعدة اللاجئين في دول المنطقة.
وقال إن أونروا تقدم المساعدة والحماية لأكثر من 5 ملايين لاجئ فلسطيني، ما يقلل من معاناتهم ويدعم حقوقهم وكرامتهم، ويساعد في تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ويخفف الضغط على الدول المضيفة.
وأضاف أنه في الوقت نفسه، مارست الوكالة تأثيراً إيجابياً في تعزيز السلام والاستقرار على الصعيد الإقليمي، ومنع انتشار الأيديولوجيات الإرهابية والمتطرفة في مخيمات اللاجئين.
وأكد وو أن «حل الدولتين يظل السبيل الصحيح الوحيد لحل القضية الفلسطينية»، لافتاً إلى أنه يجب على المجتمع الدولي أن يعمل على أساس مبادرة السلام العربية ومبدأ الأرض مقابل السلام وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لتيسير التوصل إلى حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية، بهدف إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة على أساس حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها.
ولفت المبعوث الصيني إلى أن أية مبادرة جديدة، يجب أن تمتثل للأعراف الدولية الأساسية سابقة الذكر. كانت الوكالة واجهت أشد أزمة تمويل في 2018 بعد أن قطعت دول تمويلها فجأة قبل أن توقف دعمها بالكامل.

الأزمة اليمنية
في ملف الأزمة اليمنية، تقاربت المواقف بين الجانبين الإماراتي والصيني، فجاء الرفض الصيني قاطعاً لخطوات ميليشيات الحوثي الإيرانية، وقيامها بتشكيل حكومة جديدة من الحوثيين وحلفائهم السياسيين، وهي الخطوة التي اعتبرتها الصين، في بيان رسمي صدر في 2 ديسمبر 2014، ضربة للجهود التي تدعمها الأمم المتحدة لإنهاء الأزمة في اليمن.
وأكدت وزارة الخارجية الصينية، في بيان وقتها، أنها تؤيد الحكومة اليمنية الشرعية بقيادة الرئيس
عبد ربه منصور هادي، ورأت أن التصرف الحوثي غير مفيد للتوصل لحل سياسي للقضية اليمنية، وهو الأمر نفسه الذي أكدت عليه الإمارات في مختلف اللقاءات والاجتماعات التي تناولت الأزمة اليمنية، وفى كلمة سابقة أمام مجلس الأمن، عبر فيها مندوب الصين لدى الأمم المتحدة ماتشاو شيوي عن دعم بلاده للمحادثات السياسية، من أجل إيجاد حل سلمي شامل.
وأعرب المندوب الصيني عن قلق حكومة بلاده العميق إزاء الوضع الإنساني المتدهور في اليمن، مطالباً المجتمع الدولي بزيادة المساعدات والوفاء بتعهداته بتقديم المساعدات في الوقت المناسب، مع ضمان الأطراف في اليمن وصول المساعدات الإنسانية، بحيث يمكن وصولها إلى جميع المحتاجين في جميع المناطق.

الجولان المحتلة
وبشأن هضبة الجولان المحتلة، أعربت الصين، عن أملها في عدم تصعيد للتوترات في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدة أن الجولان أرض محتلة بإقرار من المجتمع الدولي، وذلك في تصريح للمتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية جينج شوانج، تعليقاً على توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على إعلان يعترف فيه بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل عام 1967.
وقال شوانج: إن المجتمع الدولي أقر بأن هضبة الجولان أرض محتلة، وإن مجلس الأمن الدولي تبنى عدة قرارات تطالب إسرائيل بالانسحاب منها، معرباً عن أمل بلاده في عدم حدوث أي تصعيد في التوترات بمنطقة الشرق الأوسط.
وكانت الصين حثت، في وقت سابق، جميع الأطراف المعنية على تسوية النزاع الإقليمي المتعلق بهضبة الجولان وفقاً لاتفاقيات الأمم المتحدة ذات الصلة، حيث أكدت وزارة الخارجية الصينية أنه بشأن قضية الأراضي العربية المحتلة، بما فيها هضبة الجولان، هناك بنود واضحة بمجلس الأمن في قراريه 242 و338.
وأكدت الصين أنها ستدعم دائماً الأطراف المعنية في التسوية المناسبة للنزاعات من خلال التفاوض، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وأعراف القانون الدولي، لتحقيق سلام شامل وعادل وطويل الأجل في الشرق الأوسط.

تبادل الرؤى
توجد محادثات دائمة بين القيادة السياسية في الإمارات والصين لتبادل الرؤى والأفكار من أجل نشر السلام في العالم، وتذليل المعوقات أمام الشعوب التي تعاني الأزمات والمشاكل.

مكافحة الإرهاب
الإمارات والصين بينهما تفاهمات على أعلى مستوى في المجالات كافة، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية ومكافحة الإرهاب، وبرزت قوة ومتانة العلاقات بين البلدين من خلال تقارب وجهات النظر حول العديد من قضايا الشرق الأوسط، حيث تتطابق وجهات النظر في عدة ملفات، على رأسها الملف السوري، والأزمة اليمنية، ورفض التدخلات الخارجية في شؤون الدول الأخرى، والعمل على مكافحة الإرهاب، وحل النزاعات بشكل سلمي ومواجهة التنظيمات الإرهابية في المنطقة.

القضية الفلسطينية
الصين تولي اهتماماً كبيراً بالقضية الفلسطينية، وتؤكد دائماً أهمية إرساء دعائم الاستقرار والسلام في فلسطين، وتحتفظ بكين بعلاقات متميزة مع الشعب الفلسطيني وتتمنى له الازدهار والسلام للشعب الفلسطيني، وتتفق مع الإمارات بشأن إيجاد حل سلمي للقضية الفلسطينية يقوم على حل الدولتين على أساس حدود 1967 والمدرج في خطة السلام العربية.

الأزمة السـورية
الإمارات والصين تتفقان على ضرورة وضع حد نهائي للصراع السوري، عبر عملية سياسية شاملة تعالج صلب الصراع وتنهي آثاره على الشعب السوري، وأصدرت الصين العديد من ردود الفعل تجاه أحداث الأزمة السورية على مدى 8 سنوات، فضلاً عن خروج العديد من التصريحات الرسمية الصينية حول المشهد السوري، وفي كل رد فعل أو تصريح تحدد الصين موقفها الرسمي من الأزمة في سوريا، وتتركز في استئناف العملية السياسية.