السيولة الجديدة تؤمن تمويلات البنوك وتعيد الانتعاش لسوق الإقراض المحلي
أجمع خبراء مصرفيون واقتصاديون على ان التنفيذ الفوري لتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ''حفظه الله''، التي ترجمها مجلس الوزراء الى حزمة إجراءات لحماية الاقتصاد الوطني، يؤكد مجددا عزم الحكومة الجاد في الحفاظ على مكتسبات النمو الاقتصادي للدولة وتأمينها ضد التقلبات العالمية·
واعتبر الخبراء ان إتاحة المزيد من السيولة أمام القطاع المصرفي والتي بلغت 120 مليار درهم خلال اقل من شهر، يؤكد وقوف الحكومة إلى جانب هذا القطاع الحيوي والذي يعد الركيزة التي يعتمد عليها الاقتصاد الوطني في مواصلة مسيرة النمو القوية، متوقعين ان يصل حجم السيولة التي ستوفرها الحكومة في حدود الـ200 مليار درهم بهدف تأمين الالتزامات المالية للبنوك العاملة في الدولة·
وأشار مصرفيون إلى ان البنوك العاملة في الدولة تترقب الإعلان عن تفاصيل الاستفادة من التسهيلات الجديدة في حال دعت الحاجة لاستخدامها·
وقال الخبراء إن توفير التسهيلات المالية من قبل الحكومة بهذا الشكل ''لا يعني وجود نقص حاد في السيولة لدى المصارف العاملة في الدولة'' التي تتمتع بمتوسط ملاءه مالية يعد الافضل بالمعايير العالمية تصل نسبته إلى 13%،إلى جانب تمتعه برسملة قوية تتجاوز ما هو مطلوب عالميا·
وأكد الخبراء ان توفير السيولة أمام القطاع المصرفي يأتي في سياق الإجراءات الوقائية والاحترازية،ومحاولة جادة لإعادة الثقة في القطاع من قبل القائمين على المصارف ومن قبل العملاء أنفسهم،لافتين إلى ان تأمين السيولة بهذا الحد من شأنه ان ينعش سوق التمويل والإقراض مجددا بعد ان فضل عدد من البنوك التريث لحين وضوح الرؤية في الأسواق العالمية·
وأشار الخبراء إلى ان التحركات السريعة والمتتالية لحكومة دولة الإمارات سواء فيما يتعلق بضمان الودائع في البنوك أو فيما يخص بالقرارات المتعلقة بأسواق الأسهم،لاقت صدى واسعا واستجابة فورية في الأسواق المالية،بعد ان بعثت روح التفاؤل لدى المستثمرين وأكدت ان الإمارات ستبقي الملاذ الآمن للاستثمار·
وكشف مصدر في القطاع المصرفي عن تلقي المصارف العاملة في الدولة تحويلات مالية ضخمة من مستثمرين في الخارج فور الإعلان عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مؤخرا·
واتفق الخبراء على أن تطبيق الإجراءات التي اتخذتها القيادة السياسية تطمئن الأسواق والأفراد على المستويات الفردية والعائلية والمصارف والمؤسسات المالية إلى أنها جادة في حماية الاقتصاد الوطني من خلال حماية ودائع الأفراد والودائع بين البنوك (انتربنك) بما يعزز الثقة في أسوق المال والمصارف وأسواق الأسهم والسندات وعمليات الاقتراض بين المصارف·
إلى ذلك، دعا خبراء اقتصاديون إلى ضرورة تأسيس سوق محلية للتعاملات فيما بين البنوك والمعرف بـ''الانترنت بنك'' بالدرهم،وذلك لتلاشي مخاطر انقطاع خطوط الائتمان العالمية في أوقات الأزمات وهو الأمر الذي حدث فعلا خلال الفترة الماضية وأثر على تعاملات البنوك فيما بينها بحسب الدكتور ناصر السعيدى رئيس الشؤون الاقتصادية في سلطة مركز دبي المالي العالمي·
وأوضح السعيدي ان خطوة توفير 70 مليار درهم إضافية هي امتداد للخطوة السابقة التي لم تلجأ كثير من البنوك إلى الاستفادة منها بسبب عدم حاجتها الملحة للسيولة·
وقال إن الهدف من ذلك هو ''تأكيد وقوف الحكومة إلى جانب القطاع من خلال خطوات احترازية وتطمينها بأن السيولة متوفرة في أية وقت يحتاجها فيه القطاع''، وذلك لتشجيع البنوك على الاستمرار في تقديم خدماتها بشكل طبيعي للحافظ على نمو السوق والاقتصاد·
وأكد السعيدي ان ''ما يعزز من قوة القطاع المصرفي في الإماراتي أنه يتمتع بأفضل مستويات الملاءة والرسملة عالميا تصل إلى 13% بشكل عام، وربما تصل الملاءه في بعض البنوك الكبرى إلى 18%،وذلك إلى جانب تجاوز أصول القطاع حاجز 1,4 تريليون درهم''·
وبحسب بيانات المصرف المركزي، فقد سجلت موجودات المصارف في الإمارات معدلات نمو قوية خلال الفترة من 2005 وحتى نهاية شهر يونيو من العام الحالي، حيث بلغ إجمالي الموجودات في العام 2005 اكثر من 624,9 مليار درهم، ومن ثم ارتفعت إلى 865,9 مليار درهم في العام ،2006قبل ان تقفز إلى 1,01 تريليون درهم في شهر يونيو من العام 2007 والى 1,2 تريليون درهم بنهاية ديسمبر ،2007 وإلى 1,34 تريليون درهم بنهاية شهر مارس ،2008لتقفز إلى 1,42 تريليون درهم بنهاية يونيو ·2008
ودعا السعيدي إلى الاستفادة من الأزمة المالية العالمية الحالية بالتحرك نحو تأسيس سوق للإقراض بين البنوك المحلية أو ما يعرف بـ''الانتربنك'' بالدرهم وذلك للتقليل من مخاطر توقف خطوط التمويل الدولية لسبب أو لآخر كما حدث خلال الأزمة الحالية·
وقال إن المصارف العالمية التي كان لديها خطوط ائتمان لتمويل التجارة الدولية والتى قامت بتخفيض هذه الخطوط للمصارف الإماراتية والخليجية، تركت أثارا سلبية، لهذا فإنه ''من الضروري الاستعاضة عن هذه الخطوط بتحفيز انشاء سوق محلية للإقراض بين البنوك بالدرهم''·
وأوضح السعيدي أن قرارات القيادة السياسية للإمارات ستكون مرجعاً لقيادات دول مجلس التعاون وصندوق النقد العربي وصندوق النقد الدولي باعتبارها قرارات توفر الثقة في اقتصاد الإمارات·
وأشار إلى أن الإمارات استقطبت نحو 70 مليار دولار للاستثمار في الأسواق المحلية وهي الأموال التي سميت بالساخنة والتي أسرع أصحابها الأجانب بسحبها من الاستثمارات المحلية بعدما واجهوا خسائر في محافظهم الاستثمارية في الولايات المتحدة الأميركية وقد أعطى ذلك التصرف تأثيراً سلبياً على الأسواق المحلية·
وتوقع السعيدي حدوث هجرة عكسية من الأموال من الخارج إلى الإمارات خصوصاً مع قدرة القنوات المصرفية المحلية على استقطاب الأموال، وفي إطار اتجاه رؤوس الأموال شرقاً حيث أصبح لدى الصين حالياً 8,1 تريليون دولار وأصبح لدى دول مجلس التعاون 900 مليار دولار من السيولة المتوفرة في الأسواق·
وأشار إلى أنه على الإمارات الاستمرار في النهج المالي والمصرفي السليم الذي يسمح لها بأن تشكل السوق الإقليمية الأقوى في المنطقة·
ودعا السعيدي إلى الاستثمار في تمويل إنشاء البنية الأساسية في الدولة من جانب القطاعين الحكومي والخاص لأن ذلك ينشط الاقتصاد المحلي·
واعتبر أن قرارات القيادة السياسية ستعزز ثقة المصارف في نفسها وتعكس ثقة القيادة في المصارف الوطنية وهو ما سيمكنها من تمويل وإقراض المشاريع السياحية والصناعية والتجارية ومشاريع البنية الأساسية واجتذاب الاستثمارات الخارجية·
بدوره، أكد الرئيس التنفيذي لبنك نور الإسلامي حسين القمزي أن السيولة التي أعلن عن توفيرها والبالغة 70 مليار درهم، تؤكد ''بما لايدع مجالا للشك قدرة الحكومة على التعامل المبكر مع الأزمات العالمية للتقليل من انعاكساتها السلبية على الاقتصاد الوطني''·
وتوقع ان تواصل الحكومة تحركاتها في هذا الإطار ليصل اجمالى السيولة التى ستوفرها للقطاع المصرفي إلى ما يقرب من 200 مليار درهم،وهو المبلغ الذي اعتبره القمزي مناسبا لتغطية الالتزامات المالية للمصارف والمحافظة على قوة البنوك·
و أكد القمزي ان وصول السيولة الجديدة إلى القطاع المصرفي سيحتاج فترة، لاسيما وان تفاصيل ضخ هذه السيولة والشروط الموضوعة لذلك لم تتضح بعد·
وأشار إلى ان إعلان الحكومة في اقل من شهر عن اتاحتها لمبالغ تصل إلى 120 مليار درهم يؤكد انها لن تقبل بأية حال تراجع معدلات النمو الاقتصادي، وهو ما دعاها إلى الاستماع إلى البنوك ووجهة نظرها مع بداية الأزمة المالية·
وأوضح أن الأزمة المالية العالمية ستدفع مجالس الإدارات إلى التركيز على تحسين دخل المؤسسات المالية،وستغير نظرة البنوك نحو إدارة المخاطر بشكل أكثر في المرحلة المقبلة·
إلى ذلك، قال عبدالله الهاملي الرئيس التنفيذي في بنك دبي الإسلامي :''تواصل قيادتنا الحكيمة تأمين وتوفير كافة المقومات الضرورية والضمانات اللازمة لدعم القطاع المصرفي والمالي في دولة الإمارات، بما يؤمن استمرار وثبات معدلات النمو القوية التي حققها الاقتصاد الوطني على مدى الأعوام القليلة الماضية·
إضافة إلى ذلك، ترفع هذه المبادرة إجمالي المبالغ التي تم وضعها لمساندة ودعم السيولة المالية في القطاع المالي والمصرفي خلال شهر واحد إلى 120 مليار درهم، مما يساهم بحماية هذا القطاع من التقلبات المالية العالمية من جهة، ويؤكد على قدرة الحكومة الإماراتية توفير والاستجابة السريعة لكل ما من شأنه تأمين الاستقرار للقطاع المالي والمصرفي في الدولة''·
بدوره، أكد محمد إبراهيم الشروقي الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب للشرق الأوسط لمجموعة سيتي المصرفية ان استمرار دعم الحكومة الإماراتية للقطاع المصرفي في الدولة بهذه القوة والإجراءات السريعة، ستكون له نتائج ايجابية أسرع من المتوقع على القطاع المصرفي والاقتصاد الوطني بشكل عام، حيث ستعيد هذه الإجراءات الثقة إلى المصارف وتبدد المخاوف·
وأضاف انه رغم قوة ملاءة البنوك ومتانة القطاع المصرفي في الإمارات إلى ان وقوف الحكومة وراء القطاع بهذا الحجم يعبر عن ثقابة وبعد نظر الحكومة وقراءتها الفاحصة للأحداث والتطورات العالمية·
وقال ان حزمة الإجراءات الأخيرة وقرار توفير 70 مليار درهم كسيولة إضافية للبنوك سيعيد الثقة مجددا لسوق الإقراض ويساعد على المحافظة على مكتسبات النمو الاقتصادي للدولة·
وأفاد احمد لوتاه رئيس المعاملات المصرفية في ''المصرف'' أن القرارات التاريخية لحكومة الإمارات التي تهدف إلى حماية القطاع المالي والمصرفي من الانعكاسات السلبية للأزمة المالية العالمية، عززت من سمعة الدولة عالميا باعتبارها الملاذ الآمن للاستثمار والودائع المصرفية في المنطقة، لافتا إلى ان كثير من المستثمرين قاموا بتحويل أموال كبيرة إلى بنوك في الإمارات فور صدور الإجراءات الحكومية تلك·
وأكد لوتاه ان قرار تخصيص مبلغ 70 مليار درهم جديدة أمام القطاع المصرفي بهذه السرعة يجسد التزام الحكومة بتطبيق الإجراءات التي اتخذتها، والتأكيد على ان هذه القرارات ليست للدعاية وانما هى التزام يطبق بشكل مدروس،وهو ما يؤكده قرار تشكيل لجنه لمتابعة التطبيق تتكون من وزارة المالية ووزارة الاقتصاد والمصرف المركزي·
وأضاف ان السيولة الجديدة ستزيد جرأة البنوك فى المرحلة المقبلة، وتجعلها تخفف تشددها في مجال الإقراض والتمويل،وذلك بعد ان لمست مساندة قوية من الحكومة
المصدر: دبي