الخدمات تستحوذ على 41% من إجمالي نفقات الموازنة و55,2% من زيادة المخصصات
تمثل موازنة 2008 أول ترجمة للاستراتيجية الجديدة للحكومة الاتحادية التي أطلقها صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي والخطط الاستراتيجية للوزارات والجهات الاتحادية، وعكست ترتيب أولوياتها من حيث الخطط والبرامج، من خلال إعطاء الأولوية في توجيه الموارد المالية لتنفيذ الخطط الاستراتيجية للوزارات والجهات الاتحادية لتحقيق الأهداف المحددة لكل هيئة، بما يحقق التنمية الشاملة·
تعد الموازنة العامة الاتحادية للدولة للعام 2008 الأضخم منذ تأسيس الدولة في عام 1972 فقد اقرت الموازنة بإجمالي بلغ 34,9 مليار درهم، وبزيادة نسبتها 23,8 في المئة ما يعادل (6,7 مليار درهم) مقارنة بموازنة العام الماضي·
وبالرغم من هذا الزيادة فقد حافظت الموازنة على غياب العجز للعام الرابع على التوالي محققة توازنا بين النفقات والإيرادات كما عكست النقلة الجديدة في التطور الاقتصادي والاجتماعي للدولة، حيث زادت بواقع 14,5 مليار درهم عن الميزانية الأولى في العام 2000 وبنسبة 71 في المئة·
وتشير الأرقام إلى أن الموزانة العامة الاتحادية في راعت توفير متطلبات كل وزارة والموازنة التشغيلية والمقترحة لتنفيذ الخطة الاستراتيجية للحكومة الاتحادية، وفقا لميزانية البرامج والأداء، على أن يتم تقييم أداء كل وزارة بشفافية عالية، ووفقا لما حددته برامجها الفعلية، والتي التزمت بها·
ولم تتأثر الموازنة بالمتطلبات المالية لتكاليف زيادة رواتب العاملين في الدولة بنسبة 70 في المئة اعتبارا من يناير ،2008 كما أنها تضمنت رصدا للاعتمادات الخاصة بتنفيذ استراتيجية الحكومة الاتحادية الجديدة، والاعتمادات الخاصة بزيادة رواتب العاملين بالحكومة الاتحادية (مدنيين وعسكريين) والاعتمادات الخاصة بزيادة معاشات التقاعد للمدنيين والعسكريين، علاوة على احتياجات تنفيذ المشروعات الحكومية·
وأعطت الموازنة أولوية للخدمات الاجتماعية التي استحوذت على 41 في المئة من مخصصاتها العامة، كما استحوذ قطاع الخدمات، الذي يضم التعليم والصحة والعمل والشؤون الاجتماعية والثقافة والشباب وتنمية المجتمع على النصيب الأكبر من الزيادة في نفقات الموازنة بواقع 3,7 مليار درهم وبنسبة 55,2 في المئة، لتصل إلى 14,4 مليار درهم·
وعكست أرقام الموازنة أهمية قطاع الأمن والعدالة حيث استحوذ على ما نسبته 33,2 في المئة من إجماليها، ونال القطاع 23,8 في المئة من أجمالي الزيادة في هذا العام، لتصل مخصصات الأمن والعدالة إلى 11,6 مليار درهم، وهو ما يتيح لجهات الاختصاص تعزيز الاستراتيجية الكفيلة بتحقيق الاستقرار وزيادة الشعور بالأمان والسلامة لأفراد المجتمع، من خلال استقطاب الكفاءات المواطنة·
ولم تهمل الموازنة باقي بنودها على حساب الخدمات، فقطاع مثل الشؤون الخارجية والذي يمثل واجهة الإمارات في العالم، قد نال اهتمام واضعي الموازنة وتوزيعاتها، حيث رصدت 1,2 مليار درهم، بما يزيد 35 في المئة عن العام ،2007 والتي بلغت مخصصات القطاع خلاله 780 مليون درهم فقط، ونفس الشيء حدث للمنافع الاجتماعية والمصروفات الاتحادية·
وعكست الموازنة أيضاً قطاع التعليم بكل مكوناته ليستحوذ على 27,1 في المئة من إجمالي الموازنة العامة، ومرتفعا من 7,02 مليار إلى 9,47 مليار درهم، وتمثل الزيادة بين عامي 2007 و2008 القفزة الأكبر في مخصصات التعليم خلال السنوات الخمس الأخيرة، بل الأعلى طيلة سنوات العقد الحالي، حيث قفزت من 5,9 مليار في العام 2004 إلى 9,4 مليار في العام الحالي بنسبة نمو 58,8 في المئة وبزيادة 3,5 مليار درهم·
وحاز التعليم على اهتمام خاص في اطار بناء الأجيال، وترجمة الخطة الاستراتيجية لتطوير البيئة المدرسية والاعتماد على التقنيات الحديثة في المدارس ورفع المستوى الأكاديمي لخريجي الثانوية العامة والارتقاء بالمباني والمرافق التعليمية ومستويات تجهيزها وتحسين وسائل نقل الطلاب، وتوفير وظائف أعضاء الهيئة التدريسية لافتتاح المدارس الجديدة· وتمت ترجمة ذلك من خلال زيادة مخصصات التعليم العام إلى أكثر من 7,1 مليار درهم، مقابل 5,2 مليار درهم، بزيادة 2,1 مليار وبنسبة 40 في المئة مقارنة بالعام ·2007 وعلى مستوى التعليم الجامعي فقد جاء الاهتمام من خلال زيادة مخصصات القطاع ليرتفع من مليار و875 مليون درهم إلى مليارين و341 مليون درهم بنمو 24,8 في المئة، وذلك لدعم متطلبات استراتيجية تطوير التعليم العالي والبحث العلمي ولإنشاء المدينة الجامعية الجديدة لجامعة الإمارات وتدعيم الكادر الأكاديمي والإداري للجامعة· وجاءت الشؤون الصحية في قلب اهتمامات الموازنة العامة للعام ،2008 لتحقق أكبر ارتفاع في مخصصاتها في تاريخها ولترتفع من مليار و546 مليون في العام 2007 إلى مليارين و565 مليون درهم، وبنسبة 66 في المئة، وهو الأمر الذي من شأنه ان يعزز برامج الوزارة في تطبيق خطتها الاستراتيجية الرامية إلى اتباع أفضل الممارسات العالمية في مجال الرعاية الصحية وضمان وصول خدمات رعاية صحية شاملة لجميع سكان الإمارات·
وتستهدف الزيادة غير المسبوقة رفع مستوى الوعي الصحي للمجتمع، وتطوير وإنشاء شبكة نظم معلومات للأنظمة الصحية في جميع المستشفيات والمراكز الصحية والربط الإلكتروني للمستشفيات·
وكان معالي الدكتور محمد خلفان بن خرباش وزير الدولة لشؤون المالية والصناعة قال إن زيادة حجم الموازنة الاتحادية لعام 2008 بنسبة 23,8% لا تتضمن أية أعباء ورسوم على المواطنين والمقيمين، لافتاً إلى أن الزيادة التي طرأت على الميزانية بواقع 6,7 مليار دولار تم تدبيرها من النمو في الموارد الناجمة عن زيادة عوائد النشاط الاقتصادي للدولة، ونمو الحاصل في استثمارات الدولة داخلياً وخارجياً·
وقال معالي الوزير خلال الإعلان عن مشروع الموازنة على أنها راعت في مختلف بنودها ومخصصاتها توفير الرعاية والحياة الكريمة لجميع فئات المجتمع والعاملين في الحكومة الاتحادية بزيادة الرواتب بنسبة 70% على الراتب الأساسي، والذي يمثل المكون الرئيسي والأكبر لرواتب العاملين بالدولة·
وأضاف معالي وزير المالية: أن ملامح الميزانية الجديدة تؤكد على أنها ميزانية متوازنة تعكس التوجه الحكومي بالاصدار المبكر للميزانية وبدون أي عجز، وهو ما يعطي للجهات الاتحادية القدرة على تنفيذ خططها والتزاماتها والبدء في البرامج من أول يوم من أيام السنة المالية، مضيفاً أن الميزانية تتضمن زيادة في رواتب العاملين بالحكومة الاتحادية بنسبة 70% تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ''حفظه الله''، وأوامر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، موضحاً أن الزيادة في الرواتب تعكس الاهتمام الحكومي بالعنصر البشري واستقطاب الكفاءات البشرية وتنميتها في الحكومة الاتحادية، وتعزيز التنمية المستدامة، مع الاهتمام بالعنصر البشري أيضاً بعد التقاعد·
وأشار إلى أن الموازنة الاتحادية أعطت الأولوية في توجيه الموارد المالية للهيئات لتحقيق أهداف الخطة الاستراتيجية الاتحادية، حيث تتضمن الميزانية برامج للقياس وتواريخ زمنية لتحقيق مختلف أهداف الاستراتيجية· وأكد معالي وزير المالية على أن الموازنة ليست ميزانية رواتب، بل هي ميزانية شاملة، وتلبي احتياجات المجتمع بالكامل، مشيراً إلى أن مخصصات كافة القطاعات زادت بشكل ملحوظ، امتداداً لزيادات جرت لهذه المخصصات على مدى السنوات الماضية·
الهوية الوطنية وصورة الدولة الدبلوماسية
أهتمت الموازنة بالمشروعات المتخصصة، فقد رصدت 160 مليون درهم لاستكمال مشروع إصدار جواز السفر الالكتروني والبدء في خطة التوطين ودعم ميزانية هيئة الإمارات للهوية، ودعم وزارة العدل بمبلغ 199,4 مليون درهم إضافي للوصول إلى منظومة معاصرة من التشريعات وتقديم خدمات متميزة ترقى لأفضل الممارسات العالمية وتطوير التقاضي واستحداث وظائف·
وراعت الموازنة زيادة رواتب أعضاء السلك الدبلوماسي بمبلغ 320,5 مليون درهم ولتحقيق مصالح الدولة ومواطنيها من خلال سياسة متوازنة وعلاقات استراتيجية متميزة لافتتاح سفارات جديدة وشراء مقار جديدة والعمل على توطين العاملين بالبعثات الدبلوماسية بالخارج وتعزيز دور الدولة في المنظمات الدولية·
ونظرا لأهمية صورة الدولة الخاصة بعلاقات العمل الدولية، فقد وفرت الموازنة 136,7 مليون درهم إضافية لهذا الشأن علاوة على ما تراه استراتيجية وزارة العمل تطوير وتطبيق سياسة سكانية شاملة، واتباع الأمور التي من شأنها حماية مصالح الدولة، وبنفس المنهج والسياسة ثم كان الاهتمام بالثقافة والشباب وتنمية المجتمع، والقطاع الاقتصادي بما يدعم سياسة التحديث والتشريعات الاقتصادية لدعم القدرات التنافسية، وجاذبية الاستثمار·
البنية الأساسية
ولم تغفل الموازنة البنية الاساسية التي -تشمل نحو 1,7 مليار درهم للبنية التحتية- حيث بلغت المخصصات أكثر من 8,4 مليار درهم، ارتفاعا من 6,6 مليار درهم، بنمو 27,2 في المئة، بينما كان الارتفاع في مخصصات هذا القطاع في العام 2005 حوالي 4,3 مليار درهم، أي بزيادة قاربت الضعف، وهو ما يساهم في تعزيز تمويل مشروعات الحكومة الاتحادية في قطاعات الطرق والمستشفيات والمراكز الصحية والصيانة والإضافات للمباني الحكومية·
ومن المتوقع ان ترتفع مخصصات البنية التحتية بعد توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، بتنفيذ بنية تحتية متكاملة وشاملة في الدولة، والتي من المرجح أن تحتاج الى ميزانية تكميلية تغطي الالتزامات الخاصة بالعام ·2008
ومن بين مخصصات البنية الأساسية تلبية طلبات المتقدمين لبرنامج زايد للإسكان بمبلغ 679,6 مليون درهم، و510,6 مليون لمشروعات الطرق، وقد حددت الموازنة مشروعات بعينها مثل طريق دبي - الفجيرة، وطريق المدام - الشويب، والفجيرة - خور فكان، ودوار القصيدات - شعم·
ولم تتجاهل مخصصات البنية الاساسية الاحتياجات الخاصة لترميم المباني والتي وفرت لها 100 مليون درهم، لهذا الغرض، ومخصصات أخرى لمباني المحاكم، والمراكز الثقافية·
المصدر: دبي