تنتشر في إمارات الدولة كلها مجموعة من الفنون التراثية بأغانيها وأهازيجها ورقصاتها الشعبية، وتعكس نخبة القيم الأخلاقية والسلوكيات الاجتماعية والمفاهيم الفنية بكل ما فيها من جماليات سواء في الأداء الحركي أو الشعر البديع أوالغناء الجميل، بشكل يؤثر وجدانياً في النفس البشرية، لأن الفنون الشعبية في الإمارات هي إحدى مفردات التراث والثقافة الشعبية فيها. وينظر «نادي تراث الإمارات» إلى فنون الحربية الخاصة بأعضائه اليافعين من أبناء الدولة على أنها أيضاً نشاط فعال وتعدّ ضمن التواصل بين الناس ونشر البهجة والفرح وأيضاً إحياء تراث الأجداد. من هذا المنطلق، تزينت القرية التراثية في جزيرة السمالية التي تستضيف حالياً مهرجان «الفروسية والهجن» ما قبل الأخير من المهرجانات الخمسة ضمن فعاليات الملتقى الصيفي 2010. واستقبلت بحب وترحاب أعضاء مراكز أبوظبي الذين قدموا من (بني ياس والوثبة والسمحة والشهامة والرحبة والشوامخ) للمشاركة في فعاليات المهرجان. وبعد أن خاض فتيان المراكز دورات ومناشط متعددة في الملتقى تعلموا خلالها تفاصيل من البيئتين البحرية والبرية، قدموا لوحات متنوعة من الفنون الشعبية ومنها (اليولة والرزفة والحربية) التي تحتل جميعها مكان الصدارة في نفوس أهل الإمارات والمقيمين على أرضها، إذ لا تخلو مناسبة وطنية ورسمية واجتماعية من فقرات لفرق الفنون الشعبية. إنما وانطلاقا من حرص إدارة النادي على سلامة المشاركين في الفنون الشعبية بكافة أنواعها، تم توزيع بعض عصي الخيزران عليهم (يمنع كليا استخدام غير الخيزران خلال أدائهم) خاصة أن السيوف والبنادق التي كانت في الماضي تُرفع خلال الرقصات كان الرجال فقط هم من يحملونها وليس الشبان. اصطف الطلاب في صفين متقابلين إيذانا لأداء «الحربية» وهم بكامل الزي الشعبي الخاص بأداء هذه الرقصة التراثية، وكل منهم يمسك بالخيزران الرفيعة بيده ليستخدمها في أداء الحركات الخاصة بفن «الحربية». فيما وقفت مجموعة أصغر في صفين آخرين. بدأ العرض بترديد «شلة» لقنها استشاري البيئة البرية الوالد زايد المنصوري للفتيان، فتلقفها الصف الأول وقام بترديدها شعراً ونغماً، فيما قام الصف الآخر بترديد ما غناه الصف الأول، بحيث أصبح غناء الشلة متبادلاً بين الصفين، واستمر تبادل الغناء بين المشاركين في الصفين حتى استوفت الفقرة الفنية الجميلة. خلال أداء «الرزفة الحربية» دون مصاحبة آلات الإيقاع كونها خالية من الآلات الموسيقية، رغم أنها غنية بإيقاعها اللحني، كانت حركات الفتيان وئيدة وبطيئة تتناسب ونغم الغناء فيها. بينما تناول شعرها حب الإمارات عبر بحر شعري قصير يتناسب وطريقة الأداء الخاصة بالفن. وأشار الوالد المنصوري إلى أن النادي «يقوم دورياً بتدريب الطلبة وتعليمهم الفنون الشعبية أسوة بباقي المناشط والدورات التي يخصصها لهم في عدة مجالات بهدف الحفاظ على تراث الأجداد واستذكار وقائع يومياتهم بما فيها من حماسة وبهجة، فقد كانوا يمارسون هذا الفن الشعبي في مناسبات مختلفة خاصة أن الحربية هي رقصة الفروسية والحماسة والبراعة»