يوسف شعبان: أعلنت التوبة عن السينما بعد فيلم «فخفخينو».. والأجيال الصاعدة تدفن الخبرات
نقل يوسف شعبان مقر إقامته من القاهرة إلى العاصمة السورية دمشق ليتفرغ لشخصية «بطليموس» والد الملكة «كليوباترا» في المسلسل الذي يحمل اسمها ويجري تصويره حالياً في سوريا للعرض على شاشة رمضان. وقبل سفره أنهى كل ارتباطاته الفنية ومنها تصوير دوره في مسلسلات «أكتوبر الآخر» مع المخرج إسماعيل عبدالحافظ و»الجماعة» مع محمد ياسين.
ويقول يوسف شعبان: تجربة «كليوباترا» مهمة ومثيرة وأنا سعيد بتقديم شخصية بطليموس الثاني عشر وهو الشخصية المؤثرة في حياة ابنته كليوباترا.
وعبر عن إعجابه بمخرج المسلسل وائل رمضان لأنه يهتم بالتفاصيل الدقيقة لكل شخصية ويحاول أن يظهرها في أحسن صورة، كما أعرب عن إعجابه بالسيناريو المكتوب بحرفية عالية.
ليست مصرية
وأشار إلى أنه عندما قرأ السيناريو للمرة الأولى شعر بالجهد الذي بذله المؤلف لحشد أحداث ومعلومات كثيرة عن هذا العصر. وقال: «علمت من خلال قراءتي لهذا المسلسل أن كليوباترا ليست مصرية بل بطلمية».
وعن مشاركته في العمل قال: لم أكن على قناعة بقدرتي على تجسيد شخصية بطليموس وكنت أريد اختيار شخصية أخرى لكن المخرج أصر ومنحني ثقة كبيرة كانت عاملاً مساعداً. وأنا سعيد بهذه المشاركة، في عمل تاريخي حواره باللغة العربية الفصحى وذلك كان أحد أهدافي.
وأشار إلى أن مسلسل «كليوباترا» ليس مجرد عمل متحفي يقدم رصداً تاريخياً بقدر ما هو رؤية لتلك الحقبة ويمكن إسقاط ما نعيشه اليوم على ما جرى في الماضي.
وقال إن تميز العمل يأتي من كونه مباراة في التمثيل بين مجموعة من الفنانين الذين لا ينطبق عليهم منطق الدور الصغير والدور الكبير ولكن قيمة الأدوار التي تستطيع الوصول إلى الإنسان المثقف والعادي.
لا مع ولا ضد
وأضاف يوسف شعبان: أشارك في مسلسل «الجماعة» إخراج محمد ياسين وتأليف وحيد حامد حيث أؤدي دور رئيس وزراء مصر «النقراشي باشا» وهو أحد قادة ثورة 1919 وترأس الوزارة مرتين واغتيل في 28 ديسمبر 1948 بعد أن أصدر قراراً بحل جماعة الإخوان المسلمين في نوفمبر 1948 وقد تخفى القاتل في زي أحد ضباط الشرطة وركب معه المصعد ثم أطلق عليه ثلاث رصاصات، وبعد القبض على القاتل اعترف بأنه ينتمي لجماعة الإخوان والموضوع شائك جداً خاصة حين تكشف الأحداث في مسلسل «الجماعة» أن القاتل أيضاً من الطلبة الذين كانوا ضمن مظاهرات كوبري عباس عام 46 وأصدر النقراشي قراراً بفتح الكوبري ليغرق المتظاهرون الذين كانوا من طلبة الجامعة.
وقال شعبان: المسلسل مكتوب بشكل متميز وسيكون من الأعمال التي يصاحبها جدل كبير جداً وإن كنت أرى أن المسلسل يتناول بحياد كبير بداية جماعة الإخوان.
وعن جدوى تقديم عمل عن الإخوان المسلمين الآن قال: وجهة نظري الشخصية احتفظ بها ولا أريد الإفصاح عنها وأترك الإجابة للكاتب وحيد حامد ورغم الاتفاق أو الاختلاف فقد كتب عملاً شديد الموضوعية لا مع ولا ضد، ولكنه يرصد طبيعة المرحلة التي بدأ فيها تيار الإخوان المسلمين في الظهور والظروف السياسية والاقتصادية التي مرت بمصر في هذه المرحلة وكان لها التأثير الكبير على بنية المجتمع.
هزيمة الفساد
وعن مسلسل «أكتوبر الآخر» يقول: هو ثالث عمل يجمعني بالمخرج إسماعيل عبدالحافظ بعد «الشهد والدموع» و»امرأة من زمن الحب» وهو مخرج متمكن أحب التعامل معه وأجسد في المسلسل دور الأخ الأكبر لفاروق الفيشاوي وهما شخصيتان متناقضتان تماماً دخلا معركة الحياة وخرجا مختلفين في المبادئ والقيم ويحدث بينهما صراع كبير، فأنا أحد رجال الأعمال حيث اعتنق مبادئ المرحلة الجديدة التي دخلتها مصر بعد حرب أكتوبر فأكون نموذجاً للفساد وضياع كل المعاني الجميلة والغريب أن الصغير هو الذي يتمسك بالمبادئ التي زرعها فيه الأب.
ويضيف: «أكتوبر الآخر» المقصود به أننا في حاجة إلى أكتوبر آخر ليكون نصراً جديداً لنا ولكن هنا الهزيمة تكون للفساد والمبادئ الجديدة التي ظهرت على أنقاض أخلاقنا وأباحت كل شيء من أجل المصلحة فنحن في حاجة لأكتوبر آخر يعطينا الثقة بأنفسنا ويعيدنا كما كنا أسوياء.
دفن الخبرات
وعن عدم تحقيق النجاح للأعمال الدرامية الآن مقارنة بنجاح المسلسلات القديمة مثل «الشهد والدموع» و»المال والبنون» قال: العمل الفني نتاج للمرحلة التي يقدم فيها، وزمان كانت الأعمال تنتج لأنه كان يوجد ترابط عائلي وحب بين الناس فكان الناس يلتفون حول الشاشة لأن العمل يمسهم ويعبر عنهم وبالتالي كنا نحب العمل لأن المردود كان محسوساً، أما الآن مع كثرة القنوات الفضائية فقد تاهت الأعمال وأحياناً المشاهد يختار عملاً لمشاهدته ولا يشاهد بقية الأعمال ولا يكون لها أثر، كنا زمان نحب العمل وكل واحد يعمل دوره بكل ما لديه من حب وثقافة ومناخ جميل لكن الآن تغير كل شيء، ولكن هذا المناخ الجميل ما زال موجوداً في سوريا ولذلك لديهم أعمال متميزة لأنها ما زالت تحوي هذه الروح.
وقال إن الأسرة الفنية زمان كانت فعلاً أسرة فنية بمعنى الكلمة، علاقاتهم طيبة مع بعضهم ويخافون على بعض، والآن تحاول الأجيال الصاعدة دفن الخبرات حتى يصعدوا هم فقط!
وأضاف: علاقتي بزملاء جيلي حتى الآن قوية ومنهم فاتن حمامة وماجدة وشادية وهند رستم لأنهن يمثلن زمن الفن الجميل والارتباطات الأسرية قوية جداً معهن.
خدعة «فخفخينو»
وعن ابتعاده عن السينما قال: أنا تائب عنها بعد فيلم «فخفخينو» الذي خدعت فيه واعتقدت أنه فيلم سينمائي لاكتشف بعد ذلك أنه لم يتعد حدود الفيلم التليفزيوني وميزانيته ضعيفة لا تتجاوز ثلاثة ملايين جنيه وحالياً عندما أشاهد فيلماً جديداً أصاب بصدمة من الحال التي وصلت إليها السينما.
وقال: زمان سيناريو الفيلم كان يكتبه السيناريست مثل علي الزرقاني أو عبد الحي أديب في عام أو اثنين، والآن تتم كتابة السيناريو في ثلاثة أيام وبالتالي ظهرت نوعية من المخرجين الذين يعملون لدى المنتجين على عكس ما كان في السابق حيث المنتج كان يعمل عند المخرج لتحقيق طلباته وحالياً لا يعمل المخرج من أجل العملية الفنية.
وأضاف أن مشاركة كبار النجوم حالياً في أعمال نجوم السينما الشباب شيء سليم مئة في المئة لأنني كنت معترضاً على أن يقوم نجوم الشباب ببطولة الأفلام السينمائية بمفردهم وشعرت بأن الجيل الجديد ليس لهم أهل. وقال: علينا أن نصنع نهضة سينمائية حقيقية مثلما فعلنا من قبل فعندما بدأت نجوميتنا في الصعود كان يوجد عمالقة، مثل فريد شوقي وعماد حمدي ورشدي أباظة وكمال الشناوي، متعه الله بالصحة، وعملنا معهم ولم نستبعدهم.
وأضاف: الجيل الجديد تركنا وذهب بدليل أن كل نجوم جيلي وهم محمود ياسين ونور الشريف وحسين فهمي اتجهوا للدراما التليفزيونية لأنهم لم يجدوا تواصلاً مع جيل الشباب، مع أنني عندما كنت نقيباً لم أسمع عنهم وعلمت أنهم يعملون بتصاريح مؤقتة.
المصدر: القاهرة