85 مواطنة يدخلن مجال السياحة والسفر عبر «مركز الاتصال» بالعين
أبوظبي تتربع على مجد السياحة باعتراف الخبراء المتخصصين، لما تزخر به من معالم ترفيهية ومرافق للضيافة. وحرصاً منها على المساهمة في رسم المشهد الخدماتي الراقي للإمارة، كانت “الاتحاد للطيران” الناقل الرسمي للدولة السباقة إلى إشراك المواطنين في هذه المسؤولية. ومن أحدث مبادراتها تعيين 85 مواطنة في “مركز العين للاتصال” الذي تم افتتاحه قبل شهرين، للعمل على تلقي مكالمات العملاء وإنجاز معاملات السفر من الحجز إلى إصدار التذاكر ومتابعة تفاصيل الرحلات.
تواصل “الاتحاد للطيران” توسيع فرص التوظيف للمواطنين، واضعة في اعتبارها أن خدمة القطاع السياحي لا تقتصر على الوجهات الثقافية والترفيهية وحسب. والسبب أن التطور الحاصل في عالم السفر وما يحيط به من خدمات تنافسية، لا يمكن أن يرضى بأقل من التصنيف الأول. وهكذا كانت الفكرة بإنشاء مركز الاتصال الجديد قي مدينة العين، ليكون مخصصاً للمواطنات تحديداً. وبصفتها الواجهة السياحية الأولى التي تعكس خدمات الضيافة في الدولة، منذ لحظة الحجز إلى حين دخول البلاد عبر المطار، كثفت الشركة جهودها لإنجاح هذه الخطوة. وبذلك تمكنت من تحقيق أكثر من هدف في آنٍ. رفع نسبة القوى العاملة المواطنة مع احترام ثقافة البلاد، وتجهيز بيئة ملائمة لعمل الموظفات، إضافة إلى منح العملاء من داخل الدولة وخارجها صورة راقية عن ابنة الإمارات المثقفة والمتعلمة، إذ إن حفاظها على العادات والتقاليد، لا يمنعها من أداء واجبها الوطني والالتحاق بوظيفة تأهلها لأن تساهم على طريقتها في تعزيز مهنة السياحة والسفر في البلاد.
قاعة العمليات
توجهنا إلى “مركز العين للاتصال” التابع لشركة “الاتحاد للطيران”. وهناك حيث المكان يقتصر على الوجود النسائي من الحراسة إلى قسم الاستعلامات، كان الهدوء سيد الموقف. بخطوات هادئة، عبرنا إلى “قاعة العمليات” كما يطلق عليها، وبصعوبة حاولنا الدردشة مع عدد من الموظفات اللاتي لا يجدن متسعاً من الوقت بين المكالمة والأخرى. وهن أخذن يتحدثن بثقة عن أهمية التحاقهن بـ”الاتحاد للطيران”، لا سيما أن الوظيفة تخدم طموحاتهن وتراعي خصوصيتهن في العمل ضمن مجتمع محافظ. وبلغة إنجليزية طليقة عرضن لأبرز المهام التي يتطلبها أداؤهن، ودورهن الاستثنائي المبني على أعلى مستويات التواصل وخدمة المتصلين وتقديم المشورة والنصح لهم.
شكراً لاتصالك
“شكراً لاتصالك بـ”الاتحاد للطيران” معك أمل علي الشامسي، تفضل كيف أساعدك؟” بهذه العبارة الترحيبية بدأت الرد على اتصال أحد العملاء الذي كان يرغب في تعديل حجزه. كانت تضع جهاز السمع على أذنيها وتتحدث بصوت منخفض من خلف “الميكروفون”. المكالمة لم تستغرق وقتاً طويلاً؛ لذا تمكنا من الكلام، وإلا كان لا بد من الانتظار؛ لأن من واجب الموظفة أن تجيب على كامل استفسارات العميل. أمل باشرت حديثها بابتسامة رضا كشفت عن تفاعلها الكلي مع وظيفتها. “أحمد الله على التحاقي بهذه الشركة المرموقة، وأنا سعيدة جداً بأدائي الذي أشعر أنه يتطور مع الوقت. أحمل شهادة في الإعلام، وأعتبر عملي هنا تجربة ممتازة على الصعيد المهني، وأطمح من خلالها إلى التطور الوظيفي”. ومن الواضح فعلاً اندفاعها لاكتساب المزيد من الخبرات، لا سيما أنها بخلال فترة قصيرة لا تتعدى الشهرين منذ افتتاح المركز، تقوم بالمساعدة في تدريب المنتسبات الجديدات.
تذكرة وإجازة
كانت حمدة محمد الكعبي قد أنهت للتو حجز تذكرة لأسرة أوروبية تنوي قضاء إجازة الصيف في أبوظبي، عندما تحدثت إلينا، معربة عن سعادتها في الوظيفة الجديدة التي عززت ثقتها بنفسها. تقول: “أنا خريجة بكالوريوس تربية، ولكني فضلت العمل في مجال السياحة والسفر الذي أعتز بتميزه في بلادي”. وتضيف أنها خضعت مع زميلاتها إلى فترة تدريب دامت 10 أشهر، وكانت من ضمن الدفعة الثانية للبنات اللاتي التحقن بالمركز. “وقد استفدت كثيراً من المعلومات التي حصلت عليها خلال الدورة، ومع ذلك، أشعر بأن التجربة الحية يوماً بعد يوم تزيد من قدرتي على تخطي العقبات التي قد تواجهني”.
ننتقل بالحديث إلى مريم الشامسي، وهي خريجة تقنية معلومات، يعجبها التعامل مع العملاء والتدرب على كيفية استيعاب مختلف الجنسيات. تقول: “مهنتنا تعلمنا الصبر والقدرة على تحمل أمزجة الجميع من دون تلكؤ، ولا تأفف؛ لأن هدفنا إرضاء العميل”. وتذكر أن المتصلين، منهم المستعجلون ومنهم العصبيون، “أما نحن فمهما كانت أحوالنا وظروفنا فمن الواجب علينا أن نظهر الوجه الحسن وأن نتلفظ بأكثر العبارات لباقة”. وتشير إلى أن أجواء العمل الذي يقتصر على النساء، يشعرها وزميلاتها بالراحة. وتعتبر أن من شروط النجاح في مثل هذه الوظيفة، عدا عن المهارات اللغوية والتقنية، هو القدرة على العمل تحت الضغط. “إضافة إلى التحلي بتهدئة العميل الذي قد يكون مزاجه سيئا، والاستماع إلى شكاوية مع محاولة إيجاد الحلول لمختلف الصعوبات”.
45 مكالمة
من جهتها وحيدة محمد البلوشي المعروفة بصبرها، والتي خضعت لـ8 أشهر من التدريب المتواصل، تصف مهنتها بالممتعة. “نحن حالياً 85 موظفة، تتلقى كل واحدة فينا معدل 45 مكالمة في اليوم. وهذا يجعلنا نستعد شيئاً فشيئاً لإنجاز المزيد من المعاملات في قت قصير”. وتلفت إلى كمية الاتصالات التي تأتي إلى المركز من قبل العملاء الأجانب، مؤكدة أنه لا مشكلة تذكر فيما يتعلق بالتفاهم معهم. “لأننا جميعاً نتحدث (الإنجليزية) بطلاقة، وقد بدأنا نتأقلم مع أسلوبهم في الاستفسار عن أدق التفاصيل. ونتعامل معهم بالطريقة التي تريحهم وتجعلهم يحجزون معنا وهم مطمئنون”.
وتتحدث سامية عبد الرحيم مديرة “مركز العين للاتصال” التابع لـ”الاتحاد للطيران” عن أهمية هذه المبادرة في توظيف المواطنات في مجال الرد على اتصالات العملاء. وتورد أن “الاتحاد للطيران” الناقل الوطني للدولة تتبع استراتيجية توطين ناجحة لكونها تدرك مسؤوليتها نحو توفير فرص العمل للمواطنين الإماراتيين في قطاع صناعة الطيران، مع الاستفادة من مهاراتهم وخبراتهم بما يخدم الشركة. وتذكر أن برنامج التوطين الذي تتبناه الشركة يطرح سلسلة واسعة من فرص العمل للمواطنين والمواطنات بما في ذلك برنامج تدريب الطيارين وبرنامج التطوير الهندسي التقني وبرنامج التطوير الإداري للخريجين الجدد وبرنامج مركز الاتصال.
وتؤكد أن الشركة ماضية في توطين الوظائف، أما بالنسبة لمركز الاتصال في العين، فسوف يستمر في استقبال المزيد من الموظفات. والدفعة التالية تتضمن 15 مواطنة سوف يلتحقن بالمركز بداية شهر يونيو المقبل.
سفيرات
من أهم المشاريع التي تضعها “الاتحاد للطيران” ضمن أولوياتها الوصول إلى توطين الوظائف بنسبة تزيد على 15%. وقد بدأ مركز الاتصال في الشركة عام 2003 بـ8 موظفين فقط، في حين أن العدد زاد أضعاف المرات ليصل إلى 200 موظف من 23 جنسية. بينهم 32 مواطناً يشغلون وظيفة مديري الأداء الوظيفي، إضافة إلى 85 موظفة في “مركز العين للاتصال”. ويضم المركز وكلاء الاتصال، وفريق الاتصال ومدير المركز، وجميعهم من الإناث. وكل موظفة من الموظفات هي سفيرة للشركة أمام العملاء على امتداد العالم.
أهم الوظائف
يصنف العمل في مراكز الاتصال على أنه من أهم الوظائف في شركات الطيران؛ لأنه يمثل أول نقطة اتصال مع الجمهور. ويعتبر إلحاق نخبة من المواطنات المتدربات والمثقفات ضمن كادر الـ”الاتحاد للطيران”، إضافة قيمة في النهج العام لهيكلية العمل. وتعكس هذه المبادرة التوجه العام لإمارة أبوظبي دعماً لحصول ابنة البلد على وظيفة تليق بها. ومركز العين تابع لمكتب أبوظبي للاتصال الذي يضم حالياً 20% من المواطنين من إجمالي عدد موظفيه.
تدريب
بدأت برامج التدريب الوظيفي للمواطنين في “الاتحاد للطيران” عام 2007. وتضم الشركة حالياً أكثر من 150 مواطناً “أي ما نسبته 13بالمئة من الموظفين” يشغلون وظائف مختلفة. بينهم 115 طياراً ومهندسون وإداريون، إضافة إلى تولي المواطنين عملية الإشراف على المحطات الخارجية، في “ميونيخ” و”ملبورن” و”نيويورك” و”كوالالمبور” والدوحة، وقريباً في كوريا. وخلال العام الفائت، عقدت الشركة دورة تدريبية للغة الإنجليزية استمرت 10 أشهر، وضمت 28 مواطناً من مختلف الأقسام. أشرف عليها “المجلس الثقافي البريطاني”، وعقدت في “مركز التدريب المتخصص” بالأكاديمية التابعة للشركة.
92% خريجات
يعد مركز الاتصال في مدينة العين أحدث المبادرات التي أدخلت إلى مخطط التوطين المبتكر الذي تتبناه “الاتحاد للطيران”. ويتألف حالياً من 6 فرق من الموظفات. تم التعيين من خلال “معرض العين للتوظيف” الذي أقيم في مايو 2010، وتم الترشيح من قبل “جامعة أبوظبي” و”مجلس أبوظبي للتوطين”. ويذكر أن 92% من العاملات في المركز هن من الخريجات، وقد خضعن لبرنامج تطوير مهني دام 10 أشهر. شمل التدريب دورات تعليم للغة الإنجليزية، ومهارات خدمة العملاء وبرنامج تعريف شامل لدى “الاتحاد للطيران”. أما قيمة الاستثمار الذي رصدته “الاتحاد للطيران” في التوطين، فهي 1.9 مليون درهم.
المصدر: أبوظبي