قصائد تستعير مفردات شعر المقاومة
أقام النادي الثقافي العربي في مقره بالشارقة مساء أمس الأول أمسية شعرية بمناسبة انتهاء فعاليات “القدس عاصمة للثقافة العربية للعام 2009، وشارك فيها عشرة من الشعراء: جميلة الرويحي وحسن الأحبابي وسعيد الطنيجي من الإمارات، والدكتور خالد علي والدكتور أكرم قنبس وغزل مصطفى من سوريا وحسن أبو دية ونعيمة حسن ونصر بدوان من فلسطين، ومصعب ثروت من مصر. وأدارها الدكتور إبراهيم الوحش.
يمكن القول إن القراءة الشعرية لجهة علوّ صوت الشاعر وارتفاعه عن المنبر، إنْ صحّت قراءة الأمسية من هذه الناحية قد انقسمت إلى ثلاثة أصوات: الأعلى، فالخافت حتى أن الشعر يكاد يكون شعر الصمت والهدأة فذلك الذي يجمع ما بينهما، غير أن الشعر، الذي هو شعر مناسبة بامتياز هنا، كان في أغلبه قد تنوّع ما بين الشعر العربي الكلاسيكي فالتفعيلة وقد خالطه القليل من الشعر بالمحكية الإماراتية.
أما الصوت الأكثر خفوتا فكان للشاعرة غزل مصطفى، حيث قرأت قصيدة ربما أكثر جدارة بأنْ تقرأ تلك القراءة الصامتة التي يقوم بها المرء وحده بعيداً عن الآخرين.. قصيدة تحمل الحبر ودم الأنبياء والشهداء كما تحمل كل شهادات الولادة وتتقدم بها إلى الحياة، بحسب ما يمكن تأويله مما جاء في هذا النص الذي قرأته صاحبته بنوع من الحياء ربما، إنما بثقة خاصة بها.
أما اختلاط الواقع المُعاش باستعارات تاريخية تبدأ من السيد المسيح والتراجيديا الخاصة به لتتنقل عبر أزمنة وأفكار في قصائد كلاسيكية عربية هي أشبه بالمطولات المأخوذة بالإيقاع فربما كان الدكتور أكرم قنبس هو أكثر مَنْ بدا أكثر قرباً إلى الصوت الأعلى في الأمسية من بين الشعراء الذين قرأوا قصائد عمودية.
وإجمالاً فإن الإلقاء في أغلب قصائد الشعراء قد امتاز بمنبريته العالية سواء بارتفاع الصوت البشري أو بالتكرار المقصود لجذب السامع.
جاءت بعض القصائد وقد استعارت الكثير من مفردات ما عُرِف بشعر المقاومة العربي في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي فلاح طيف لمحمود درويش لوهلة عند بعض الشعراء سواء في محاكاة طريقته في الإلقاء أو شعره خاصة قصيدته: يطير الحمام، وذلك عدا تلك الأخطاء التركيبية والنحوية في قصائد أخرى بدا أن عهد أصحابها بالمنبر لا يزال غضاً.
ولأن القدس هي المناسبة، ولما لها من مكانة عميقة في الوجدان العميق للعرب فقد انطوت أغلب القصائد، بما فيها ما قيل بالمحكية الإماراتية على لسانَيّْ حسن الأحبابي وسعيد الطنيجي، قد انطوت على وعي ديني بلغ أحياناً حدّ التطرّف، رغم دفء هذا الشعر ودعوته العرب لنصرة القدس وأهلها ومخاطبته مشاعر الناس عموماً الخاصة بهذا الأمر على وجه التحديد.
أما القراءة التي جاءت بين منزلتي ارتفاع الصوت وخفوته فكانت للشاعر حسن أبو دية، ربما لأن الشعر كان يهب من جهة ذاكرة شخصية ولأن فيه أسئلة، حيث الأسطورة فيها تحاكي الواقع عند “ملتقى الكلمات” بتعبيره، وحيث التأمل الفردي يعلو شأناً على التاريخي دون إسقاط لشرط كل ما هو تاريخي إنما بقراءة منطوقة على لسان الفرد لا الجماعة.
المصدر: الشارقة