أبوظبي (الاتحاد)

يبدو أن تعزيز جسم الإنسان بأجزاء روبوتية، أو ما يُعرف في أفلام الخيال العلمي بـ«سايبورغ» في إشارة إلى اندماج الإنسان والروبوت، أوشك أن يكون واقعاً، بفضل بحث جديد أجرته مجموعة «ليبر» البحثية في جامعة «هارفارد» الأميركية بالتعاون مع علماء من جامعتي «سري» البريطانية و«يونسي» الكورية.
وتمكّن الباحثون من تصنيع «مجسات نانونية» بالغة الصغر يمكن دمجها في جسم الإنسان وتُسجّل آلية عمل خلايا القلب والخلايا العصبية الرئيسية.
وأشار الباحثون إلى أن القدرة على قراءة وتسجيل الأنشطة الكهربائية من داخل الخلايا يمكن أن يُحدث تطوراً كبيراً في الإجراءات الطبية البيولوجية، مثل تخطيط نشاط المخ والجراحات التعويضية للأعصاب.
وأضافوا أن تطوير أدوات جديدة لمعرفة الفيزيولوجيا الكهربائية داخل الخلايا على نحو يكشف آلية عملها، مع تقليص رفض الجسم لتلك الأدوات من شأنه تحقيق فهم أعمق للنشاط الكهربي للخلايا وشبكاتها في الأنسجة البشرية، ومن ثم اكتشاف اتجاهات جديدة للتداخل بين البشر والآلة.
وفي ورقة بحثية نشرتها دورية «نيتشر نانوتكنولوجي»، أوضح علماء من معهد «أدفانسد تكنولوجي» في جامعتي سري وهارفارد كيف أنتجوا مجموعة من المجسات النانونية بالغة الصغر على شكل حرف «U»، لتسجيل النشاط داخل الخلية البشرية.
وأكدوا أن هذه المجسات تمكنت من تسجيل النشاط الداخلي للخلايا العصبية بوضوح شديد، ولهذه المجسات قدرة على إجراء تسجيلات متعددة في آن واحد.
وقال الدكتور يونلونغ زهاو من معهد أدفانسد تكنولوجيا: «إذا كان المتخصصون في المجال الطبي يواصلون العمل من أجل فهم أفضل لحالتنا الجسدية بهدف مساعدتنا على العيش لفترة أطول، فمن المهم أن نواصل نحن أيضاً اكتشاف حدود العلم الحديث من أجل منحهم أفضل الأدوات الممكنة للقيام بمهمتهم». وأوضح أنه من أجل تحقيق ذلك، فإن التداخل بين البشر والآلات بات حتمياً.
وأفاد بأن تلك المجسات المكونة من «أسلاك نانونية قابلة للتمدد» أداة قوية جداً يمكنها قياس الإشارات داخل الخلايا. ونوّه إلى أنها تمثل طفرة مقارنة بالتقنيات التي كانت تستخدم في السابق لمعرفة نشاط الخلايا مثل تقنية «الالتقاط الرقعي» الخاصة بدراسة التيارات الكهربائية داخل الخلايا.
ولفت إلى أن المجسات النونية تتميز بأنها قابلة للتمدد ولا تتسبب في تلف الخلايا، مضيفاً: «توصلنا إلى الحجم ودرجة الانحناء اللازمين لإدخال الأداة إلى الخلية وتسجيل إشاراتها».
من جانبه، قال البروفسير تشارلز ليبر من قسم الكيمياء والبيولوجيا الكيميائية في جامعة هارفارد، إن هذا العمل يمثل خطوة كبرى على طريق حل المشكلة العامة بدمج مجسمات دقيقة داخل الخلايا، ومن ثم مواجهة تحدي تسجيل نشاط الخلايا من الداخل.
وأوضح ليبر أن جمال العلم بالنسبة للعلماء هو استغلال التحديات في وضع الافتراضات وتحقيقها في المستقبلة. ونوّه إلى أنه على المدى الطويل نرى أن تطوير هذه المجسات سيضيف إلى قدراتنا ويدفع في نهاية المطاف إلى تداخل عالي الدقة والتطور بين مخ الإنسان والآلة، وربما يؤدي إلى جعل فكرة سايبورغ واقعاً.
وذكر البروفسير رافي سيلفا، مدير معهد أدفانسيد تكنولوجي في جامعة سري، أن هذا الإنجاز المثير والطموح يوضح قيمة التعاون الأكاديمي.
وأشار إلى أنه إلى جانب إمكانية تحسين الأدوات التي نستخدمها لمراقبة نشاط الخلايا، فإن هذا العمل أرسى دعائم دمج الروبوت والبشر على نحو يمكن أن يحسن الحياة في أنحاء العالم.
ويعمل يونلونغ زهاو وفريقه حالياً على أدوات جديدة لتخزين الطاقة، وأدوات إلكترونية حيوية، وأجهزة استشعار حيوية وأنظمة إلكترونية مرنة ثلاثية الأبعاد.