سمر إبراهيم (القاهرة)
كشف مصدر دبلوماسي في جنوب السودان لـ«الاتحاد» عن أن رئيس جنوب السودان سيلفاكير ميارديت كَلف مستشاره للشؤون الأمنية ورئيس لجنة ما قبل الفترة الانتقالية، توت جاتلوك، بمخاطبة جميع الأحزاب والجماعات الموقعة علي اتفاق السلام المنشط لبحث تطورات عملية السلام في البلاد وحلحلة عدد من القضايا العالقة بملف السلام. وأضاف المصدر أنه تمت مخاطبة زعيم المعارضة المسلحة رياك مشار، المقيم بالخرطوم، وقدمت له الدعوة للعودة إلى جوبا لمناقشة القضايا العالقة لتنفيذ السلام، أبرزها «تجميع القوات لتوحيد الجيش الشعبي، وتحديد عدد الولايات بالبلاد»، لكن مشار اعتذر عن عدم الحضور إلى جوبا، وطالب برفع الإقامة الجبرية عنه من قبل الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق أفريقيا «الإيجاد»، قائلاً «أنا مسجون ولا بد من فك الأسر أولاً» حتى أستطيع العودة إلى جنوب السودان.
في سبتمبر من العام الماضي، وقع طرفا النزاع في جنوب السودان الرئيس سيلفاكير ميارديت، وقائد المعارضة المسلحة رياك مشار، على اتفاق السلام برعاية منظمة «الإيجاد» وهو الاتفاق الذي أنهى الحرب الأهلية عقب 5 سنوات من الدمار أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين أيضاً، وشمل الاتفاق تحديد فترة ما قبل الفترة الانتقالية، ومدتها 8 أشهر كان من المفترض أن تنتهي في شهر مايو الماضي، ومن ثم تشكيل حكومة وطنية، ثم تحديد فترة انتقالية مدتها 3 سنوات و6 أشهر، تنتهي بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، ولكن تم تأجيل تلك الفترة إلى شهر نوفمبر المقبل حتى توفي الحكومة بجميع تعهدات اتفاق السلام وتنفيذ بنوده كاملة.
وحتى اللحظة الراهنة لايزال قائد المعارضة المسلحة قيد الإقامة الجبرية في الخرطوم، ولا يزال الاتفاق يواجه صعوبات عديدة لتنفيذه على أرض الواقع، ومن ثم قدم الرئيس دعوة إلى مشار للعودة إلى البلاد، لبحث ومناقشة بعض القضايا العالقة في ملف السلام.
وقال الصحفي بجريدة الموقف الجنوب سودانية شوكير ياد، إن زعيم المعارضة المسلحة شرط عودته ليس فقط بإطلاق سراحه ورفع الإقامة الجبرية عنه، بل شرطها أيضاً بتنفيذ بند الترتيبات الأمنية في اتفاق السلام، خاصة أن اتفاق السابق الذي وقع بين أطراف النزاع في جنوب السودان عام 2015 انهار بسبب عدم تنفيذ البنود المتعلقة بالترتيبات الأمنية الداخلية بالبلاد.
وأضاف ياد لـ «الاتحاد» أن مشار لن يعود إلى جوبا دون الحصول على ضمانات سياسية تضمن له دمج قواته مع قوات الجيش النظامي خلال المرحلة الحالية للانتهاء من تشكيل الجيش الشعبي، وأوضح أن الرئيس كير ومشار سوف يعقدان جلسة مباحثات قريبة خلال شهر يوليو الجاري لتقريب وجهات النظر فيما بينهما حول القضايا العالقة في ملف السلام، وتنفيذ عدد من بنوده، مشيراً أن اللقاء سيعقد في إحدى الدول الأعضاء بمنظمة «الإيجاد» كـ «أديس أبابا» الرئيس الحالي للمنظمة، خاصة أنها هي التي ترعى اتفاق السلام، مرجحاً أن يشارك رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في اللقاء.
من جانبه، قال الباحث الجنوب سوداني بمركز دايفرسيتي للدراسات السياسية والاستراتيجية بالخرطوم باطومي ايول، إن عودة مشار إلى جوبا تُعد المدخل الأهم والضمان المثالي لتنفيذ اتفاق السلام المنشط في جنوب السودان، إذ تعتبر الحركة التي يرأسها الشريك الأساسي لتنفيذ الاتفاق بجانب التنظيمات الأخرى، خاصة أن ذاكرة الأحداث الماضية في البلاد تُشير إلى إمكانية انهيار السلام إذا تكرر السيناريو السابق نفسه، ومن ثم يترتب عليها اندلاع الحرب الأهلية مجدداً.
وأضاف ايول لـ «الاتحاد» أن زعيم المعارضة المسلحة يخشى تكرار سيناريو ما حدث له في البلاد عقب انهيار السلام عام 2016، حيث كانت حياته معرضة للخطر وكادت تودي بها، ولذلك هو يرفض العودة مجدداً دون الحصول على ضمانات سياسية بتنفيذ بنود اتفاق السلام، ولكن ليس هناك تخوفات حقيقية كما يراها مشار بشأن تنفيذ الاتفاق، خاصة أن الجانب الحكومي هو المعني بتهيئة أجواء تنفيذ بنود الاتفاق، وأكد أن عودته تُعد خطوة مهمة وجادة في المرحلة المقبلة لضمان أو تأكيد تنفيذ الاتفاقية، برغم رفض أعضاء حركة مشار عودته إلى جوبا قبل ضمان تنفيذ الجزء المعني بالترتيبات الأمنية والتي تعد الضمان الأوحد بالنسبة للمعارضة المسلحة.