عمار يوسف، وكالات (الرياض)

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، أمس، أهمية الحفاظ على لبنان ضمن محيطه العربي.
جاء ذلك خلال استقبال الملك سلمان في جدة أمس، رؤساء وزراء لبنان السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام الذين وصلوا إلى المملكة في وقت سابق أمس، حسبما أفادت وكالة الأنباء السعودية الرسمية «واس».
وذكرت الوكالة أن الملك سلمان استعرض مع رؤساء الوزراء الثلاثة السابقين العلاقات الأخوية بين المملكة ولبنان، وتأكيد حرص المملكة على أمن لبنان واستقراره، وأهمية الحفاظ على لبنان ضمن محيطه العربي، إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحة اللبنانية.
وصدر عن ميقاتي والسنيورة وسلام عقب اللقاء، بيان جاء فيه: «لقد كانت مناسبة طيبة، إذ عبر خادم الحرمين الشريفين عن سعادته باستقبال الوفد المؤلف من رؤساء الحكومة السابقين والاستماع إليهم في ظل ما يهم لبنان وعلاقاته الأخوية مع المملكة العربية السعودية، وهو ما أكد أهمية تعزيز العلاقات الأخوية التاريخية التي تجمع بين المملكة العربية السعودية ولبنان وبين الشعبين الشقيقين، والجهود الخيرة التي يبذلها رؤساء الحكومة السابقون إلى جانب رئيس الحكومة سعد الحريري من تعزيز العلاقات الأخوية الوثيقة بين المملكة ولبنان». وأضاف البيان: «أكد خادم الحرمين الشريفين حرص المملكة القوي والثابت على لبنان واستقلاله وسيادته والحفاظ على وصيانة اتفاق الطائف لكونه الاتفاق الذي أنهى الحرب الداخلية في لبنان، وأكد أهمية صيغة العيش المشترك بين جميع اللبنانيين بشتى طوائفهم وانتماءاتهم وكل ذلك تحت سقف الدستور واحترام القوانين والشرعية العربية والدولية، وأن المملكة لن تدخر جهداً من أجل حماية وحدة لبنان وسيادته واستقلاله». وتابع: «أكد خادم الحرمين الشريفين أهمية إعادة الاعتبار والاحترام للدولة اللبنانية وقدرتها على بسط سلطتها الكاملة وبقواها الشرعية على جميع مرافقها وأراضيها، وكذلك قدرتها على استعادة هيبتها بما يعزز من وحدة اللبنانيين».
وفي السياق، قال رئيس الوزراء اللبناني السابق نجيب ميقاتي، إن السعودية ستمد يد العون للبنان. وأضاف ميقاتي لتلفزيون «إل بي سي» اللبناني من جدة، أن «الملك سلمان شدد على ضرورة المحافظة على لبنان. خطوات سعودية قريباً نحو الدولة اللبنانية».
إلى ذلك، أكدت مصادر دبلوماسية لبنانية رفيعة لـ«الاتحاد» أن لبنان تلقى وعوداً من خادم الحرمين الشريفين بالدعم الاقتصادي والسياسي، وأن رؤساء الحكومات اللبنانية السابقين طلبوا من الملك سلمان بن عبدالعزيز دعم رئيس الوزراء الحالي سعد الحريري، فرد عليهم بأن المملكة تدعم كل ما يخدم لبنان.
وأوضحت المصادر أن الاجتماع الذي جاء بناءً على دعوة رسمية من الحكومة السعودية بحث آخر المستجدات على الساحة اللبنانية في ظل التوترات الإقليمية التي تؤثر على لبنان، خاصة مع تغول «حزب الله» على قرارات الدولة اللبنانية ومواقفها السياسية.
وشددت المصادر على أن الزيارة التي قام بها رؤساء الوزراء السابقون تصب في مصلحة عروبة لبنان وانتشاله من الميل إلى المحور الإيراني بضغط من «حزب الله» الذي يواجه مع قيادته العليا في إيران عقوبات أميركية صارمة، مشيرةً إلى أن دعوة السعودية المسؤولين السابقين الثلاثة تؤكد اهتمامها بالشأن اللبناني، وحرصها على استمرار القيم والمبادئ التي رسخها اتفاق الطائف.
ومن جهتهم، اعتبر خبراء سعوديون، أن لقاء خادم الحرمين الشريفين مع رؤساء الحكومات اللبنانية السابقة وضع النقاط على حروف السياسة اللبنانية، حيث إن الرياض كانت ولا تزال منزعجة من التهجم المستمر عليها من قبل الفريق المؤيد لمحور طهران، في الحكومة اللبنانية، خاصة «حزب الله» الذي لم يلتزم يوماً بمبدأ النأي بالنفس الذي تم التوافق عليه في البيان الوزاري الذي وافق عليه مجلس النواب، ومنح على أساسه الثقة للحكومة.
وقال الخبير الاستراتيجي البروفيسور أحمد بن عبدالله الحمد، إن السعودية رغم وقوفها ومساندتها عبر التاريخ للدولة والشعب اللبناني بكل طوائفه ومكوناته السياسية، إلا أنه شعر بخذلانها وعدم الوقوف إلى جانبها في المواجهة الحالية مع إيران، وميليشياتها في اليمن، والدفاع عن أمنها الوطني، والنظام العربي برمته.
وأوضح الحمد: من المؤكد أن القيادة السعودية سمعت من الجانب اللبناني تفاصيل تطورات الأحداث في الداخل اللبناني وانعكاساته على المحيط الإقليمي والدولي، وفي المقابل أبلغتهم برأيها وموقفها بكل شفافية ووضوح وطمأنت عبرهم الشعب اللبناني بكل طوائفه ومكوناته بأن العلاقات الثنائية ستمضي إلى سابق عهدها لمصلحة البلدين الشقيقين.
ومن جهته، اعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الملك فيصل الدكتور خالد عبدالرحمن الفيفي أن السعودية حريصة على بقاء لبنان في حضنه العربي وألا ينساق إلى المحور الإيراني، كما أنها حريصة على تحصين اتفاق الطائف الذي يتعرض لاهتزاز، بسبب التمدد الإيراني والانكفاء العربي عن لبنان.
وأوضح الفيفي أن القادة اللبنانيين الثلاثة من خلال تصريحاتهم الإعلامية عقب لقائهم الملك سلمان بن عبدالعزيز كانوا يؤكدون أهمية الدور السعودي بما يمثله على المستوى العربي والإسلامي من ثقل، وأن هذا الدور يمثل حاجة وجودية للبنان وليس ترفاً سياسياً.
بدوره، قال فؤاد السنيورة، إن مناقشاته في السعودية كانت مهمة في ضوء دعم اقتصاد لبنان واستقراره ووحدته. وقال السنيورة في مقابلة مع تلفزيون «العربية»، إنهم بحثوا مع العاهل السعودي الملك سلمان أهمية استئناف الدعم السعودي للبنان.