هالة الخياط (أبوظبي)

نجحت الجهود التي تقوم بها إمارة أبوظبي لحماية الأنواع البرية والبحرية المهددة بالانقراض عالمياً في تعزيز مكانة الدولة على خريطة العمل البيئي العالمي، ووضعت العديد من المحميات في الإمارة ضمن التصنيفات العالمية، حيث أضيفت جزيرة بوطينة إلى أهم 20 موقعاً بشبكة المواقع الهامة للسلاحف البحرية في منطقة المحيط الهندي ودول جنوب شرق آسيا التابعة لاتفاقية الأنواع المهاجرة، كما أدرج الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة محمية الوثبة للأراضي الرطبة في أبوظبي على قائمته الخضراء للمناطق المحمية، في إنجاز جديد يضاف للإنجازات العديدة التي حققتها محمية الوثبة التي أصبحت في عام 2013 أول محمية في أبوظبي تُضم لقائمة رامسار للأراضي الرطبة ذات الأهمية العالمية، والذي تلاه انضمام محمية «بو السياييف البحرية» لقائمة محميات الأراضي الرطبة عام 2016، لدورهما في الحفاظ على الموروث الطبيعي للإمارة، والعديد من الأنواع المهددة بالانقراض.
وتجاوزت جهود الإمارة، ممثلةً بهيئة البيئة - أبوظبي، في حمايتها للأنواع وإعادة التوطين للأحياء البرية نطاقها المحلي لتصل إلى العديد من الدول العربية والإفريقية، فضمن «برنامج الشيخ محمد بن زايد لإعادة توطين المها العربي» نجحت الهيئة في إعادة توطين المها العربي الذي كان على حافة الانقراض في مناطق انتشاره الطبيعية بالمنطقة العربية، كما امتدت لتصل إلى وسط أفريقيا، حيث تكللت جهودها بالنجاح في إعادة المها الإفريقي «أبو حراب» إلى موطنه بعد انقراضه التام من البرية.
ونجح «برنامج الشيخ محمد بن زايد لإعادة توطين المها العربي»، الذي يعرف بأنه أحد أنجح برامج المحافظة على الأنواع في العالم، في تغيير مصير أحد أكثر الأنواع شهرة في شبه الجزيرة العربية. واليوم نجحت الهيئة في تحقيق رؤيتها بإيجاد مجموعات طليقة من المها العربي في بيئاتها الطبيعية داخل محميات واسعة ضمن المناطق التي كانت تعيش فيها في السابق، وتكوين قطعان متنامية قادرة على الاعتماد على ذاتها، والتجول بحرية في مواطنها الطبيعية. وساهمت جهود الهيئة المحلية والإقليمية في تحسين حالة المها العربي في القائمة الحمراء للاتحاد العالمي، للحفاظ على الطبيعة من «مهددة بالانقراض» إلى «معرضة للانقراض» في عام 2011، حيث أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة موطناً لأكثر من 10 آلاف رأس من المها العربي، 5000 رأس منها في إمارة أبوظبي.

إطار وطني
وشهد العام الماضي تطبيق الإطار الوطني لمصايد الأسماك واتخاذ تدابير الإدارة الرئيسة على المستوى المحلي، وتم اعتماد قرار حظر الصيد من نوع القرقور والحلاق في مياه إمارة أبوظبي، حيث تعد هذه القرارات الأولى من نوعها في الدولة والمنطقة، بهدف تخفيف ضغوط الصيد الجائر وحماية الأنواع المهددة بالانقراض مثل أبقار البحر والسلاحف، حيث تحتضن إمارة أبوظبي ثاني أكبر مجموعة من أبقار البحر على مستوى العالم، وبينت أن السنوات الخمس المقبلة ستشهد مراجعة لقرارات منع الصيد وتقييم نجاحها في تحقيق الاستدامة للثروة السمكية، وتأثيرها على تعافي المخزون السمكي، والتي على أثرها ستتم إعادة النظر في القرارات، وفتح النشاط مجدداً لمعاودة الصيد تحت شروط معينة.

مراكز للإدارة البيئية
وأعلنت الهيئة أنها بصدد إنشاء مركزين للإدارة البيئية، الأول في المرفأ بمحمية مروح، والثاني في السلع بمحمية الياسات، حيث تم الانتهاء من وضع التصاميم الهندسية، ومن خلالها سيتم تنفيذ العمليات التشغيلية والتفتيشية لإدارة المحميات البرية والبحرية في منطقة الظفرة، وتنفيذ برامج تأهيل الأنواع المهددة بالانقراض في مواقع المحميات، كالسلاحف والطيور وأبقار البحر أو غيرها .
وتمتاز المحميات البحرية في إمارة أبوظبي بوجود أكبر تجمع في العالم لأبقار البحر بعد أستراليا بواقع 2762 رأساً في محمية مروح، بالإضافة إلى وجود أكبر قطيع من الدولفين الهندي، إلى جانب نجاح المحميات البحرية في احتضان السلاحف الخضراء وسلاحف منقار الصقر المهددة بالانقراض، بما يؤكد أهمية المحميات في الحفاظ على الحياة الفطرية.

دراسات
وتشير دراسات هيئة البيئة في أبوظبي إلى أن المحميات في أبوظبي، ممثلة بشبكة زايد للمحميات الطبيعية والتي تضم 19 محمية برية وبحرية، قد ساهمت في تحقيق الاستقرار للكائنات الهامة، مثل السلاحف البحرية وأبقار البحر والمها العربي وزيادة أعداد الطيور، مثل الفلامنجو والحبارى واستقرار البيئات، مثل الشعاب المرجانية والقرم.
وأثبتت الدراسات أن المحميات ساهمت بالحفاظ على الموائل والأنواع البرية والبحرية المهددة بالانقراض، وأن حالتها الصحية جيدة جداً، مقارنة بالأنواع خارج نطاق المحميات، بسبب المهددات المعروفة مثل الرعي الجائر، والأنشطة البشرية الأخرى مثل الاحتطاب والقيادة خارج المسارات المحددة، وتؤكد جميع الاكتشافات المؤخرة لتسجيل أنواع كانت قد انقرضت، أو لم يتم تسجيلها لأكثر من 20 عاماً مثل القط الصحراوي والوشق وغيرها، دليلاً على الدور الذي تلعبه المحميات، كما يستمر اكتشاف أنواع جديدة تسجل للمرة الأولى، محلياً أو عالمياً.
وتمثل شبكة المحميات الطبيعية في أبوظبي حجر الزاوية لجهود المحافظة على النظم البيئية والتراث الطبيعي والثقافي في الإمارة. وتعتبر الشبكة النموذجية ذات الإدارة الفعالة من المحميات الطبيعية البرية والبحرية، من أنجع السبل المتخذة لضمان الاستدامة للتنوع البيولوجي وحمايته من التهديدات المختلفة.
وأوضح أحمد الهاشمي، المدير التنفيذي بالإنابة لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة أبوظبي، أن إمارة أبوظبي تولي الحفاظ على الأنواع البرية والبحرية، محلياً وعالمياً، اهتماماً كبيراً، وتضع الخطط في سبيل توفير الحماية للأنواع، بالإضافة إلى تعزيز برامج الإطلاق للأنواع محلياً وخارجياً، بما يحافظ على الكائنات الحية لأهميتها في استدامة التنوع البيولوجي.

خطة استراتيجية
تعمل الهيئة على تحديث خطتها الاستراتيجية الخمسية القادمة 2021-2026 والتي سيتم من خلالها رفع نسبة تمثيل المحميات فيها، الأمر الذي سينعكس على الخطط الوطنية الخاصة بتأسيس وإدارة المحميات.
وخلال الربع الأول من العام الماضي، أصدر المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي المرسوم الأميري رقم (4) لسنة 2019 بشأن إعلان منطقة الياسات محمية بحرية بمساحة إجمالية قدرها (2256) كيلو متراً مربعاً، والذي ينص على توسعة المحمية لتشمل شبه جزيرة الفزعية والمياه المحيطة بها، ليلغي بذلك المرسوم السابق رقم (33) لسنة 2005، الذي جاء للإعلان عن إنشاء المحمية في المرة الأولى.
وتتولى هيئة البيئة – أبوظبي إدارة محمية الياسات البحرية، التي تشمل بالإضافة إلى شبه جزيرة الفزعية، جزر الياسات الكبرى والصغرى وكرشا وعصام والمياه المحيطة، والتي تعد من المواقع التي تتميز بأهميتها البيئية.

التوسع في مساحة محمية الحبارى
تشهد الفترة المقبلة، الإعلان عن التوسع في مساحة محمية الحبارى التي تأسست لهدف رئيس، وهو حماية المواطن الطبيعية الملائمة لتربية الحبارى، كذلك تحتضن المحمية العديد من الأنواع الحيوانية والنباتية المهمة محلياً وعالمياً، مثل الغزال الرملي والأرنب البري والورل الصحراوي والسحلية شوكية الذيل والقنفذ الصحراوي، بالإضافة إلى عديد من أنواع الزواحف والثدييات الصغيرة، فضلاً عن العديد من الأنواع النباتية الشائعة.