مصطفى عبد العظيم (واشنطن)
أجمع مسؤولون ومستثمرون على أهمية الدور الذي تلعبه الاستثمارات الإماراتية في الخارج في إبراز المكانة العالمية التي تتمتع بها دولة الإمارات العربية المتحدة، والقدرات التنافسية العالية للشركات الإماراتية التي عبرت بعملياتها واستثماراتها حدود الوطن لتسطر قصة نجاح صنعت في الإمارات وانتقلت خارجها لتبهر العالم.
وأكد هؤلاء في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية القوية لدولة الإمارات وانفتاحها الواسع على الاقتصاد العالمي، أسهمت في ترسيخ الثقة بالاستثمارات الإماراتية ليتم الترحيب بها على نطاق واسع من كافة بلدان العالم نظراً للدور التنموي الذي تلعبه هذه الاستثمارات في دفع النمو الاقتصادي وتوفير عشرات الآلاف من فرص العمل في البلدان التي تتواجد بها.
ويُقدر رصيد الاستثمارات الإماراتية المباشرة في الخارج خلال السنوات العشر الماضية، بنحو 100 مليار دولار (367 مليار درهم)، ووفقاً لتقديرات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد» التي صنفت دولة الإمارات في المرتبة التاسعة عشرة عالمياً بين أكبر 20 دولة لديها استثمارات أجنبية مباشرة في الخارج، متوقعة أن تنضم إلى أكبر 10 دول مستثمرة في الخارج في عامي 2019 و2020.
وأشار مسؤولون ومستثمرون شاركوا تحت مظلة وزارة الاقتصاد في قمة «اختر أميركا للاستثمار 2019» إلى أن الاستثمارات الإماراتية في الخارج تشكل إحدى الركائز المهمة في دعم استراتيجية التنويع الاقتصادي التي تنتهجها الدولة والتي أسهمت في تراجع مساهمة القطاعات النفطية في الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 30%.
ولفت المشاركون إلى أهمية مشاركة الشركات الإماراتية بمختلف أحجامها في الفعاليات والمؤتمرات الدولية الخاصة بالاستثمار للتعرف على تطورات مناخ الاستثمار في البلدان المختلفة والفرص الاستثمارية المتاحة لاختيار الأفضل منها، مؤكدين أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة تشكل بوابة مهمة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة للانطلاق نحو العالمية.
وأكد جمال الجروان الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين في الخارج، المكانة المرموقة التي تحظى بها الاستثمارات الإماراتية في مختلف بلدان العالم نظراً للسمعة الطيبة لهذه الاستثمارات، مشيراً إلى أنه لمس عن كثب خلال مشاركته في قمة «استثمر في أميركا 2019»، حرص المسؤولين في الولايات المتحدة الأميركية على استقطاب الاستثمارات الإماراتية إلى مختلف الولايات.
وقال الجروان «إن المشاركة في المؤتمرات والفعاليات الدولية المرتبطة بالترويج للاستثمار تفيد كثيراً الشركات والمستثمرين الباحثين عن فرص استثمارية بالخارج عبر تسهيل التعرف بشكل مباشر على تطورات البيئة الاستثمارية في الأسواق التي يتطلعون للاستثمار بها»، فضلاً عن بناء شبكة علاقات مباشرة مع شركاء الاستثمار المحتملين والمسؤولين المعنيين بالاستثمار في هذه الأسواق.
وأشار الجروان إلى أن الاستثمارات الإماراتية في الخارج شكلت عبر مسيرة تقترب من عقدها الخامس، جسوراً للتنمية والتواصل الإنساني والتعاون بين الشعوب، الأمر الذي جعلها محل تقدير وترحيب واسع من كافة بلدان العالم لاسيما وأنها تتميز بكونها استثمارات طويلة الأمد لدعم اقتصادات الدول التي تعمل فيها.
أنموذج تنموي
وأوضح الجروان أن دولة الإمارات تبوأت مكانة كبيرة كأنموذج اقتصادي تنموي لافت للنظر، يتزايد تأثيره على الساحة الاقتصادية العالمية عبر استثماراته الخارجية، والتي تعد قوة ناعمة للإمارات تنشر بها نموذجها الهادف لجودة حياة الشعوب وتدعم بها حضورها ونفوذها خارج حدودها الجغرافية، خاصة أن الاستثمارات الإماراتية في الخارج لها خصائص وسمات تشتهر بها أبرزها هي الشفافية والوضوح.
كما تتميز بأنها استثمارات داعمة لاقتصادات الدول التي تعمل فيها وليست استثمارات مضاربات أو أموالاً ساخنة تهدف لإفساد الأسواق، كما أنها تراعي الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها بعض الدول وتفضل عدم تحويل أرباحها للإمارات بل تضخها في شرايين الاقتصادات التي تعمل بها.
ولفت الجروان إلى أن الاستثمارات الإماراتية بالخارج تعيش حالياً مرحلة ذهبية، بفضل السمعة الطيبة التي تحظى بها في مختلف الأسواق المتواجدة بها كونها تندرج تحت مفهوم «الاستثمارات المؤثرة» التي تصب في مصلحة الشعوب، ما زاد الطلب العالمي عليها وسعي العديد من البلدان لمد جسور العلاقات الاستثمارية مع الإمارات عبر التواصل مع المؤسسات الاستثمارية الحكومية والخاصة والعائلية في الإمارات لجذب استثماراتهم إلى بلدانهم.
مكانة الدولة
من جهته، أكد الشيخ سلطان النعيمي نائب رئيس مجلس إدارة مدينة عجمان الإعلامية الحرة وعضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عجمان، أهمية الاستثمارات الإماراتية في الخارج في إبراز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة بمختلف المجالات، لافتاً إلى أن مشاركته في قمة «اختر أميركا للاستثمار 2019» هدفت إلى التعرف عن كثب على الوضع الاستثماري والفرص الاستثمارية في السوق الأميركية والاستفادة منها في فتح فرص استثمارية وتجارية للقطاع الخاص في عجمان.
التحديات المتسارعة
بدوره، قال مروان بن جاسم السركال، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق» إن المشاركة في المؤتمرات والفعاليات الدولية الخاصة بالترويج للاستثمار مثل قمة «اختر أميركا للاستثمار» تشكل محطة مهمة للتعرف من جهة على التجارب العالمية الرائدة في الترويج للاستثمار والمزايا والحوافز التي تقدمها هذه الأسواق للمستثمرين، وأيضاً للتعريف بالفرص الاستثمارية المتاحة في مختلف القطاعات في الشارقة أمام المستثمرين الدوليين.
وأضاف السركال «استطاعت الحكومة تحويل التحديات الاقتصادية المتسارعة حول العالم إلى فرص، من خلال بناء جسور متينة من التواصل مع معظم الدول حول العالم، وتعزيز البنية التحتية وزيادة كفاءة بيئة الأعمال، ما أتاح لها الفرصة في تمتين الشراكات مع أكبر الاقتصادات والتكتلات الاقتصادية العالمية ونمو الاستثمارات، وهو ما أظهرته الكثير من التقارير الاقتصادية العالمية، ومنها تقرير الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد» الذي أشار إلى تقدم الدولة ثلاث مراتب في العام 2018 عن ترتيبها في عام 2017 لتحتل المرتبة 27 عالمياً من حيث قدرتها على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
قصة نجاح
بدوره، أكد راشد عبيد سالم الظاهري مدير إدارة الاستراتيجية والمحافظ الاستثمارية في شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» اهتمام الشركة بتوسيع استثماراتها في الأسواق الخارجية لتنقل قصة نجاح صنعت في دولة الإمارات، كونها أول شركة إماراتية تتخصص في قطاع الطاقة المتجددة ونشر الحلول والتقنيات النظيفة على مستوى الإمارات والمنطقة والعالم. وأوضح الظاهري، أن مشاركة مصدر في قمة «اختر أميركا للاستثمار» تأتي في إطار اهتمامها بالبحث عن الفرص الاستثمارية المناسبة في أميركا الشمالية بوجه عام والسوق الأميركي على وجه الخصوص الذي تتواجد به الشركة وتتطلع للتوسع فيه، فضلاً عن التعرف على تطورات المناخ الاستثماري والقوانين والتشريعات الاستثمارية في الولايات المتحدة التي توفر سوق الطاقة المتجددة بها فرصاً تجارية ممتازة على المدى الطويل، إذ تولي الولايات المتحدة اهتماماً كبيراً للطاقة النظيفة.
المقومات والفرص
إلى ذلك، قال صلاح شرف المدير التنفيذي لمجموعة شرف» إن التوجه نحو الاستثمار في الخارج يمنح الشركات الإماراتية الفرصة لتوسيع أعمالها والاستفادة من المقومات والفرص الموجودة في الأسواق المتنوعة مثل سوق الولايات المتحدة للانطلاق منها إلى أسواق العالم المختلفة».
وكشف عن تخطيط المجموعة للاستثمار في السوق الأميركي الذي يعد من الأسواق الواعدة لما يتمتع به من قوة شرائية عالية وارتفاع متوسط دخل الفرد واستحواذه على حصة كبيرة من التجارة العالمية، لافتاً إلى أن الهدف من التواجد في السوق الأميركي هو بناء منصة استثمارية للمجموعة لخدمة التجارة مع القارة الأفريقية.
طموح الشركات
ومن جهته، يلفت الدكتور حمدان السمت الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة كالينتي الإماراتية إلى ضرورة تطلع الشركات الصغيرة والمتوسطة في دولة الإمارات في مرحلة ما إلى التوسع والانتشار والوصول إلى العالمية من خلال طرق أبواب الاستثمار في الخارج والبحث عن الفرص الاستثمارية في الأسواق الديناميكية التي تتمتع بمناخ استثماري جاذب وسوق نشط.
وأضاف السمت- الذي بدأ بمشروعه في دبي قبل عدة سنوات لصنع وتصميم القبعات وبات علامة إماراتية معروفة- أن كثيراً من الشركات الصغيرة والمتوسطة في الدولة لديها إمكانيات كبيرة تؤهلها للانتشار عالمياً ودخول العديد من الأسواق إذا ما وجدت الفرصة لذلك..
الإمارات تتصدر
وأما الدكتور نعيم الجعبري الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة كروس للاستثمار، فيشير إلى محورية الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة والصادرة بوجه عام في تعزيز العلاقات بين الدول المختلفة، خاصة تلك المرتبطة بشراكات اقتصادية وتجارية واستثمارية استراتيجية.
ونوه إلى أنه في الوقت الذي تقوم فيه الدول بزيادة استثماراتها بالخارج فإنها في الوقت ذاته تسعى بصورة أكبر لجذب الاستثمارات الأجنبية إليها من خلال تهيئة بنيتها التشريعية والتحتية لتسهيل قدوم هذه الاستثمارات وهو النموذج الذي تتصدر فيه الإمارات مشهد الاستثمار الأجنبي المباشر بين الدول العربية، حيث تعد من بين الدول الأكثر استقطاباً وتصديراً للاستثمارات الأجنبية في آن واحد.
قواسم مشتركة
وأشار الجعبري إلى أن عدداً كبيراً من المحافظ الاستثمارية في أميركا أبدت في الوقت ذاته اهتماماً ملحوظاً بالاستثمار في الإمارات ما يعكس رغبة المستثمرين في البلدين بالاستفادة من المقومات والفرص الاستثمارية المتوفرة في البلدين، نظراً لوجود قواسم مشتركة عديدة تتعلق بسهولة ممارسة الأعمال وكفاءة البيئة الاستثمارية والنفاذ السريع إلى عدد كبير من الأسواق المجاورة.
آفاق جديدة
من جانبه، قال رجل الأعمال الإماراتي، عبيد بن طوق «إن الاستثمارات الإماراتية في الخارج تشكل محوراً مهماً في استراتيجية دولة الإمارات لتنويع القاعدة الاقتصادية وتعزيز المكانة العالمية للدولة»، مشيراً إلى أن انضمام الدولة إلى قائمة أكبر 20 وجهة مصدرة للاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال العام الماضي وفقاً للأونكتاد، يؤكد نجاح النهج الذي رسمته القيادة الحكيمة لدولة الإمارات لتنويع اقتصادنا الوطني وإبراز القدرات والإمكانيات الكبيرة لشركاتنا الوطنية على الساحة العالمية.
أداة مهمة
بدوره، أكد فؤاد كريشان المدير الشريك في شركة «أف كيه للاستشارات والتدقيق»، أهمية الاستثمارات الخارجية المباشرة للدولة كونها تشكل أداة مهمة تعكس قوة ومتانة استقرار الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى ضرورة قيام الشركات الراغبة بالاستثمار في الخارج بالتعرف على الأوضاع الضريبية الموجودة في الوجهة التي تتطلع للاستثمار فيها ودراستها قبل اتخاذ قرار الاستثمار.