يتفق معظم الخبراء والمتخصصين في قضايا المناخ على أن تراجع (خط الثلج الدائم) إلى الشمال بسبب احترار الأرض، يعدّ من أسوأ تداعيات ظاهرة التغير المناخي· ويعرف هذا الخط بأنه يمثل أدنى ارتفاع فوق الجبال لا تزول من فوقه الثلوج على مدار العام· وبسبب الارتفاع المتواصل والمتسارع في معدل درجة حرارة الأرض، تراجع هذا الخط إلى الشمال مما أدى إلى كشف مساحات شاسعة من منحدرات التزلّج الشهيرة في أوروبا، وأصاب صناعة السياحة الثلجية فيها بكارثة حقيقة· ويتناول المحلل مارك شامبيون هذه الظاهرة في تقرير نشرته صحيفة (ذي وول ستريت جورنال) أول أمس الأربعاء ويشير إلى أن أصحاب المنتجعات السياحية الثلجية على طول منحدرات جبال الألب، يتسابقون الآن لتركيب الآلات المتخصصة بتحويل الماء إلى ثلج قابل للقذف بواسطة (مدافع) خاصة نحو المنحدرات العارية من الثلج الطبيعي في محاولة لإعادة استقطاب ملايين السيّاح من هواة التزلّج· ويأتي هذا الإجراء بعد أن تراجع معدل تساقط الثلوج في شمال أوروبا بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة وللدرجة التي أجبرت أصحاب منتجعات التزلج على اللجوء إلى هذا الحل· وأصبحت الإعلانات التي تنشرها هذه المنتجعات تتضمن عبارات جديدة مثل (نضمن لكم سماكة كافية من ثلوج التزلّج)؛ وهي العبارات الترويجية التي لم تكن هناك ثمة حاجة لها قبل بضع سنوات فحسب· ويقول شامبيون إنه إذا كانت مثل هذه العروض والفرص الجديدة تنسجم مع أمزجة هواة التزلّج، إلا أنها تخلق مشكلة كبيرة في مخزون المياه المخصصة للاستخدامات المدنية· وتستهلك (مدافع الثلج) كميات ضخمة من المياه؛ ففي مدينة (دافوس) السويسرية التي ينعقد فيها المنتدى الاقتصادي العالمي، تستهلك هذه المدافع نحو 35% من مجمل المخزون المائي لهذه المدينة الصغيرة التي تضطجع على منحدرات جبال الألب السامقة، وفقاً لدراسة أنجزها خبراء (المعهد الفيدرالي السويسري لبحوث الثلج والانهيارات الثلجية) تهدف إلى تحديد الاستهلاك الحقيقي للمدافع الثلجية من الماء· وقال مسؤولون في المدينة إن أصحاب منتجعات التزلّج اشتروا 16 مدفعاً جديداً للثلج لتغطية حاجات قطاع السياحة في الموسم الشتوي الجاري· وتنتشر منتجعات التزلّج السويسرية على ارتفاعات شاهقة من منحدرات جبال الألب؛ وتعتمد القرى والحواضر هناك بشكل أساسي على الثلج المتساقط في المواسم الشتوية لتنشيط منشآتها السياحية؛ إلا أن الثلوج بدأت تشحّ من موسم لآخر حتى لم يبق منها إلا بضع مسطحات متناثرة هنا وهناك· ولم يكن هناك بدّ من استخدام مدافع الثلج التي أصبحت تسهم في تغطية 19% من منحدرات التزلّج الشهيرة في سويسرا· ويستخدم أصحاب منتجعات التزلّج في النمسا أعداداً أكبر من مدافع الثلج؛ وهي تغطي 50% من المنحدرات العارية فيما تبلغ هذه النسبة 100% في منحدرات التزلج الإيطالية التي أصبحت تخلو تماماً من طبقات الثلج الصالحة لممارسة هذه الهواية· وأظهرت دراسة حديثة أن آلات صناعة الثلج في جبال الألب الأوروبية أصبحت تستهلك من الماء سنوياً بقدر مجمل استهلاك مدينة فيينا التي يبلغ عدد سكانها 1,7 مليون نسمة· وكانت من تداعيات استخدام هذه الآلات أن أصبحت بعض القرى الألبية في النمسا وسويسرا وإيطاليا تنتظر عربات المطافئ لتحصل منها على مياه تصلح للشرب والاستخدام المنزلي·