الخوذة تصلح ما تشوَّه من رأس الرضيع
ترجمة وإعداد-هالة دروج:
كان الطفل خافيير في شهره الثاني عندما بدأت والدته تتساءل عما إذا كان شكل رأسه طبيعيا· ومع المراقبة والتمحيص تبين أن هناك مساحة مسطحة في القسم الخلفي الأيمن من الرأس، ونتوءا في الجبين، وعدم تناظر في وضعية الأذنين· وهكذا بدأت معركة والديه ضد هذا التشوه في الرأس· قد تتطلب بعض الحالات القليلة جدا من التشوه التدخل الجراحي عندما تكون ناجمة عن تشوهات ولادية في عظام الجمجمة· لكنها في غالب الأحيان تأتي نتيجة اعتماد الطفل لوضع معين في الاستلقاء والنوم وهي لا تكون ذات تأثير على صحته· ولكن حتى في الحالات البسيطة التي لا تثير أي قلق يكون تصحيح الخطأ ممكنا وسهلا عن طريق اتخاذ عدد من الإجراءات البسيطة· في معظم الأحيان يأتي التقويم طبيعيا مع تغير حركة الطفل والوضعيات التي يتخذها أثناء النوم· ويلاحظ أن الأطفال التوائم يكونون عادة أكثر عرضة للإصابة بتشوهات شكل الرأس لأنهم يتعرضون لمشاكل أكثر من ضيق المكان في الرحم والولادة المبكرة وغالبا ما يمضون فترات متفاوتة في الحاضنات· وبالرغم من الاهتمام بمسألة تقويم شكل الرأس إلا أنه لا توجد هناك أي معلومات عن إذا ما كان لهذا الأمر أي تأثير على الصحة العصبية أو على تطور الطفل·
الخوذة علاج
من العلاجات الحديثة المتوفرة هناك الخوذة التي توضع على الرأس بشكل مستمر لمدة ستة أشهر لتقويم جمجمة الطفل· تم تطوير هذه الخوذة من قبل سترلينغ كلارن في مستشفى الأطفال ومركز الطب الإقليمي في ولاية سياتل الأميركية· وبدأ كلارن يستخدم الخوذة عند الأطفال بعد الجراحات التي تجرى لإصلاح الخلل الكبير في شكل الرأس الناجم عن انسداد دروز الجمجمة المبكر (craniosynostosis). تثير هذه الطريقة الكثير من الجدل لأنها تسبب إزعاجا للطفل ولذلك غالبا ما يواجه الأهل والأطباء خيارين، فإما أن يحملوا الطفل على تحمل المعاناة لمدة ستة شهور وإما أن يتركوا رأسه على ما هو عليه·
لكن الأطباء لاحظوا زيادة حالات التشوه غير المرضية في رؤوس الأطفال في أميركا منذ عام 1992 بأكثر من أربعين ضعفا وذلك بعد أن أطلقت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال برنامجها الخاص بالترويج لاتخاذ وضع الاستلقاء على الظهر لنوم الرضع لحمايتهم من متلازمة الموت المفاجئ
(Sudden Infant Death Syndrome). وقد أثبتت الحملة نجاحا كبيرا إذ انخفضت وفيات الأطفال نتيجة هذه المتلازمة بنسبة 40% لكن مقابل ذلك زادت نسبة تشوهات الرأس·
فدماغ الطفل ينمو خلال الأشهر الستة الأولى وهذا ما يؤدي الى توسع الجمجمة التي تأويه· فعندما يوضع الطفل على ظهره بشكل دائم يصبح شكل رأسه شبيها ببالون مليء بالماء موضوع على سطح طاولة·
وهذا ما حدث مع خافيير الذي ولد بوزن يزيد عن خمسة كيلوجرامات وكان يتخذ دائما وضعية الاستلقاء على الظهر مع إدارة رأسه نحو اليمين· فقد أدى ذلك إلى تسطح في القسم السفلي الأيمن من الرأس بالإضافة إلى حدوث حدوث قصر في طول العضلة اليسارية في الرقبة وهذا ما ولد لديه مشكلة في حركة دوران الرأس· لحل المشكلة اقترح الأطباء اتباع العلاج الفيزيائي للقضاء على الصعوبة في التلفت في الوقت الذي أكدوا أن الطفل يمكنه أن يتخلص من تشوه شكل الرأس مع السنين· وخضع خافيير لجلسات العلاج الفيزيائي المؤلمة على مدى ستة أشهر ومارس والداه التمارين معه في المنزل لكن بعد انتهاء المدة المحددة للعلاج تبين أنه لم يكن فعالا·
وهنا فكر والدا خافيير باللجوء إلى خيار الخوذة التي تثير الكثير من الجدل في الأوساط الطبية· فإحدى الدراسات تشير إلى أن طريقة تغيير وضعيات النوم تكون على نفس مستوى فعالية استخدام الخوذة في الحالات البسيطة والمتوسطة· في حين تشير دراسة أخرى إلى أن الخوذة والأجهزة الميكانيكية الأخرى تكون أكثر تأثيرا· وكانت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال قد نشرت تقريرا تشير فيه إلى فائدة الخوذة في الحالات التي لا تجدي فيه الطرق الأخرى نفعا·
في حال التفكير في استخدام الخوذة يحتاج الأمر إلى إعداد قالب من الجص لشكل الرأس وهي العملية التي تزعج الطفل بعض الشيء· بعد ذلك تجرى عمليات النحت على القالب لتحويله إلى الشكل الطبيعي المدور ويتم ذلك في ورشه أشبه بورشات النجارة حيث يمتلئ المكان بأدوات من مفكات ومطارق ومجموعات لحام وعزقات وغيرها· ثم توضع طبقة من البلاستيك السميك شبيهة بلوح التقطيع على قالب الجص ويوضعان معا في فرن كبير· يذوب البلاستيك فوق القالب ويأخذ شكله متحولا إلى قالب بلاستيكي شفاف مناسب لحالة التشوه التي تحتاج العلاج·
بعد ذلك توضع الخوذة على رأس الطفل الذي يحاول نزعها في البداية لكنه سرعان ما يعتاد عليها فتظل ملازمة له على مدار الساعة باستثناء وقت الحمام حيث تنزع لتنظف وتعقم قبل أن يعاد وضعها على الرأس· وإضافة إلى فائدتها في تحسين شكل الرأس تساعد الخوذة أيضا في حماية رأس الطفل من العثرات التي يتعرض لها والاصطدام بحواف الطاولات والأثاث التي تسبب له في الحالات العادية الرضوض والجروح·
بعد ستة أشهر من استخدام هذه الطريقة توجه والدا خافيير الى الطبيب الذي أجرى قياسات لأبعاد الرأس ووجد تحسنا كبيرا في شكله فطلب من الزوجين إزالة الخوذة· وكانت تلك أيضا مرحلة تحول بالنسبة إلى الطفل الذي احتاج إلى بعض الوقت للاعتياد على الحركة والنوم بدونها·
تدابير الشعوب
ويلاحظ أن محاولة إصلاح شكل الرأس أمر تمارسه الكثير من الشعوب· ففي الهند تعد الأمهات وسائد خاصة من الأقمشة والمناشف للحيلولة دون تسطح الرأس عند الطفل· كما تلاحظ ممارسات مماثلة في الحضارات القديمة إذ كان المصريون القدماء مثلا يحاولون إطالة شكل الرأس وهذا يبدو واضحا في شكل رأس نفرتيتي مثلا· ويؤكد أطباء الأطفال أن هناك بعض الطرق التي يمكن للأهل فيها الحد من حدوث تشوه لشكل رأس طفلهم منها:
الاهتمام بفترات لعبه وهو مستلق على بطنه مع مراعاة التواجد معه لمراقبته· فهذه الوضعية تقوي عضلات الرقبة نتيجة لمحاولات الطفل المستمرة لرفع الرأس·
تحديد فترات قصيرة لإبقاء الطفل في المقعد الخاص بالسيارة
تجنب تركه لفترات طويلة في الكرسي الهزاز أو الأرجوحة·
تحديد الوقت الذي يمضيه الطفل مستلقيا على ظهره·
محاولة الحفاظ على وضعه الجانبي أثناء النوم ومراعاة مراقبته أثناء النوم في وضعية الاستلقاء على البطن·
التغيير في وضعيات استلقاء الطفل لمنعه من إدارة رأسه باتجاه واحد وهذا يؤثر على شكل الرأس·
يمكن الاستعانة بوضع مناشف ملفوفة حول رأس الطفل لتقويم شكله وذلك بالطريقة المناسبة لحالته·
المصدر: 0